لسنا ضد النقد الموضوعي المتجرد من الهوى، والذي يفضي إلى اطلاع من يعنيه أمره على عيوبه وجوانب القصور فيه، ضمن أدوات وآليات الإصلاح الذي ينشده ويتطلع إليه كل منا.. وما من أحد عارض مثل هذا النوع من النقد، وهو يعلم يقيناً بأنه يقود إلى البناء والخير والحب والتسامح، إلا وعُدَّ خارج السياق الموضوعي للنظرة السليمة والصحيحة للأشياء.. وفي هذا الإطار.. ومن منطلق الشعور بالأسى والمرارة والألم، كلما رأينا كاتباً ينزلق عن مثل هذه الثوابت، ويرتمي في أحضان ما يخالفها، كتبنا ما كتبناه في هذه الحلقات التي تتواصل عن محمد حسنين هيكل.. وفي هذا الإطار أيضاً.. وعلى خلفية ما قاله الرجل في حواره مع (قناة الجزيرة القطرية) من مغالطات وأكاذيب لا يصدقها ولا يقبل بها بل وينبذها ويتألم المرء لحال قائلها، يضطرنا الموقف إلى كشف مناورات ما اعتقد (هيكل) أنه كلام صحيح وموثق ولا يشوبه أدنى شك.. لقد ظل محمد حسنين هيكل يعطي اشارات من حين لآخر، تنوعت بين مقال صحفي أو لقاء متلفز أو كتاب يؤلفه، وفيها يشم الإنسان السوي رائحة الكراهية للمملكة، بما لا يغيب ذلك عن فطنة ولا عن ذكاء من يملك ملكة القدرة على تفسير الأمور وتسمية الأشياء بأسمائها.. وهذا - بلا شك- أسلوب مكروه.. وتقصد خبيث .. وتعامل غير حضاري وغير مقبول.. وهو ما يعني أن على الرجل أن يعيد حساباته وقراءة مواقفه من جديد.. وإن ما يكتبه (صاحبنا) أو يتحدث به وعنه، وإن استند -كما يقول- على ما يسميها (وثائق) وهي غير ذلك بالتأكيد، فهو يشوهها بتحليلاته، ويسيء إليها بتوظيفها للوصول إلى أهدافه ومراميه ومقاصده في النيل والإساءة إلى القيادات العربية الشريفة.. مع أن وثائقه المنتقاة والتي تفتقر إلى المصداقية، وليس لها ذلك التوثيق المطمأن إليه، والذي يأتي ضمن أولويات اهتمام المؤرخين والدارسين، في مقابل آلاف الوثائق (الموثقة) و (المنصفة) التي يتعمد (هيكل) أن يتجاهلها، مع وفرتها وسهولة الوصول إليها في مراكز البحث ودور النشر والمكتبات الرئيسية على امتداد دول العالم.. وصحفي وكاتب مثل هيكل، كنا نظن وهو في (خريف العمر) أنه سيعيد النظر في كثير من آرائه للتكفير عن اساءاته السابقة للآخرين، فإذا به يجد في (قناة الجزيرة) مرتعاً خصباً وفرصة مشجعة لتذكير الجيل الجديد بما يجهله عن مواقفه، مردداً نفس الأفكار ونفس الآراء، ومن غير أن يبالي بالتاريخ الذي لا يرحم.. ونحن نعلم أن التاريخ لا يكتبه إلا النزهاء، ولا يتصدى لأحداثه إلا أولئك المنصفون، وتبعاً لذلك فهناك أصحاب هوى وأدعياء، وهناك أصحاب مصالح، ومن لهم أهداف وغايات، فأين موقع (هيكل) بين هؤلاء، كل هؤلاء؟!.
وغداً نواصل الحديث |