Tuesday 19th July,200511982العددالثلاثاء 13 ,جمادى الثانية 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

وسط غياب عربي تجاه التطورات بين البلدينوسط غياب عربي تجاه التطورات بين البلدين
العلاقات بين الصين وإسرائيل من عداء علني إلى صداقة حميمة

* كتب - أحمد أبا الخيل:
ثمة حكمة شهيرة في العلاقات الدولية تقول: إنه لا توجد صداقات أوعداءات دائمة، وإنما توجد مصالح دائمة.. ويمكن من خلال هذه الحكمة النظر إلى العلاقات الصينية الإسرائيلية.
فقد انتهى الخصام العلني بين البلدين طوال أربعين عاماً إلى إعلان العلاقات الدبلوماسية رسمياً في الرابع والعشرين من شهر يناير عام 1992م.. ففي ذلك اليوم قام وزير الخارجية الإسٍرائيلي ديفيد ليفي بزيارة للجمهورية الصينية وقّع خلالها مع نظيره الصيني كيان كي تشن اتفاقاً ينص على إقامة علاقات دبلوماسية بين بلديهما على مستوى السفراء.. وفي شهر أغسطس من عام 1994م افتتحت إسرائيل قنصلية لها في شنغهاي.
وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت أول دولة شرق أوسطية تعترف بالصين الشعبية في عام 1950م، فإن الصين لم تبادلها الاعتراف إلا في عام 1992م، كون الصين تمسكت بالتعاطف العلني مع القضايا العربية.. فقد أيدت الصين الموقف العربي في صراعه مع الدولة اليهودية في كل الحروب المندلعة بين الطرفين، بل إنها دانت قرار مجلس الأمن 242 واعتبرته نتيجة صفقة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ومنذ يناير 1992م شهدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تطوراً ملموساً على جميع الأصعدة، ولا سيما الصعيد العسكري، وهو الأمر الذي يثير قلق أمريكا، مما دفعها إلى أن تطلب من إسرائيل تفاصيل كاملة عن مبيعاتها العسكرية للصين.. وكان المتحدث باسم البنتاغون براين وايتمان قال أواخر يونيو الماضي إن هذه القضية تبحث مع تل أبيب.
وقد تفاقم الخلاف بين الدولتين بسبب صفقة لتطوير طائرات (هاري كيلر) التي تحلق دون طيار كانت إسرائيل باعتها للصين.. وقد قالت صحيفة هارتس الإسرائيلية: إن واشنطن علقت تعاونها مع القوات الجوية الإسرائيلية في مشروع مشترك لتطوير طائرة (جوينت سترايك فايتر) الجديدة وغيرها من المعدات العسكرية التي تستعملها القوات البرية.. وقد أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم عن أسفه لأن إسرائيل أضرت بالمصالح الأمريكية بسبب تعاونها العسكري مع الصين.. ومع ذلك فقد عبر عن ارتياحه مما وصفه بالتحسن الهائل في العلاقات الصينية الإسرائيلية.
ويبدو أن إسرائيل لا تأبه كثيرا بالقلق الأمريكي كونها ترى أن مصلحتها بعيدة المدى تكمن في توثيق علاقاتها مع الصين التي يراها المراقبون أنها قوة عظمى قادمة بقوة. وهذا يتماشى مع السياسة الإسرائيلية القائمة على الاعتماد الطفيلي على القوى الكبرى في ضمان استمرارها.
ومما يؤكد عدم الاكتراث الإسرائيلي بالقلق الأمريكي أنه في زيارة وزير الخارجية الصيني لي جاو شينغ لإسرائيل مؤخرا أعلن البلدان عن نيتهما مضاعفة حجم التبادل التجاري بينهما ليصل إلى خمسة مليارات دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
إضافة إلى توقيع مزيد من الاتفاقيات العسكرية، أهمها المضي قدماً بتنفيذ صفقة طائرات هجومية إسرائيلية جديدة من نوع هارفي المزودة بأجهزة رادار متطورة.. وقد جعلت هذه الاتفاقيات من إسرائيل ثاني أكبر مصدر للأسلحة للصين بعد روسيا.. كما لم تأبه الحكومة الإسرائيلية بطلب الحكومة الأمريكية إقالة كبار موظفي وزارة الدفاع عاموس يارون المدير العام للوزارة ونائبه يحئيل حوريب ومسؤول المشتروات كوتي مور.
ويمكن فهم الرغبة الإسرائيلية الملحة في تطوير علاقاتها بالصين من خلال النظر إلى أهمية فتح السوق الصينية الهائلة الحجم أمام الشركات الإسرائيلية ولا سيما الشركات المتخصصة في الصناعات العسكرية والتي يعمل فيها 14 ألف موظف تحرص إسرائيل بطبيعة الحال على بقائهم في أعمالهم.. كما تهتم الشركات المتخصصة في الإليكترونيات بالسوق الصينية، ويتضح ذلك في رغبة هذه الشركات في إنشاء شبكة متقدمة للإنترنت في الصين.. وقد افتتحت شركات إسرائيلية فروعاً لها هناك كشركة (فيرتكس)، ويتوقع لشركات مثل (بنتاجو) و(جيزا) أن تخطو الخطوة ذاتها.. ويزيد عدد الشركات الإسرائيلية التي تستثمر في الصين على 100 شركة، وتبلغ استثماراتها أكثر من 200 مليون دولار.. وتبلغ نسبة الصادرات في مجال تقنية المعلومات 64% من مجمل الصادرات الإسرائيلية للصين.. كما تهتم إسرائيل في تعاونها مع الصين في مجالات أخرى كالزراعة والطب والاتصالات والأغذية.. وانطلاقاً من هذا التعاون، فقد تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين 13 ضعفا مقارنة بعام 1992م ويزداد بمعدل 30% سنوياً.. وعلى الصعيد السياسي تحرص إسرائيل على إقامة علاقات دبلوماسية مع أكبر عدد ممكن الدول ولا سيما الدول المؤثرة في المجتمع الدولي لفك أي عزلة تفرضها الدول العربية عليها.
من جهة ثانية، تحرص الصين على الاستفادة من التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية المتطورة، وإفادة الصناعة العسكرية الصينية بها. وهذا ما تخشاه أمريكا كما سبق ذكره، ولا سيما أن التعاون بين الصين وإسرائيل قد يعمل على نقل التكنولوجيا العسكرية الأمريكية، مما يؤثر سلباً في مصالح أمريكا في آسيا، وفي العالم بشكل عام مستقبلا. كما تهتم الصين التي تعاني من فائض إنتاج كبير بفتح أسواق جديدة لمنتجاتها وبالتالي قطع الطريق أمام أي كساد اقتصادي محتمل في الصين.. كذلك تضمن العلاقات الطيبة بين البلدين استمرار 20 ألف صيني يعملون داخل إسرائيل في أعمالهم، ولا سيما أنهم يحولون نحو 330 مليون دولار سنوياً لبلادهم. وعلى الصعيد السياسي ترغب الصين في لعب دور أكبر في الشرق الأوسط الأمر الذي يعطي لمكانتها السياسية الدولية زخما أكبر يتناسب مع حجمها الاقتصادي.
ويجدر بالذكر أنه ينبغي على الدول العربية أن تعزز من علاقاتها بالصين على جميع الأصعدة، حتى تضمن استمرار التعاطف الصيني مع القضايا العربية، ولا تدع الساحة الصينية مفتوحة لإسرائيل وحدها كي تسخر هذه العلاقات لمصلحتها على حساب المصالح العربية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved