في صبيحة يوم السبت الموافق الرابع من شهر جمادى الأولى بعام 1426هـ تصفحت الجريدة المتجددة والمتألقة في بلاط الصحافة كعادتي اليومية ولفت انتباهي في الصفحة رقم 24مقالة للكاتبة المتألقة الأخت العزيزة رقية الهويريني بعنوان (الزائرة الفاتنة) تلك المقالة التي ما أن قرأتها حتى رق قلبي وبدأت دمعتي تذرف دمعة تلو الدمعة لحال تلك السيدة العظيمة، تلك السيدة المليئة بالحب والعطف والحنان في زمن أصبحت المشاكل والعوائق والمصائب هي المرسى لمن اتسموا برقة القلب وعطف الحنان أو حنان العطف، كلاهما يرمز لرمز جمالي يحتاجه الرجل وتحتاجه المرأة قبل الطفل ولكن للأسف منهم من يركل تلك النعمة التي أنعم الله بها عليه كحال هذا الزوج مع السيدة وبناتها وأصبح يعربد ويزبد ولا يحمد الله على ما آتاه، فبئس ما يفعلون ولا أدري هل هذه القصة التي روتها الأستاذة رقية صحيحة أم هي من نسج الخيال فإن كانت من نسج الخيال فقد أبدعت وتألقت بقصة سمعنا مثيلاً لها كثيراً، وأدمت لها قلبي وذرفت عليها دموعي، لكل من يعيش تلك المأساة وإن كانت حقيقية فهي مصيبة حلّت علي وأرّقت منامي وأصبحت دموعي حبيسة للوسادة والتي ارتبطت معها قصص ألم مليئة بالدموع وهي التي أحتضنها دوماً عندما تغشاني موجة احتياج للحب والعطف والحنان في قلب رجل يحمل قلب طفل صغير ولكن أدماه الجراح وأصابت عيناه الغشاء من كثر البكاء على فراق من سكنت قلبه وهي أختي الوحيدة - رحمها الله - وأسكنها فسيح جناته وقد يكون هذا السبب الذي جعلني أهتم بهذا الموضوع كثيراً حتى كتبت هذه المقالة. تلك السيدة (أم سلوى) هي أم لبنات بل لوردات وزهرات في بستان جميل كانت هي سيدة وساقية ذلك البستان المتكون 4 وردات و 4 زهرات جميلات..ظالمة أيتها الدنيا نسقي ورودنا وزهراتنا بماء عيوننا ويأتي من يقاومنا حتى تذبل تلك الوردات والزهرات. عجباً لمن آتاه الله الذرية حتى لو كانت بنات ويعربد ويزبد ويظلم ولمن؟ لمجموعة وردات وزهرات ولساقية تلك الوردات والزهرات عجباً لمن رزقه الله بحسان الجمال ويأتي وقلبه مفعم بالكراهية والظلم وعدم الرضى.. لماذا؟ لأن الله رزقه ببنات ولم يرزقه بأولاد!!. عجيبة دنياهم؛ إذا لم يرزقهم الله بأي ذرية ضاقت بهم الدنيا وسافروا ولم يتركوا مكاناً أو مستشفى حتى زاروه لكشف العلة لماذا لا ينجبون!؟. وعندما يرزقون بذرية بنات لم يرضهم ذلك ولا يعتبر بذلك الرجل وتلك المرأة الذين يطوفون البلاد والمستشفيات ليسمعوا فقط كلمة بابا وماما وحتى لو كان من نطقها شفاه وردة جميلة ولكن هذا الظالم الذي رزق بثماني وردات وزهرات جميلات حسان لا يعجبه العجب!!؟ ويريد ولداً، فبدلاً من أن يشكر الله عز وجل بأن رزقه بهؤلاء الجميلات اللاتي يلاعبنه ويلاطفنه ويسألن عنه.. ألم يدر أن الدراسات أثبتت أن البنت أحن وأعطف على أبيها من الولد.. اشكر الله أيها الشخص المتعالي الظالم فأنت رزقت بزينة الحياة الدنيا. اعلم أيها الشخص المتعالي أن بالشكر تدوم النعم وبالكفر تحل النقم..يرزقك الله ببنات آيات في الجمال عطوفات حنونات وتقابل ذلك بالزمجرة والغضب عجباً لك وعليك. ولأمثالك تكتب الأستاذة رقية بأناملها الذهبية بعبارة أدمعت عليها عيني تقول (العجيب أن سلوى (وهي إحدى بناته) تستقبله، ترفع شماغه عن رأسه، تداعبه تقبل يده ولكنه يقابل ذلك اللطف بجفاء وغلظة وكثيراً ما يعنفها ويتمتم بكلمات ساخطة ومكررة (الله لايكثركن) عند الصديق) انتهى كلامها مع ذرف دموعي على سلوى وأخواتها وأمهم الصبورة. عجباً على حالك وغرابة لفعلك ماذا تريد أكثر من ذلك؟ ألا تشكر الله على ماقامت به سلوى وتقوم بها أخواتها لك وأمهم التي صبرت على عنفك وعنجهيتك..