Monday 27th June,200511960العددالأثنين 20 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

بلورة التنظيمات البيئية ضرورة لتحقيق أهداف النظام العام للبيئةبلورة التنظيمات البيئية ضرورة لتحقيق أهداف النظام العام للبيئة
أحمد بن سليمان الجلاجل

- احتفلت الأسرة الدولية خلال شهر يونيو من هذا العام بمناسبتين عالميتين تمثلت في يوم البيئة العالمي الذي وافق الخامس من شهر يونيو، وكذلك اليوم العالمي لمكافحة التصحر الذي وافق السابع عشر من يونيو، وقد جاء تحت شعار المرأة والتصحر، إلا أن المتابع لنشاط الإدارة البيئية في المملكة يلاحظ الغياب التام لأية تظاهرة احتفالية بهذا اليوم بالرغم من تعدد الأجهزة المناط بها مسؤوليات الاهتمام بشؤون البيئة وفقاً لمهام واختصاصات كل جهة.
- كذلك يلاحظ الغياب التام للنشاط البيئي من قبل منظمات القطاع الخاص وانعدام الجهود الوطنية التطوعية الرامية لحماية البيئة خلال الاحتفال بيوم البيئة العالمي.
وبالرغم من أن البند الخامس من المادة الثانية من النظام العام للبيئة أكد على أهمية رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة، وترسيخ الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية للمحافظة عليها وتحسينها وتشجيع الجهود الوطنية التطوعية في هذا المجال.. وهذا ما لم نلاحظه خلال اليوم العالمي للبيئة عدا بعض الاجتهادات الصحفية في بعض الصحف المحلية نحو طرح القضايا البيئية.
- وقد يعزى السبب في عدم تفعيل المشاركة الوطنية على مستوى السكان في هذا الوقت بسبب انشغال الأسر في امتحانات آخر العام الدراسي ولكن ذلك لا يمنع في أن تتبنى الأجهزة المركزية للبيئة والأجهزة الأخرى ذات العلاقة ومراكز البحوث إقامة الندوات والمحاضرات والمعارض لتفعيل النشاط البيئي على مستوى منظمات القطاع العام، كما أن هذه الأنشطة تسهم في طرح القضايا البيئية وتقديم التطورات الملائمة لحلها، ومن ثم تناولها برؤية علمية مهنية للرفع من مستوى نشاط الإدارة البيئية على مستوى المملكة.
- ويجدر الإشارة إلى أن البيئة وقضاياها مكان اهتمام كبار المسؤولين في الدولة ويأتي على هرم الإشراف القيادي للإدارة البيئية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، ومن المعروف أن سموه الكريم من أبرز القيادات على مستوى العالم اهتماماً بالبيئة ودائماً ما يوجه سموه - حفظه الله - عبر لقاءاته واجتماعاته إلى أهمية الرفع من مستوى نشاط الإدارة البيئية وتنفيذ برامج التنمية المستدامة والمحافظة على المواد الطبيعية وقيمتها وترشيد استخدامها وتقدير الجهود سموه - رعاه الله - وتقديراً لمقامه البارز في مجال حماية البيئة فإنه على الأجهزة التنفيذية وكذلك منظمات القطاع الخاص بلورة تنظيماتها الحالية والشروع في إعادة صياغة أسلوب نشاطها بما يتفق مع أهداف النظام العام للبيئة، وتناول القضايا البيئية بنظرة شمولية ذلك أن البيئة محيط للجميع يتطلب التنظيم الفاعل للتعامل مع عناصره المختلفة.
- وتشير التقارير إلى أن مشكلة التصحر تهدد صحة ومعيشة أكثر من بليون نسمة، كما أن هذه الظاهرة تسهم في خسارة ما يعد بنحو (42) بليون دولار من الإنتاج الزراعي ونظراً لجسامة المخاطر الناجمة عن ظاهرة التصحر فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن سنة (2006م) سنة دولية للصحاري والتصحر، كما أن الشعار اللفظي لموضوع الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف لهذا العام جاء تحت عنوان (المرأة والتصحر) نظراً لأهمية دور المراة في المجالات الزراعية خاصة في الدول النامية وتعاملها المباشر مع الموارد الطبيعية، فقد أبرزت اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالتصحر والجفاف أهمية الدور الذي تؤديه المرأة في تنفيذ بنود الاتفاقية وأنه آن الأوان لإشراك المرأة في مشروعات صون الأراضي وتنميتها من أعمال الإرشاد الزراعي ووضع السياسات وبالتالي إعطاء النساء مع الرجال الفرصة لتغيير أنماط حياتهم ومجتمعاتهم بما يتفق مع أهداف صون البيئة وتنمية مواردها.
