Friday 15th July,200511978العددالجمعة 9 ,جمادى الثانية 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

النزاهة قامة الأخلاق الباسقةالنزاهة قامة الأخلاق الباسقة
حمد بن عبدالرحمن المانع

عندما يتبادر إلى سمعك بأن فلاناً من الناس نزيه، فإنك تدرك حتماً بأن هذا الرجل، حينما أسبغت عليه هذه الصفة لم تكن إلا تجسيداً لتعلقه بربه، وتعبيراً عن مدى خوفه من بارئه، لأنه انحنى لطاعة الخالق بهمة عالية، وروح وثابة ترنو إلى تحقيق الغاية النبيلة، عبر امتشاقه الوسيلة الصائبة النقية من براثن رياء سحيق، أو نفاق بغيض، أو خيانة مقيتة، لذا فإن النور المشع في قلب هذا الكبير لا يفتأ أن يفرض الاحترام، كمسوغ منطقي متآلف مع ما تكّنه القلوب الصادقة، حيال هذا الكبير، خلقاً وأخلاقاً ولم يجعل من الضيق في الحال إلا أفقاً متسعاً لطيب المنال، ولم يؤثر العزة والكرامة إلا لعمق إدراكه بقيمتها، فبات الغنى في مفهومه الواعي النظر هو الاستقرار النفسي، تترجمه طاعة المولى بشموخ يتوق إلى الطمأنينة وينحو إلى السكينة، وكبرياء يستعصي على صنوف المزايدة الأخلاقية، للنيل من قيمه ومبادئه، فكان الشرف عنواناً بارزاً، لمآثره الفذة، وأمسى الذل نسياً منسياً في خارطة حياته، فكم من غنيٍّ يصبح ويمسي ذليلاً منكسراً، رغم كل ما يملك من وسائل ليست سوى استدراجاً واختباراً حقيقياً {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} (35) سورة الأنبياء.
ويعتقد البعض من فصيلة ضعيفي البصر والبصيرة بأن الفقر قد يكون سبباً يسهل النفاذ من خلاله لتمرير الإفك، فهؤلاء المرتشون الأبالسة لا يقدموا على هذا العمل إلا بعد التأكد من أن الحاجة قد تخضع المراد شراء ذمته، للإذعان وقبول هذا الأمر، إلا أنها لا تلبث أن تتكسر أمام الأسوار الصلبة التي تحرس الرجال الشرفاء، فهذه القيّم التي استقوها باتت ملتصقة بوجدانهم، وحينما يستشعر المرء القيّم الحقيقية للمبدأ، فإنه يجد لذة كلما ترجمها تطبيقاً على أرض الواقع، وغسل عقله وقلبه من أدران السوء بماء الطهارة الصافي النقي، واستشرف المعالي برقي فكره وصفائه، وسمو عزيمته فبات إصراره وتشبثه بمساره المستقيم المتزن، قوة تحيل الرغبة وفقاً لتحكيم العقل المتقد لتنصاع خاضعة مطواعة إلى مفرزة الخطأ والصواب في اختبار لا يقبل أنصاف الحلول، فإما إلى الهاوية وبئس المنقلب، وإما إلى الباقية حيث يجزي الله الصادقين بصدقهم.
قال الشاعر:


إذا كان باب الذل من جانب الغنى
سموت إلى العلياء من جانب الفقر

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved