خمسٌ وستون لم تصعد كتائبها
إلى الكواكب لولا عزم جبار
ما أصهلت ذات مجدٍ في أعنََّتها
إلا وقد سبقت في كلِ مضمارِ
تفجَّر الصخرُ نوراً من سنابكها
وغادرته فأضحى فيضَ أنهارِ
تعانق الريح من سهلٍ إلى جبلٍ
وتسبق الغيث من دارٍ إلى دارٍ
لم تبرح القفر إلا وهو مبتسمٌ
عن روضةٍ من ربيع الفكر معطارِ
تخطو على البيد تجلو كل داجيةٍ
أضواؤها بين تقريبٍ وإحضارِ
لم تألف السفح والأطلال موحشةٌ
وما استكانت على نؤيٍ وأحجارِ
ما أوهنتها فلول العهن مضرمةٌ
أحقادَها في مغاراتٍ وأوكارِ
غبارها في عيون اللؤم محتشدٌ
فما تبالي بأنيابٍ وأظفارِ
مازال فارسها يحدو طلائعها
مسربلاً درع تقديرٍ وإكبارِ
يا سيد الشعر ما بال الحروف بدت
تبكي بطرفٍ سخين الدمع مدرارِ
قرأتها ولهيب الحزنِ يلفحني
فبتُّ منكسراً في عقر آصاري
وطفت في فلواتِ الشعر ما سمعت
أذنى بها غير (غازي) صوت ديَّارِ
إن لم تكن بطلاً ماذا نكون إذاً
وكم سؤالٍ كنصل السيف بتارِ
ونحن أسئلةٌ غرثى يطوقها
صمتُ البلاهة بين الغار والنارِ
أبا سهيلٍِ وهل شكٌ يخالجنا
في ضوئك المجتلى في نهرك الجاري
حتى تقول اقرأوني إن في سحبي
برقى ورعدي وأندائي وأسراري
فداء حرفك أقلامٌ يلوِّثها
حبرُ النخاسة حيث البائع الشاري
فداء فكرك أسماءٌ مذبذبة
تهرأت بين إقبال وإدبارِ
ومتخمون ضجيجاً شأن أسبقهم
شأن الغبار بجنح الليلِ موارِ
يبدون للناس ألقاباً وقد وقفوا
على شفا كل جرفٍ بائسٍ هارِ
كفاك أن قد كستك الشمس حلتها
إذا تباهوا بأسمالٍ وأطمارِ
ومهطعين على ذلٍّ ومسكنةٍ
تبادلوا الخزي أدواراً بأدوارِ
إذا صرخت بهم للمجد أقعدهم
قولُ (ابن زرعة) في أيام (ذي قارِ)