* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي - طارق محيي: 1- د. محمد الرميحي المفكر الكويتي المعروف والأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب بالكويت الأستاذ هيكل يريد له تلاميذه، لأسباب عدة، أن يكون كاتبا ليس له شهوات. وعدم قبول النقد تحول إلى شيء من الإرهاب من قبل التلاميذ، أكاد أضيفه لأنواع الإرهاب المعروفة بيننا اليوم، وهو (الإرهاب الهيكلي) ، ذلك الإرهاب الذي جعل من أعمال كاتب مثل الأستاذ حلمي النمنم تقابل بعاصفة من النقد والتجريح لأنه تجرأ ونقد كتابات الأستاذ، على الرغم مما قدمه النمنم من نصوص مقارنة في مواقف كثيرة تبين للقارئ المحايد أن (الأستاذ يرتكب الكثير من المتناقضات الموضوعية)، لقد وضعت معظم كتابات الأستاذ هيكل الصحفية على أسطوانة إلكترونية، وهي متوافرة لمن يريد قراءتها، فلم تعد العودة إلى كتاباته تحتاج إلى (أرشيف) ، كما أصبحت مقارنة أفكاره سهلة ميسرة. واللغة العربية قادرة على ذلك لمن ملك زمامها، بل إن البعض يتحدث عن (سحر البيان في ثقافتنا العربية، أو الاستبداد البياني في رأي آخر) فما بالك إذا استخدم (الاستبداد البياني) لتضليل الناس؟ لذا حق علينا دراسة موقف (المثقف العارف) والقاصر على أن (يُعَرف) في القضايا الموضوعية، قبل الوقوع في سحر البيان، وأيضا دون تضخيم أو تقزيم، ولم يفرق كثيرون بين (زهو الكلمة وتواضع الفعل). (لو لم يخرج من أعماق المجهول ضابط شاب اسمه جمال عبد الناصر لبلورة تيار تاريخي اسمه القومية العربية لبقي الشرق الأوسط، أغلب الظن، مستسلما نهائيا لأحلام الدخان الأزرق لحشيشة حلف بغداد) ، تلك واحدة من استهلالات الأستاذ، التي جعل فيها إنقاذ الشرق الأوسط قائماً على رغبة وعزيمة رجل واحد، وهو أمر سهل لاستبداد الرأي الواحد، في مقابل دخان الحشيشة، يا لها من ثنائية الخير المطلق والشر المطلق. مثل هذا التبسيط الممزوج بالرموز هو ديدن كتابات الأستاذ. تمتاز كتابات هيكل بثنائية الرؤية، ولازمته في كثير من مواقفه، فمن تصريح شهير في مقاله الأشهر (بصراحة) الذي قال فيه: (نحن لا نستطيع أن نناطح أمريكا) إلى حملة شعواء على الولايات المتحدة بعد أن خرج هيكل من سلطة السياسة، إلى سلطة الكلمة، وتستطيع أن تقرأ له تبريرا لكل مقام، فقد كتب في أوائل الستينيات تبريراً الذي (تهديد الجمهورية العربية المتحدة للانسحاب من جامعة الدول العربية) لم يترك للجامعة العتيدة حتى ورقة التوت! لم يصل إلى مستواها أي نقد لجامعة الدول العربية حتى اليوم، بجانب شتم معظم الدول العربية. هيكل لم يرغب في أن يتبين أشكال الدكتاتورية التي تحيط به، كان صراعه مع مراكز القوى بعد وفاة عبد الناصر، صراع مصالح لا مبادئ، ومن يقرأ (خريف الغضب) والتسمية مستقاة من إضرابات عمالية واسعة في بريطانيا قبل أن يكتب الكتاب بست سنوات على الأقل، من يقرأ ذلك الكتاب تلفت نظره عبارة أنه أعار المرحوم أنور السادات (نظارته) لقراءة الخطاب التاريخي المعد، بعد الإطاحة بما سمي مراكز القوى، وتشاهد الرمزية التي لا تخفى (أن السادات يقرأ بعين هيكل في أيامه الأولى) إلى أن نقرأ للأستاذ نفيه المتسرع قدرة (العرب) على أن يقوموا بما قاموا به في الحادي عشر من سبتمبر (نشر المقال في عدد أكتوبر من مجلة وجهات نظر 2001، يقرر فيه أن من قام بعملية مانهاتن هم الصرب!). أما موقف الأستاذ من احتلال الكويت فقد كان مخجلا، لتبريره الدكتاتورية عندما نشر رسالة في بريد القراء لجريدة التايمز اللندنية، قارن فيها بين (الأخضر) و (الأصفر) وبين (الديمقراطية) و (اللاديمقراطية) وكان حكم صدام حسين هو أبا الديمقراطيات. لقد ساعد هيكل في أيام القرب من السلطة (الدكتاتورية) وزين كل مساوئها، دون أن يحاول نقدها ولو من بعيد، ثم زين للانقلاب على أهل (الناصرية)، إن صح التعبير، رجاء في النجاة بالنفس، قبل الحصول على الموقع، وكان في كل ذاك الموقفين مقنعا للعامة من الناس، يتابعه القراء العرب، بسبب أسلوبه المتميز، وربما بسبب العادة، موافقون دون تردد، إن قال: إن البحر مياهه حلوة، أو: إن النهر مياهه مالحة أجاج. لقد صب هيكل في الغالب غضبه على الآخر، فمكانة الآخر لديه متدنية ومحملة بكل الشرور والآثام أكان الآخر أجنبيا أو عربيا، وتجاوز الدعوة لمعرفة النفس ونقد الذات، التي تستحق أن تنقد في مفاهيمها وسلوكياتها. ليس عندي بعد ذلك تبرير لذلك الموقف إلا أن تكون فكرة (الثنائية) هي (سيندروم) متجذر في داخل طريقة تفكير كثير من العرب، تبسط الأشياء بسذاجة وتدافع عن القمع، وتدعي أن سبب ضعفنا وذلنا وهواننا هو الآخر، وليس ملوم غيره. 2- د. عبد الفتاح طوقان كاتب فلسطيني يقيم في الأردن رغم متابعتي لكتابات هيكل في العالم العربي إلا أن النهج المتبع مشكوك فيه وفي نواياه خصوصا أنه كان الكاتب الأوحد السياسي الذي يتمتع ببريق رئيس اختفى مثلما اختفت منارة الإسكندرية وفنارتها الإغريقية. فهل بالإمكان إرشاد السفن بشعلة فنارة مطفئة لمنارة انهارت ولم يبق لها أثر إلا في الخيال؟ إنها أحلام اليقظة التي يعيشها، والحنين إلى ماض هلامي لم يعد له وجود. اليوم السفن مجهزة بالإلكترونيات وأجهزة الملاحة المتطورة ولم تعد الشعلة أساس إبحارها. ولكن لهيكل موازين مالية في زمن تحتاج الفضائيات إلى نجوم قد يكون هو أحدهم، ولكن بمنارة مكسورة إن لم يكن ابتلعها بحر الإسكندرية، احتراما لأستاذيته يعتقد البعض أنه بحاجة إلى راحة في هذه السن أكثر من حاجته إلى المال والظهور المكثف المتكرر بأفكار مشوش بعضها، وبعضها أكل الدهر عليها وشرب. تلك الراحة التي تمنحه حق الكف عن الكتابة بوقار الأستاذ المعتزل وتبعده عن الحديث المرئي المشوه بطريقة تحفظ له ماء وجهه في هذه السن. راحة تسمح له فيما تبقى له من حياة أن يشهد ويقرأ نقداً موضوعياً لكل ما كتب بموضوعية وغير موضوعية على مر الزمان. يعلم الكثيرون أن هذا يماثل قرار الطبيب برفع الأجهزة عن المريض ولكنه أفضل لا شك من مريض يظهر كلامه وكأنه خريفه الثاني. إن المريض وصل إلى حالة لا تفيده الجراحة ولا تفيد أهله. إن ظاهرة القيادة المفتعلة التي ينطلق بها هيكل في تحليلاته المستمدة من خبايا النيل لم تعد تطبخ في بيت رئيس، ومعلوماته المجزأة لم تعد مستورة بل مكشوفة. لقد قال هيكل أن أصدقاء الأمس قد يكونون أعداء الغد، ولكنه اختار على حد قول البعض أن يكون في ملعب الصديق العدو في آن واحد، إن لم يكن العدو العدو!!!!. ويذهب هؤلاء في تحليلهم هذا كونهم يعتقدون أن العديد من