المملكة .. الغياب التام للإعلام السياسي
إن المتابع لإسهامات الأجهزة ذات العلاقة بالبيئة في متابعة ومواكبة الأحداث العالمية والمرتبطة ببعض القضايا المحلية يلاحظ الغياب التام لهذه الأجهزة نحو تفعيل واستثمار هذه المناسبات في رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة، وتناول بعض القضايا على المستوى المحلي من خلال عقد اللقاءات العالمية وورش العمل في هذه المناسبات للخروج بتوصيات وحلول لهذه القضايا من زوايا عديدة.
ويلاحظ أيضاً ضعف مشاركة المختصين في مجال البيئة وحمايتها عند تناول بعض القضايا المحلية وذلك للسياسة الإعلامية المتبعة في بعض الأجهزة والتي تمنع المشاركات الإعلامية لمنسوبيها أو الإدلاء ببعض وجهات النظر حول بعض المشكلات البيئية نظراً لعدم الفهم لحدود مسؤولياتهم وتجنب الخوض في بعض القضايا التي قد تحدث إشكاليات في أداء بعض الأجهزة مما يدل على عدم كفاءة أدائها بصفة عامة، بالرغم من الجهود العالمية التي تبذل من قبل بعض الجهات في مجال البيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتواصل مع المجتمع الدولي عبر المنظمات الدولية والعلاقات الراسخة في سبيل التحكم في جميع المصادر المؤثرة سلباً على البيئة.. وعلى ضوء ذلك فإنه يتعين على جميع الأجهزة ذات العلاقة بالبيئة تفعيل برامج وأساليب الإعلام البيئي واستثمار المناسبات لرفع مستوى الوعي الجماهيري بقضايا البيئة والمحافظة على المنجزات الحضارية في الدولة، حيث إن هذه الاسهامات تعد رافداً قوياً لإسهامات الأجهزة عبر الإشراف على تطبيق الأنظمة والقرارات في مجال البيئة فحماية البيئة لا تتحقق إلا بالدعم الكامل والتعاون من جميع الأجهزة والأطراف المعنية في الدولة ووعي المجتمع بأهمية دوره في هذا الجانب، لذا فإن الثقافة البيئية ضرورية من أجل تحقيق رؤية نظامية شمولية متكاملة لبناء مجتمع مثقف بيئياً عبر وسائط الإعلام المتعددة.
المرأة.. العنصر الهام في الحفاظ على البيئة
بالرغم من تركيز اليوم العالمي لمكافحة التصحر هذا العام على دور المرأة في مجال حماية البيئة ومكافحة التصحر فإن استمرار غياب برامج الإعلام البيئي المتخصص أدى أيضاً إلى إهمال تخصيص رسائل إعلامية للمراة كعنصر هام في المحافظة على البيئة وهو امتداد أيضاً للعديد من القضايا التي تمس المرأة في العصر الراهن إلا أن ما يجب التأكيد عليه هو الاعتراف في حماية البيئة بما لدى النساء من حكمة وخبرة عملية بالغتين ذلك أن النساء هن اللاتي يعملن على استمرار الحياة حيث يتعاملن يومياً بانتظام مع الأرض والماء والغذاء والنفايات، وهن أكثر الناس تعاملاً مع البيئة، لذا فإنه آن الأوان لتفعيل دور المرأة في مجال حماية البيئة، فالاهتمام بالبيئة يجب أن ينطلق من المنزل والمدرسة وبالتالي تنشئة الأطفال تنشئة تحمل في ضمائرهم وسلوكياتهم هموم البيئة ومن ثم حماية الوطن من كافة أشكال التلوث البيئي.
ومن هذا المنطلق فإنني أقدم بعض المقترحات والتوجيهات الإدارية نحو تفعيل أدوار الأجهزة العامة في مجال الرفع من مستوى الوعي بقضايا البيئة لتعكس مدى اهتمام ولاة الأمر في بلادنا - حفظها الله - بالبيئة وحماية الصحة العامة وتنمية وترشيد استعمال الموارد الطبيعية.
