* مكة الكرمة - أحمد الأحمدي: كل منا يسعى للنجاح وكل منا يرغب به ويبحث عن أسباب الوصول إليه، وقد يجهل الكثيرون أن النجاح يمكن أن يتحقق بمجموعة وسائل وآليات ليست بعيدة المنال، ولكنها تحتاج إلى التخطيط في اتخاذ الخطوات وبذل الأعمال. فضيلة الشيخ الدكتور عوض بن محمد القرني حاول من خلال محاضرة قيمة ألقاها ضمن النشاط الثقافي لمهرجان مكة خير 26 الذي ترعاه الندوة العالية للشباب الإسلامي أن يحدد مقومات صناعة النجاح ووسائل الوصول إلى الفلاح. فالنجاح يحتاج إلى المعرفة التي تهتم في ترشيد أعمالنا وتقنين تصرفاتنا لنعرف معنى الحياة وندرك أسباب وجودنا فيها وغايات سعينا في مدارجها المختلفة. وتأتي العقيدة منطلقاً رئيسياً في صناعة النجاح لأننا لا يمكن أن نحقق نجاحاً ما لم تكن عقيدتنا قوية راسخة في الموضوع الذي نود أن نحقق فيه النجاح، والمعتقد في رأي الشيخ القرني (هو الشيء الذي يراه الإنسان أنه حق غير قابل للنقاش ويأخذه دون رده). ومن المعتقد تنبع القيم وهي المحفزات للإنسان للإقدام على أمر أو الإحجام عنه، ولا بد لمن يرغب في النجاح من خلفية ثقافية يحدد من خلالها ماهية الأشياء وتسهم في تحديد طبيعة العطاء، وهذه الثقافة ندركها عن طريق الحواس ويتم معالجتها بناءً على القيم والمعتقدات. ويلبي النجاح حاجتنا الغريزية الفطرية أو يسهم في معالجة ما نواجهه من مشكلات ومعضلات سيكون العمل من أجل ذلك بناء على عقيدة صحيحة، وقيم راسخة، وثقافة.. طريقاً إلى النجاح. والنجاح يرتبط برسالة الإنسان في هذه الحياة تلك الرسالة التي تقوم على عمارة الدنيا بعبادة الله بمقتضى وضوءِ منهج الله سبحانه وتعالى، ولا تكون عمارة الأرض إلا بالعمل والسعي، ونشر الخير والتقوى وتحقيق النفع الخاص والعام. وبين فضيلته أن النجاح هو أن تدرك معنى وجودك ورسالتك في الحياة دون وجود صراع مع ما وهبك الله من ملكات وقدرات وأن يجعل المرء الحياة محراباً لعبادة الله عز وجل التي تقوم على العمل لعمارة الأرض، فالعبادة بمعناها الشمولي جهد وعمل وبناء وعطاء ونفع لعامة الناس وتلك أمور قد لا يدركها إلا أهل المعرفة والثقافة. وصناعة النجاح التي تنطلق من رسالة محددة يجب أن يستثمر فيها الساعي كل طاقاته وإمكاناته وقدراته التي وهبها الله تعالى له لتحقيق هدفه وأن يخلص النية في ذلك وإلا كان نجاحه آنياً دنيوياً ولم يكن نجاح دنيا وآخرة كما يجب على المسلم. وأشار فضيلته إلى أن النجاح الظاهري للأمم المتقدمة لا يعد في مقياس الإسلام نجاحاً خاصة إذا علمنا بأن 80% من الشعب الأمريكي يتناول عقاقير الاضطرابات النفسية، وأن حالات الانتحار والطلاق منتشرة لدى أكثر الدول رفاهية في العالم وهي الدول الاسكندنافية. وعن الخطوات العملية للنجاح أشار فضيلته إلى التغير الذي يقوم على إعادة صياغة الإنسان صياغة سليمة بناء على مقومات النجاح وأهدافه ورسالته، فالإسلام لم ينطلق قبل الدور العظيم الذي قام به الرسول صلى الله عليه وسلم في صياغة الصحابة وإعدادهم بحمل الرسالة ونشرها فكان النجاح حليفهم. وعلى الراغبين في النجاح الالتزام بالمنهج الضابط لمسيرة حياة الإنسان مع الإرادة والقدرة التي تحفز على العمل، وأن يكون لديهم المرونة في وسائل التعامل مع الحياة مع المبادرة إلى الفعل الواقعي بعيداً عن التخيل والوهم والتفاؤل والإيجابية والطموح إلى الأفضل. وأكد الشيخ عوض في نهاية محاضرته أن النجاح يؤدي إلى الانسجام في الحياة وطرد القلق والتوتر وهو ما يسمى بالسعادة وهو مطلب جميع الأمم، فالإنسان عندما يلج إلى باب النجاح يجد كل ما حوله سبيلاً إلى السعادة ومحققاً لها، فالنجاح يقود إلى النجاح والسعادة تقود إلى السعادة.
|