وهل تريد أن يحل غضب الله عليك على فعلك الشنيع بكسرك خواطر تلك الوردات بزمجرتك وسوء تصرفك وفعلك وأما أن ينتهي من كسر خواطر أولئك الحسان، ويميل على السيدة العظيمة أمهن وينعتها بأم البنات!!؟..وهذا لقب وشرف لك عزيزتي أم سلوى فاخري به أمام الناس بالرغم من لفظه بمعنى ساخر عليك. ليتني كنت مكانه حتى يطلقوا علي أبا البنات.. ألم يعلم أن الرسول - صلى الله وعليه وسلم - ذكر في حديث فيما معناه من كان له بنات ورباهن تربية صالحة دخل الجنة؟! أي أجر أعظم من دخول الجنة؟! ولكن هذا الظالم الغاضب لم يعمل ما حث الرسول - صلى الله وعليه وسلم - عليه بل كسر بخواطرهن ولهث وراء المال مع أن المال بين يديه وأقصد تلك السيدة العظيمة وبناته..وبات يركض كالوحش ضارباً بعواطف وخواطر تلك البريئات عرض الحائط. ولكن بعد هذه السنين الطويلة كبرت سلوى حتى وصلت إلى الصف الثالث الثانوي.. انظروا ماذا فعلت تلك السلوى تلك القمر المضيء في السماء الحالك تلك الشمس المشرقة عند نسائم الصبح وغناء العصافير. أصيب أبوها بمرض استدعى نقل مادة من النخاع الشوكي، وانطبقت الفحوصات على تلك السلوى وخضعت للعملية ونقلت النخاع الشوكي لأبيها..أنقذت أباها وفارقت الحياة بعد العملية مباشرة!!؟ آه يا سلوى بكيت من أجلك كثيراً انقبض قلبي عليك وعلى رحيلك - رحمك الله رحمة واسعة - وأدخلك فسيح جناته.. ماذا عملت لها؟ انظر كيف قابلت جحودك ونكرانك بتلك التضحية العظيمة، وأسألك أنا هل يطيب لك العيش بعد سلوى!!؟. أيتها السيدة العظيمة أم سلوى لاعليك.. فقدتِ سلوى ولكن هناك سبع وردات حافظي عليهن، اعتني بهن.. وأسأل ربي الشفاء لهذا الرجل وأدعو معي له بالشفاء لما هو فيه، فهو محتاج لدعائكم حتى تزول الغشاوة عن عينيه. ولكل رجل تضايق وعربد وأزبد لأنه رزق ببنت أعتبر في هذه السلوى ودائماً أردد: لولا البنات لما كانت هناك حياة. كثيرة القصص لمن رزقوا ببنات.. تزوجوا غير زوجاتهم حتى يرزقوا بأولاد ويفاجؤوا أن من تزوجوهن رزقن ببنات وزوجاتهم الأوليات رزقن بأولاد.. وأحد أقاربنا مرّ في هذه الحادثة، ومنهم من يرتكب حماقة ويطلق زوجته لأنها رزقت ببنت!!؟ وكثيرة هي القصص في هذا المجال، وكأن المرأة هي التي اختارت أن ترزق ببنت!!؟ وكأن الغباء سيطر على الرجال ولم يعلموا أن الذرية بيد الرحمان يقسّمها على من يشاء يهب لمن يشاء الذكور ويهب لمن يشاء إناثاً ويجعل من يشاء عقيماً. الأستاذة الفاضلة رقية طرحت موضوعاً في غاية الأهمية غفلنا عنه كثيراً وليت من أصيبوا بغشاوة والعقول المتحجرة والقلوب الظالمة والذين يظنون أن قسمة الذرية بيد المرأة حاشا لله. وليعتبروا بهذه القصة وعليهم بالرجوع لها فقد طرحتها الأخت العزيزة رقية طرحاً راقياً مميزاً مؤثراً فلها الشكر الجزيل.. دائماً أقف وأضع الأماني بأن أرزق ببنات متى ما دخلت القفص الذهبي لأني حتى الآن أعيش خارجه وحتى يطلق علي وبكل فخر أبوالبنات.. دائماً أسأل نفسي: ماسر ارتباطي وحبي الجارف للبنات؟ هل لأني معجب بما يملكنه من عطف وحنان جياش وسلوى وأخواتها خير دليل.. أو لأني فقدت أختي الوحيدة التي رزقنا بها من بين أولاد!!؟..أو لأن أمي أعتبرها دائماً هي أعظم وأحن وأعطف امراة فلها مواقف بطولية معي ومع إخواني. لكن أجزم أن هذه الأسباب الثلاثة هي التي قامت بتلك الغزوة الجميلة لقلبي ولكل شخص أمنيته.. وأنا أمنيتي بأن أرزق بالبنات فغير مهتم بالأولاد وليس انتقاصاً بالولد ولكن هذه الأمنية سكنت وجداني منذ أن فقدت أختي الوحيدة وسكنت داخل وحول عباة أمي.
نواف بن إبراهيم العلي/ الخبر |