انتقل إلى رحمة الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود صباح يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق 1 أغسطس 2005م بعد حكم المملكة مدة 24 سنة، كان خلالها -رحمه الله- قائد مسيرة التنمية وبناء التجهيزات الأساسية في مجالات التعليم من خلال فتح المزيد من المدارس والجامعات السعودية وقيام الصناعات السعودية في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين وإعادة توسيع الحرمين الشريفين، وإقامة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، واصدار النظام الأساسي للحكم عام 1412هـ، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق، ونظام مجلس الوزراء سنة 1414هـ، وتوسيع المواصلات والاتصالات وبدء برنامج الخصخصة لدعم التنمية الاقتصادية، وتوسيع المستشفيات والخدمات الصحية، وتطوير القوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي. هذه أبرز انجازات الملك فهد -رحمه الله- في المجال الداخلي. أما في المجال الخارجي فكان له الدور البارز في دعم القضية الفلسطينية وتقديم مبادرة السلام التي عرفت باسمه، وكان له دور بارز في اتفاقية الطائف عام 1989م التي أخرجت الميثاق الوطني اللبناني في حل النزاع الداخلي اللبناني وإعادة تعمير لبنان، والمساهمة في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعم مسيرته وتوقيع اتفاقية الحدود بين المملكة العربية السعودية وجمهورية اليمن، وقبلها عقد اتفاقيات الحدود مع الجمهورية العراقية وسلطنة عمان وبقية دول الخليج العربية، وبناء جسر الخليج بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، ومواقف المملكة في هيئة الأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي لدعم السلام العالمي. وكان له دور قيادي بارز في إدارة أزمة وحرب تحرير الكويت من الاعتداء العراقي الغاشم في عهد صدام حسين سنة 1991م. وهذه الأعمال الجليلة في الداخل والخارج جعلت خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- في مصاف قادة الدول العربية والإسلامية وأعطى المملكة في عهده مكانة بارزة مرموقة في العالم فجزاه الله عن الأمة خير الجزاء وأدخله فسيح جناته. وفي نفس التاريخ بويع ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز ملكاً على البلاد وعين الأمير سلطان ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء. وفي الوقت الذي نودع فيه خادم الحرمين الشريفين وندعو له بالرحمة والمغفرة نجد في الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد خير خلف لخير سلف لما عرف عنهما من حكمة وروية حيث عرفا بمواقفهما المشرفة لمساندة المغفور له إن شاء الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في إدارة الحكم وما ينتظر أن يقوما به من إكمال المسيرة للتنمية في المملكة وتعزيز التعاون الخليجي والعربي والإسلامي وما ينتظرهما من مستقبل مشرق وتحديات كبيرة. وما يعزز الوحدة الوطنية هو الانتقال السلمي للسلطة وهو الحال الذي يتميز به الحكم في السعودية حيث إنها مبنية على أسس شرعية والنظام الأساسي للحكم التي أرسى دعائمه الملك الوالد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله باصدار التعليمات الأساسية للحكم ودعمها الملك فهد باصدار النظام الأساسي للحكم الذي يحدد كيفية انتقال السلطة من السلف إلى الخلف، وهذا ما تم بالفعل. وندعو للملك فهد بالمغفرة والرحمة والملك عبد الله والأمير سلطان بدوام الصحة والعافية والتوفيق والسداد.
د. يوسف بن إبراهيم السلوم عضو مجلس الشورى السابق |