قالوا ما يبكيك؟ قلت: يبكيني رحيل ملك من أعظم الملوك، ورجل من أندر الرجال، هو فهد بن عبد العزيز مؤسس الدولة العصرية السعودية بكل مقومات الحضارة الإنسانية، لقد مات صاحب القلب الكبير الذي كان يحتضن ذوي الاحتياجات الخاصة بكل الحب والتقدير.. لقد كان الداعم الأكبر لمشروعاتهم التي ترفع من شأنهم. وها هي مطابع خادم الحرمين الشريفين لطباعة القرآن الكريم بطريقة برايل للمكفوفين تنطق بكل أشكال الدعم المادية والمعنوية من لدنه - رحمه الله - وها هم المعوقون سمعياً تفيض أعينهم من الدمع حزناً على رحيل من أتاح لهم الفرصة لأول مرة لإكمال دراساتهم بمؤسسات التعليم العالي، وتنبض قلوبهم بالدعاء له ان يرحمه الله ويحسن مثواه. وما مشروع من المشاريع التي تعود بالخير والنفع على ذوي الاحتياجات الخاصة إلا وكان وراءها مليكنا الراحل فهد بن عبد العزيز. وما لي لا أبكي، والقلم يسيل دموعاً أمامي، وحق له ان يبكي، إذ كان بالأمس يسطر له - رحمه الله - أرق الكلمات وأخلص الدعوات على ما يقدمه من دعم ورعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، ثم ينكب الآن القلم على الورق يسطر بدموعه السوداء نعي ورثاء رجل الإحسان والعطاء. أيها الراحل العظيم.. أنعم قرير العين في مثواك الأخير، فحسبك أنك رفعت علم المملكة عالياً خفاقاً بين الأمم وأصبحت في عهدك لها ثقل سياسي واقتصادي وثقافي وتربوي، تنافس به كثيراً من دول العالم المتقدم. فيا أيتها الأسرة الملكية الكريمة، ويا شعب السعودية الكريم.. أحسن الله عزاءكم في مصابنا الجلل، الذي لا نملك له من الله شيئاً إلا أن ندعو سبحانه وتعالى ان يسكنه فسيح جناته جنات النعيم، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.. {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً {28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتِي {28}} سورة الفجر. صدق الله العظيم. ولعل ما يخفف عنا فداحة الخسارة ان يتولى أمانة الحكم الملك عبد الله بن عبد العزيز - أطال الله عمره - وهو المشهود له بالحكمة والحنكة، فكان الساعد الأيمن لأخيه الراحل العظيم فهد بن عبد العزيز، وسنده - بعد الله - في إقامة دولتنا العصرية القوية بكل أبعادها الحضارية وفي دعم ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة أشكال الدعم والرعاية، ومن ذلك رئاسته للمجلس الأعلى لشؤون المعوقين، ورئاسته - حفظه الله - لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، ورعايته - رعاه الله - كثيرا من المؤتمرات والندوات الدولية التي تعقد على أرض المملكة العربية السعودية، بهدف الارتقاء بمستوى الرعاية والخدمات التي تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة تربويا، وتعليمياً، وتأهيلياً، وغير ذلك من الخدمات. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وشد أزره بأخيه وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، صاحب اليد الطولى في المشاريع الخيرية والإنسانية والرعوية للمعوقين، ووفقهما لتحمل أمانة المسئولية بنفس الكفاءة والاقتدار اللتين كانا يشاركان بها أخاهما الراحل فهد بن عبد العزيز، رحمه الله وجعل الجنة مثواه.
(*)المشرف العام على التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم |