حلم ظل يراوده ولكن انطفأ عندما شعر بأن هناك نهاية مؤلمة تجسدت أمامه فهزت كيانه ورحلت كل المعاني الجميلة التي اختزنها في ذهنه فجعلته أسيراً لأفكاره، أعطته نشوة راحت تجره نحو الجمال، ولكن تعثر وتحطمت مجاديفه ولم يعد هناك أمل. يناديه صوت من داخله: عليك بالخروج من دائرة الأحلام لأن الحياة لا تظل على حالها.. لا بد أن توجد هناك عواصف ورياح تقتلع الزهور بأنواعها وأشكالها.. تصمد أخرى وتنهار أخرى، ولكن هل ما زال الحلم بعيداً؟ إني لا أمتلك شيئاً مميزاً عن البقية. هذا هو الواقع، أصبحت أغرق في بحر التمنيات، سوف أرحل إلى عالم أكون فيه وحدي أصارع فيه كل شيء حولي، عندها سوف أشعر بأنني حققت كياني، نعم لأن من أصارعه لا يملك ما أملك، بقوتي سوف أسحقه كي أجسد شجاعتي التي فقدتها في مواجهة البشر، لا يستطيع أحد أن ينازعني، كل شيء طوع أمري، أشعر بالصمت والسكون يخيم على ما يحيط بي خوفا من سطوتي، لا أستخدم غير سلاحي أحمله فوق كتفي عندما أسير في تلك الغابة، إنه لغتي التي أتحدث بها مع من يعيش فيها، أطبق القانون الذي أريد وحسب ما تقتضيه حاجتي أن أعيش بينها، لا تعرف إلا منطق القوة، من يكون قويا هو الذي سوف يحكم، يغيب عنها معنى الحوار والتفاهم، في أدنى لحظات الغفلة تكون نهايتك، لن يعطوك مجالاً للتفكير أو العفو فخير لك أن تبقى في حذر. كل شيء غاية في الوضوح، لا يوجد هناك خداع واحتيال، كذب ونفاق، حقد وكره واستغلال الأمور كلها بينه. لقد عانيت كثيراً من أن أعيش وسط البشر الذين قضوا عليّ، جردوني من المعاني التي بحثت عنها، حاولت بكل استطاعتي المقاومة، لكنني في كل مرة أفشل، عندما رسمت المثاليات قالوا إن تعش في الأحلام خير لك من أن تنجرف مع التيار، إذا أردت أن تكمل بقية حياتك. دع مطالبك تأتي كيفما تشاء وإن كانت على حساب الآخرين، لن تستطيع أن تغير شيئاً، إنه في إصرارك وتصميمك على التمسك بأفكارك سوف تظل في صراع لن ينتهي وتخسر عمرك، وفي النهاية تقتنع بأن الحياة لن تسير حسبما تريد؛ لذلك فضلت الابتعاد وتخليت عن كل المبادئ التي وضعتها لنفسي، واخترت غابة الحيوانات حيث مكثت فيها تكتنفني العظمة وحب الذات، لأنني أنا صاحب النفوذ وحدي بعيداً عن البشر.
عبد الله سليمان الطليان |