* القاهرة - مكتب (الجزيرة) - محيي الدين سعيد: شنَّ عدد من أساتذة القانون ورجال القضاء في مصر هجوماً عنيفاً على ما وصفوه بتدخل السلطة التنفيذية في أعمال القضاء وإهدارها لاستقلاله فيما توقع بعضهم تعرض القضاة لمذبحة جديدة بعد موقفهم الرافض للإشراف على الانتخابات القادمة بدون تحقيق إشراف قضائي كامل عليها وطالبوا المجتمع بالدفاع عن استقلال القضاء باعتباره أمراً يخص كل المجتمع ولا يهم فئة القضاة وحدهم. وقال المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض إن مذبحة القضاة سوف تتم بشكل مختلف عما جرى في عام 1969م التي استخدمت فيها أساليب العنف والترهيب مشيراً إلى أن المذبحة الجديدة سوف تتم عن طريق الترغيب والهيمنة المادية على رجال القضاء. أشار مكي في ندوة نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الليلة قبل الماضية بعنوان (أيهما يسبق الآخر مذبحة القضاة أم مذبحة الانتخابات) إلى أن المشكلة التي تعاني منها مصر حالياً ترجع إلى الخلط بين السلطات وعدم الفصل بينها وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات فيما أشار المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض إلى أن مذبحة القضاة لم تتوقف بالأساس منذ عام 1952م وأنها وصلت ذروتها في عام 1969م ثم استمرت بعد ذلك بأشكال مختلفة. واعتبر المستشار البسطويسي إلى أن نسبة تمثيل الحزب الوطني الحاكم في المجتمع لا تتعدى نسبة 10% مشيراً إلى أن إدراك الحزب الحاكم لهذه الحقيقة هو السبب الحقيقي لفرضه حصاراً تشريعياً على الانتخابات وسعيه الدائم لتزويرها وانتقد البسطويسي رفض الحزب الحاكم لوجود رقابة دولية على الانتخابات القادمة معتبراً أن ذلك يرجع لإدراك الحزب الوطني أنه حزب أقلية وحذّر البسطويسي مما وصفه بعودة نشاطهم التنظيم الطبيعي بين صفوف القضاة مدللاً على ذلك بتصريحات بعضهم الأخيرة عن وجود استقلال للقضاء رغم المظاهر الواضحة بغياب هذا الاستقلال فيما أرجع المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الاسكندرية ونائب رئيس محكمة النقض أسباب المشكلة التي تعيشها مصر إلى غياب احترام القانون مدللاً على ذلك بتقارير محكمة النقض الخاصة بالطعون الانتخابية التي ترجع لعدم تنفيذ وزارة الداخلية للأحكام الصادرة بأحقية بعض الأشخاص للترشيح في الانتخابات. ودعا الخضيري الشعب إلى الوقوف خلف مطلب استقلال القضاء منتقداً ما حدث في الاستفتاء الأخير على تعديل المادة 76 من الدستور ومشيراً إلى قيام بعض الموظفين المحكوم عليهم في قضايا سابقة بالإشراف على الانتخابات بجوار القضاة الذين أصدروا الأحكام ضدهم في هذه القضايا. فيما شن المستشار يحيى الرفاعي شيخ القضاة هجوماً عنيفاً على دور وزير العدل في إهدار استقلال القضاء مشيراً إلى وجود ميزانية القضاء بيده وقيامه بترهيب القضاة عن طريق التفتيش القضائي بما يعني تحكمه مالياً وإدارياً في القضاة وانتقد الرفاعي ما وصفه باحتقار الدولة للقانون والدستور مشيراً إلى أن المشرف على كل الانتخابات التي جرت والتي ستجري هو في الحقيقية وزير الداخلية وقال الرفاعي إن القضاة يعيشون الآن على ضمائرهم مؤكداً على ضرورة تحقيق الاستقلال المادي والمعنوي للقضاة. وأشار المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إلى الدور التاريخي للجماعة القضائية المصرية في نقل النظام المصري القانوني إلى النظم القانونية والقضائية الحديثة والمعاصرة وقيامها بأقلمة الأنظمة القانونية التي تم استعارتها من الخارج وقال عبد الفتاح إن مصدر التوتر والنزاع بين نظام الحكم والجماعة القضائية المصرية يرجع إلى الأخذ بالقوانين الاستثنائية وفي مقدمتها قانون الطوارئ إلى جانب استخدام القضاء سياسياً بإدخاله لحسم قضايا يحتاج بطبيعتها إلى قرار سياسي كالأمور الخاصة بالأحزاب السياسية. وقال عبد الفتاح: إن مظاهر عدم استقلال السلطة القضائية ظاهرة جداً في أمور كوجود جهات القضاء الاستثنائي الموازي للسلطة القضائية كمحكمة ونظام المدعي الاشتراكي.
|