المعلومات السلبية وغير الموثقة تسرب من خلاله إلى الرأي العام المصري أولا والعربي ثانيا وربما تكشف فواتير أحاديثه بعضا منها. هيكل (العقدة) و (المنشار) في آن واحد يفسر على أنه عقدة بخل وشحاحة أصدقاء وعلاقات بالآخرين لا سيما زملاء المهنة الذين اغتالهم سياسيا عبر الخمسين عاما الماضية. ومنشار بدأ يجز نفسه بأحاديث ظنا منه أنه ما زال يحتكر المعلومة الرئاسية التي ألغتها الأجيال اللاحقة وفي مقدمتهم صانعوها من الداخل كالرئيس السادات على سبيل المثال. المعلومات بأنواعها المختلفة وبكل اللغات على شاشات الإنترنت الآن وهو ما يفقد هيكل قيمته كمصدر وحيد مثلما كان سابقا، على الأقل في المنطقة. لم تعد السذاجة مقبولة. 3- د. محمد عباس المفكر الإسلامي والكاتب المصري المعروف هيكل ذو الشهرة الطاغية، وأكثر صحفي عربي يتابعه الجمهور، لكن الجمهور الذي يجتمع ليتابعه هذه المرة لم يجئ للمتعة العقلية، ولا حتى لحل مشكلة، وإنما جاء مدفوعا بالوهم في إمكانية استعادة حلم تحول إلى كابوس، أو على الأقل في حدوث معجزة على يد الساحر العجوز الذي أعطته الجماهير ذات يوم، ليس قلبها، بل عقلها ووعيها، ولقد تناقض ما بشر به الساحر في البدايات مع النهايات الفاجعة، والناس حين تجتمع الآن حوله، لا أظنها - رغم كل محاولات صناعة النجم- تجتمع تمسكا به أو حبا فيه، وإنما كما يتجمع الدائنون حول المدين العائد، الذي أخذ منهم كل ما يملكون كي يستثمره لهم، فبارت التجارة وخربت الديار، وها هو يعود، وهاهم أولئك يتكأكؤون عليه ويتكالبون، على أمل استعادة ولو جزء من ديونهم. أقول: إن الرجل يتحدث في حلقاته بالجزيرة عن موضوع آخر، حتى أنني قلت لنفسي: إن الأمر لا يستحق المتابعة ولا التعقيب، وإن ما أشعر به من حسرة ليس بسبب أن الرجل لم يقدم حلا، أو أنه أقل توهجا مما كان، لكن بسبب أنني اكتشف أنني عشت وهما تطاول فتجاوز نصف قرن. ولم يكن الأمر سوى سراب، نعم.. سراب.. أو على الأحرى قوس قزح كي يوافق التشبيه.. السير (بالراء) هيكل! وأقول أيضا: إنني أحترم قناة الجزيرة.. كما أن في داخلي تاريخ طويل من احترام هيكل.. (اعذرني بجهلي يا رب) .. أحترم قناة الجزيرة.. رغم يقيني بأنها تخضع لضغط أمريكي مباشر يجعل ثلاثة أرباع ما تذيعه يصب في النهر الأمريكي (كنت أنوي أن أقول 90%) .. وأن الباقي يفلت بالكاد.. وهو حين يفلت، لا يفلت سليما بل مثخنا بالجراح. وبهذا الفهم، ولإدراكي لحجم هيكل، فقد كنت على يقين أن المخابرات الأمريكية قد استشيرت وباركت دعوة هيكل ليكون ضيفا للقناة على مدى ستين حلقة. هيكل.. سلاح إستراتيجي لا يستعمل إلا لمنع كارثة.. أو لإحداث كارثة.. أو للأمرين جميعا.. إنني أعلم أن الجزيرة تستأذن المخابرات الأمريكية في شخصيات دون هيكل بكثير.. فكيف بهيكل؟!.. والأمر لا يعني الآن إدانة لهذا أو لذاك.. الآن! كنت أود أن يبدأ هيكل حديثه عن أمة الإسلام ببيان موقفه من الإسلام.. لكن هيكل لا يريد أن يراه على الإطلاق.. لسبب جوهري.. أدركته فجاشت مشاعري.. ذلك أن هيكل ينظر إليه كبقايا جسم جريمة.. هو فاعلها.. وكالقاضي.. كان يجب أن يستشعر حرجا يجعله يتنحى عن نظر القضية.. أقصد عن إلقاء المحاضرات.. ***** تذكرت الدكتور إسماعيل بطل رواية قنديل أم هاشم للأديب الشهير يحيى حقي، الذي ذهب إلى الغرب حيث حصل علمه وشهادته وفقد أخلاقه ودينه، وعاد ليصيب مريضته وحبيبته (يمكن أن نقرأها: شعبه وأمته) بالعمى، وعندما يندفع لتحطيم قنديل أم هاشم (كرمز للإيمان) لا ينقذه من فتك الناس إلا شفاعة الحارس (الشيخ درديري) الذي يقول للجماهير: (اتركوه، إنني أعرفه هذا هو إسماعيل ابن الشيخ رجب من حتتنا، اتركوه، ألا ترون أنه مربوح: (ركبه عفريت) ..) تمنيت أن يقول هيكل في بداية الحلقات أنه آخر من يصلح للحديث فيها، ليس لأنه (مربوح) ولكن لأنه يمثل ثقافة أخرى، وأن هذه الثقافة تجعله جزءا من الداء فكيف يصف الدواء. تمنيت أن يدرك هيكل كما أدرك الدكتور إسماعيل أنه لم يستطع شفاء حبيبته إلا بعد أن استرد إيمانه.. ****** محمد جلال كشك، موسوعة فذة، شد ما كرهته في البداية، كنت أكرهه بفعل ظاهرة الهولوكوست، التي جعلتني أنا نفسي لا أطيق من يأتي ليقلب جزءا مهما من أفكاري رأسا على عقب، أو بفعل ظاهرة مسيلمة، التي تجعل الباطل أعلى نفيرا، وكان من أسباب كراهيتي له إحساسي أنه يظلم محمد حسنين هيكل (وهذا منشور في بعض كتبي) ، واستمر الحال على ذلك حتى اكتشفت مع كل قراءة جديدة، كم كان هذا الرجل صادقا. ولقد ساعدني على الخطأ في الحكم على جلال كشك نزق ينتاب قلمه أحيانا يبتعد به عن الوقار.. لكنه لم يبتعد به عن الحقيقة ولا عن الصدق أبدا.. ومن ذلك كتابه في المسألة الجنسية. ****** يصرخ جلال كشك أنه ناقم على محمد حسنين هيكل، الذي لم يقاض مؤلف ولا ناشر كتاب (حبال على الرمال) حيث ذكر المؤلف أن هيكل قد جندته المخابرات الأمريكية منذ بداية الخمسينيات. ورغم أن قضايا التعويض في الغرب يمكن أن تخلف ثروة، وعلى الرغم من سعة اتصالات هيكل في الخارج، فلم يفكر أبدا في رفع قضية. نفس الموقف الذي اتخذه مع مايلز كوبلاند. وعلى الرغم من ذلك، أصبح هيكل بطريقة ما، المتحدث الرسمي باسم نعم.. جاشت مشاعري حين رأيت أشهر فضائية عربية تأتي لنا بأشهر صحفي عربي ليتحدث عن مشكلتنا.. ومشكلتنا في جوهرها مشكلة إسلامية.. لكن الذي جاء ليس غير متخصص فقط في المرض الذي تعاني الأمة من نقصه.. بل هو أصلا يستنكر وجود بقاياه. نعم يستنكر الإسلام كمنهج.. وطريق.. وخلاص.. بينما نحن لا نعترف بسواه.. نعم.. هيكل يتحدث - كما كتبت منذ أعوام- مثل لورد إنجليزي أو خواجة (أمريكاني) .. ومشكلتنا كلها إسلامية.. تخيل أن تأتي بحاخام ليعلمك الصلاة أو بلحاد ليمرضك.. وأنا لا أقصد الإساءة لهيكل.. ولكم وددت أن يخرج علينا في حلقة واحدة ليصارحنا في نبل وحزن أنه آن الأوان ليعترف لنا أنه كان معولا من أهم المعاول التي أدت إلى الكارثة.. وأن القومية التي جاء بها بديلا عن الإسلام كانت - بلهجة شمس بدران بعد هزيمة 67: (أما إحنا أكلنا حتة مقلب) !!.. وأن يصارحنا أنه لم يدرس الأمر ليكتشف أيامها أن القومية كانت إفرازا غربيا وكانت مفيدة للغرب حين جمعت المقاطعات والأعراق وجعلت منها دولا، أما عندنا فقد فرقت وهدمت دولة قائمة بالفعل.. وأن القومية، وصفته السحرية، قد جاءت بنتائج عكسية، فوحدت أشتات قبائل تفرقت في أصقاع العالم منذ أربعة آلاف عام.. بينما - في نفس الوقت - شرذمت أمة كانت من القوى العظمى حتى عام 1924 . لكم وددت أن يخرج علينا نبيلا حزينا ليملأ آلاف الأماكن الخالية التي لا يستطيع أن يملأها لنا سواه.. يملأ مكانا - على سبيل المثال - يملأه ضباط المخابرات الأمريكية مثل كوبلاند وليكلاند بالحديث عنه وعن ثورة يوليو.. ولكم وددت أن يخرج علينا نبيلا حزينا ليعترف: نحن لسنا خونة.. ولا عملاء للـ: CIA ولكنني أعترف بعلاقتنا مع المخابرات الأمريكية، علاقة لا عمالة، بدأنا ذلك قبل الثورة لحماية الثورة، لم يكن ذلك للبحث عن مغنم، وكنا بلا خبرة، وظننا أن الفهلوة المصرية كفيلة بتجنيبنا دأب الجهد وجهد الجهاد في كواليس السياسة.. ثم أغوتنا السلطة.. وتمت المقايضة بيننا وبين المخابرات الأمريكية.. بين كيرميت روزفيلت ومايلز كوبلاند وبين الضباط الأحرار بزعامة عبد الناصر وكنت أنا الواسطة.. وأعلم كل شيء.. لذلك دعوني أعترف به.. كان لأمريكا مطالب ثلاثة: 1 لا للإسلام.. 2 لا للشيوعية. 3 لا لتهديد أمن إسرائيل. وكانت هناك نصائح مثل التخلي عن السودان. وقد كانت مطالبنا: 1 منع بريطانيا من مواجهة الانقلاب عسكريا. 2 التمكين لمجموعة عبد الناصر دون الآخرين من الحكم (باقي كتل الجيش- الإخوان- الوفد) . 3 السماح لنا بتصنيع بلادنا.. كانت القسمة عادلة.. ووافقنا.. موافقة ند لند لا عميل لمخابرات.. وكانوا أكثر من مخلصين.. ولولا نصائحهم الرائعة ما سارت الأمور أبدا على ما سارت عليه.. هم الذين وضعوا سيناريو تحطيم فؤاد سراج الدين ومحمد نجيب، كانوا في غاية الكرم والتفهم فلم يعترضوا على المجازر التي سميناها زورا محاكم كمحاكم الشعب أو الثورة أو الغدر.. ولم يعلقوا ولا هم سلطوا علينا أجهزة إعلامهم لتفضحنا. ****** ووددت أن يواصل هيكل: كنا كفرسي رهان وأعطينا لهم قدر ما أخذنا منهم.. حتى كانت لحظة التحول بعد حادث المنشية.. كانوا هم الذين وضعوا السيناريو.. ولقد تم، الوطنية الناصرية والقومية العربية. ****** 4- سيار الجميل المؤرخ والمفكر العراقي صاحب كتاب (تفكيك هيكل: مكاشفات نقدية في إشكاليات محمد حسنين هيكل) يقول: لقد تابعت ما أدلى به الرجل في قناة الجزيرة الفضائية مساء يوم 31 كانون الأول 2004 عن رأيه في الذي حدث في السنة التي ودعناها.. أقول: بقدر ما أعجبت ببعض أفكار هيكل وخصوصا مشاركتي إياه تشاؤمه للأيام التي سيشهد العرب فيها مصاعب وتغييرات لا حصر لها، فلقد حرصت على متابعة ونقد وتحليل أفكاره عن العراق التي دوما ما تأتي على غير المتوقع.. وتكثر فيها أخطاؤه وتزداد بها انحيازاته.. أتمنى من الإخوة أحباء هيكل وعشاقه من ناصريين وقوميين وبعثيين وحركيين وإسلاميين جدد.. أن يكونوا لمرة واحدة مع ضمائرهم الحية وليقولوا كلمة سواء.. فلست من الناس الذين يركضون وراء سمعة مزيفة ولا كنت في يوم من الأيام خصما لدوداً لهيكل ولا للقوى الناصرية حتى يزيدوا من حجم أخطائهم بحق الآخرين ويزيدوا من افتراءاتهم ضدي.. وليتمتعوا قليلاً بمناخ من الحرية والانطلاق اللذين لا يعرفونهما أبدا، فلقد أعمت تعصباتهم قلوبهم وتراهم جميعا وقلوبهم شتى. لقد اختصر هيكل الأحداث الجسام وعدد 12 أو 13 منها تلك التي غطت العام 2004م. ومنها الأحداث في العراق.. وكأن اتفاقاً مسبقاً جرى بين المذيعة خديجة وهيكل على أن تكون المقاومة العراقية هي الموضوع الأساسي لهذه الحلقة. المقاومة العراقية في موضوع (المقاومة العراقية بين التمرد والإرهاب) الذي اختارته محاورته السيدة خديجة بنت قنة من بين أكثر من اثني عشر موضوعاً شغلت السنة المنصرمة 2004، حين اختارت هذا (الموضوع) عن قصد طبعا، قالت: سنبدأ بأهم اللحظات التي ذكرتها أستاذ هيكل، نبدأ بتزايد المقاومة العراقية في العراق خلال هذه السنة. وسأفكك كلام هيكل فقرة بعد أخرى.. من أجل مصداقية ما أقدمه من تحليلات وما أخرج به من استنتاجات وأحكام في تقييم القول والفعل معا! أجاب هيكل: (المقاومة العراقية بتواجهنا بإشكالية فظيعة جدا، ونحن واقفين أمامها باعتقادي بحيرة، وحضرتك وأنا كنا بنتكلم على هذا الموضوع امبارح وكنا.. كان فيه بيننا حوار فيه وأنا بعد ده حاولت أتقصى ايه آخر أحوال.. ايه آخر أخبار أو ايه آخر حتى تصورات عن التانيين، في رأي بيري أن هذه المقاومة عشوائية في بعض الناس يروا أن هذه مقاومة منظمة وأنها شبه ثورة وطنية، وبعض الناس بيروا أنه والله اندست فيها عناصر إجرامية وبعض الناس يقولوا أنها هي في واقع الأمر عملية إرهاب إسلامي وأنا باعتقد أن إحنا في بعض الأحيان نظلم أنفسنا بأكثر مما يجب لأننا نريد أن نرى..) . (وانقطع الكلام) ماذا يمكنني أن أقول؟ ينجح هيكل في الخروج من أزمة السؤال بما عرف عنه من لف ودوران.. وقد أصاب بوصفها عشوائية ولكنه اعترف بها بترديده إياها ولكن حسب تصنيفات الناس لها، فهي قضية إشكالية، ويستطرد هيكل قائلاً: (العقلية العربية مرات أحيانا تريد أن ترى شيئاً جاهزاً يقدم نفسه كاملاً دون حاجة إلى إيضاح أو شرح ولا تفكير وأنا هذا أحياناً..) . إنه الآن ينتقد العقلية العربية - والحق معه - في أنها تريد الأشياء في جاهزيتها، ولما كان الرجل ليست له مثل هذه (العقلية) إذ لم يستشهد بأي رأي أو فكرة أو معلومة أو موقف إن لم يكن من لدن أصحاب العقلية العربية الذين يحتقرهم، فهو لم يكلف نفسه العناء ليقول ما الذي يردده أصحاب الشأن أولاً وأخيراً! ما الذي يقوله العراقيون؟ ما الذي يشعر به من يعاني وهو في الشارع أو البيت أو المكتب أو السلطة أو الثكنة أو المخفر أو القرية أو المصنع.. إلخ.. إنه لا يعترف بالعقلية العربية، فكيف به ينزل إلى العراقيين ليفحص ما الذي يقوله المسؤولون الجدد والكتاب وأعيان العراق خصوصاً أن الرأي العام العراقي هو المعبر الحقيقي عما يحدث.. وقد تناسى حتى أولئك المعارضين العراقيين الذين يقفون اليوم ضد الاحتلال. أسأل: على ماذا عول هيكل إذن؟ طبعاً كعادته، ترك العراق والعراقيين والعقليات العربية وذهب إلى تقرير صدر قبل أيام عن واحد من المراكز الاستراتيجية الأمريكية ليعول عليه تعويلاً كاملاً.. وتبقى مشكلة الرجل ليس في استدعائه لمثل هذه التقارير، بل في كيفية توظيفها والتعامل معها وكيفية نقل معلوماتها إلى العرب، وكيفية قلب الحقائق التي تذكرها نصوص التقرير إلى ما يريد إيصاله إلى الناس.. إنني أتساءل مرات ومرات: هل يمكن للأستاذ هيكل أن يتعامل مع النص الأصلي من التقرير، أم اعتمد على من ترجمه إليه؟ إنها الأخطاء نفسها التي لم تزل تتكرر عند هيكل من دون أن يراجع نفسه فيها، بل هل في إمكان هيكل أن يتراجع عن نصوص ومعلومات وتقارير وظفها بشكل خاطئ؟!
|