- أولاً: التطوير التنظيمي لنشاط الأجهزة ذات العلاقة بالبيئة:
نظراً لتعدد الأجهزة ذات العلاقة بالبيئة في المملكة والمسؤولة عن تنفيذ النظام العام للبيئة ولوائحه التنفيذية من أجهزة مدنية وعسكرية فإن ذلك يتطلب تطوير أداء هذه الأجهزة والتحديد المدقق لمهامها وتوضيح علاقتها ببرامج ولوائح النظام العام للبيئة، والتأكيد على أن يكون الاهتمام بعملية التنسيق عبر هذه الأجهزة عند وضع الخطط الخاصة بأدائها في مجال العمل البيئي لكي يتم وضع علامات منظمة بين الأجهزة تعمل من خلالها الأجهزة المتعددة بأسلوب تعاملي بعيداً عن التداخل والتنافس غير الموضوعي تجاه تناول المشكلات البيئية، والعمل على رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة من خلال التنسيق الفعال بين هذه الأجهزة وتوظيف المناسبات العالمية والمحلية نحو تحقيق أهداف النظام العام للبيئة.
- ثانياً: دمج الوحدات والأجهزة البيئية تحت مظلة جهة بيئية واحدة
من الملاحظ وجود تعدد في الأجهزة المسؤولة عن البيئة في المملكة، وكذلك يوجد أجهزة بيئية متخصصة منفصلة كالرئاسة العام للأرصاد وحماية البيئة، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، لذا فإن دمج بعض الوحدات والأجهزة البيئية المتعددة تحت مظلة جهة بيئية موحدة سوف يسهم في الحد من مشكلة تعدد الأجهزة وبالتالي تركيز الجهود تحت مظلة واحدة وبالتالي يسهل مواجهة المشكلات البيئية وتفعيل تنفيذ الأنظمة واللوائح البيئية وسهولة الاتصال بها مع الجهات الأخرى، فإن ذلك سيعمل على رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة وتفعيل المناسبات البيئية والعمل ضمن هيكل تنظيمي موحد يحد من الازدواجية في الأداء.
- ثالثاً: تشجيع المبادرات التطوعية الهادفة لحماية البيئة
لتفعيل برامج التوعية البيئية ورفع مستوى الوعي بالقضايا البيئية فإن ذلك يتطلب تشجيع المبادرات التطوعية الهادفة إلى حماية البيئة كتأسيس جمعيات حماية البيئة الأهلية في مختلف مناطق ومحافظات ومدن المملكة المترامية الأطراف.
وعلى ضوء ذلك فإن تأسيس هذه الجمعيات يتطلب أن تكون ضمن هياكل تنظيمية واضحة مع تحديد علاقتها مع الأجهزة الأمنية والبيئية لتمثل دور الرقابة المجتمعة في المجال البيئي ضد أي مصدر يهدد الأمن البيئي أو ضد الإهمال في تطبيق الأنظمة البيئية ولعل من المناسب تفعيل مجالس البلدية المنتخبة في مختلف مناطق المملكة في هذا المجال.
- رابعاً: تخصيص يوم بيئي على المستوى الوطني
العمل على تخصيص يوم بيئي على المستوى الوطني بحيث يتم إشراك جميع الأجهزة العامة ومنظمات القطاع الخاص والأفراد والجمعيات الأهلية المختلفة وذلك بهدف رفع مستوى الوعي بالقضايا البيئية وترسيخ الشعور بالمسؤولية لدى جميع العناصر البيئية المختلفة وأهمية المحافظة عليها، فاليوم العالمي للبيئة كتوقيت زمني قد لا يناسب ظروف مجتمعنا وبالتالي قد تقتصر المشاركة فيه على مستوى الأجهزة الرسمية للدولة، ولكن لابد من تخصيص يوم بيئي وطني لكل منطقة يراعى فيه ظروف المنطقة وطبيعة الأنشطة فيها كالمناطق الساحلية، أو المنتزهات البرية وغيرها وكذلك بالنسبة للمناسبات العالمية الأخرى.
وعلى سبيل المثال ففي مدينة الرياض يوجد عدد كبير من شركات النظافة العاملة في مجال نظافة المدينة، وبالتالي فإن تخصيص يوم وطني بيئي للمدينة للرفع سيرفع مستوى الوعي البيئي لسكان المدينة من خلال مشاركة هذه الشركات تحت إشراف أمانة مدينة الرياض لتحقيق هدف محدد من أهداف حماية البيئة لدى جميع سكان مدينة الرياض ويختار لأجل ذلك وقت يناسب هذا الاتجاه لرفع مستوى الوعي بقضايا البيئة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved