Thursday 23rd June,200511956العددالخميس 16 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

الشباب والواقع الثقافيالشباب والواقع الثقافي
مندل عبد الله القباع

خلال لقاء مع مجموعة من الأصدقاء المهتمين بقضايا التغير الاجتماعي وفي حال ما هو متغير وما هو جار في مجتمعنا وما ينعتونه بالمعاصرة، تطرق الحديث إلى واقع الشباب اليوم وما ينعتونه بالمعاصرة أيضاً؛ أي بالخروج على كل ما هو تقليدي والتوجّه إلى مجتمع يحمل هموم الواقع المتغير وبواعث التوافق الاجتماعي والنفسي والانتشاء بكل ما هو جديد في ميادين الفكر والثقافة مما يدعو إلى مسايرة موكب الجديد والتجديد الجاري في المجتمعات الأخرى.
وذكر أحدنا أن السلوك المتبع والسائد في عالم اليوم هو سلوك العنف وما يفرضه علينا من تصدّ لما هو قائم بفعل هذا السلوك وما يجب علينا من التمسك بما لدينا من ثقافة وفكر ومحاولة الارتقاء بهذه الثقافة الكلية الشاملة في مقابل الثقافة الغربية فنحن دعاة سلام لا عنف نحمل لواء المحبة مع الآخر في عدل وعدالة، عدل في التناول وعدالة في المعالجة في مواجهة المتربصين بنا الذين يتأولون على ثقافة مجتمعنا وما تفرضه علينا من التحول للسلم والسعي نحو اعتلاء سلم التقدم بمناحيه المختلفة المادية واللا مادية مع الوضع في الاعتبار أن الحياة موجات متصلة ولكنها في ذاتها متغيرة ولنضرب مثلاً بحياة الشباب في ظل المناخ الثقافي العام ومطلب حل المشكلات وإزاء ذلك قال أحدنا إننا ما زلنا نركز على أساليب تعليمية تلقينيه تستهدف التأثير في سلوك الشباب لتنمية الوعي بالذات والآخر، وترسم الرؤى المستقبلية وما يعززها من وعي بمنطلقات التقنية والاتصالية المعلوماتية المعرفية باستخدام آليات المجتمع وفي حدود الممكن والمتاح وحسب فئات المعالجة السريعة التي تتمثل في فئات الإعاقات السلوكية والبدنية والذهنية، فضلاً عن العاطلين بإرادتهم، والصامدين عند رؤى وممارسات تعدّ - إلى حدّ ما - تقليدية؛ لأنها تشكل اتجاهات الشباب ورؤاهم نحو ثقافة المجتمع التي تكاد تكون شبه ثابتة ومستقرة.
لكن هذا لا يعني التصلب والجمود أمام التغيرات التي تحيط بمجتمعنا وما يصاحبها من تبدل في مزاج الشباب مما ينعكس أثره على اتجاهات الشباب نحو الذات والمحيط وما يتحلق حوله وما تفرضه الرؤى المعولمة منه تقبل التكنولوجيا المعلوماتية وتطوراتها الإبداعية.
ويحدد هذا المدى درجة المنفعة العائدة منه ومدى الإثارة التي تتشكل في ترويع اتجاهات التوافق التكيفي الانسجامي مع المجتمع وإمكاناته وتياراته فإذا لم يكن ذلك فاتجاهات الشباب ستتحول نحو سلوك العنف والتضاد.
وفي التصدي لهذا السلوك يجب - عن طريق الوسائط التربوية - دعم قيم التوافق بالاعتماد على ما لدى الشباب من رصيد توارثيّ ويتبع أفراد المجتمع اتجاهات السلام نحو الواقع المتغير فإن لم يتجه الشباب نحو الركون للسلام أو اتباع سلوك التضاد فعلينا أن ننتظر لنرى ما سيكون.
ونهيب بالرئاسة العامة لرعاية الشباب أن تعيد النظر في صياغة استراتيجياتها والسير بها نحو اتجاهات الشباب في واقع متغير مع مراعاة مطالب هذه الفئة السنية والتعامل معها من خلال منحنيين هما: إعمال العقل وامتلاك إرادة الوعي بلا توان أو تخوف أو تردد أو محاباة أو بفرض حواجز تحدّ من الحركة النمائية في حدود خصائص المرحلة السنية وقيم ثقافة المجتمع وعدم فرض قيم التصلب التي تتمثل في المنع والرقابة والخوف بديلة عن قضايا حرية التعبير والنقد العقلاني في مواجهة متغير التصلب المتطرف الناقد الهلامي في تصديه لمتغيرات التقدم والحداثة وما تفرضه إزاء ذلك من مسئوليات لمواجهة التغيرات التي تحملها التيارات الوافدة دون تمييز في تحديد النقلة الحضارية في مواجهة تيار مندفع ومنحاز وعبثي وغير مسئول، وهذا يحتاج إلى تأمل في تأصيل مبادئه فهل لنا أن نوصي بتنفيذ (مشروع وطني) لإحياء فكرة (الأصالة المعاصرة) حيث تتضمن استخراج القيم التراثية كأساس لقبول فروض المعاصرة.
وأصبح لدى مجموعة اللقاء قناعة تامة بأن الحفاظ على القيم التراثية هو أنسب المشروعات للقضاء على بعض المشكلات الاجتماعية التطبيقية، ومثال ذلك ظاهرة البطالة التي بدت تشكل مشكلة أمام المسئولين حيث يجب توفير فرص العمل وما يواكبها من صقل المهارات وتعميق القدرات واستخدام متغيرات تنفيذ المشروع الوطني المقترح وما يعوزه من مضمون ثقافي وحس اجتماعي وواقع سيكولوجي وعلينا حفز جهود دعم المنتج الثقافي وتعميق شعور الانتماء للمجتمع المنفرد بالخصائص التي تتضمن فرص التحقق وتنظيم العائد الخيروي اللازم والممتد لا تمنعه حدود قاسمة وإن كانت تعي مغبة المد العولمي الساحق وما يحمله من تحديات ولا سيما أن التحدي الرئيسي يتمثل في إمكانات التصدي لعوائده بما لدينا من موروث ثقافي زاخر وبقيمٍ للعطاء المتوافق، ومتغيرات للحراك الاجتماعي أفقياً ورأسيا وبقدر من الاستيعاب للمتغيرات الحاكمة في تيار العولمة والموقف إزاءها مما يجعل دور القيادة متعاظماً.
ولما كانت العولمة متعددة الجوانب فيجب التفرقة بين مستقبل ثقافتنا في عصر العولمة أو موقف ثقافتنا من العولمة.
وإن كان ذلك كذلك فالمعني بالأمر هو التأكيد على حقوق المواطن بحيث يتم تحقيق إنسانية الإنسان باعتماد لغة التواصل الإنساني المرتكز على أسس الحضارة الإسلامية فكراً ومعتقداً وأداءً.
ولذا فإن في رؤى الشباب أن خطابنا الثقافي حسبما هو واقع يتمحور حول تعريف العولمة الثقافية والإجابة أن العولمة الثقافية هي المحاولة الساعية لتوحيد المفهوم وخروجه من الذات الوطنية إلى العالمية بالاعتماد على التفاعل بين ثقافتنا - الملتزمة - وثقافة الآخر.
هذا ويعني التفاعل الأخذ والعطاء فبدون الأخذ (في غير خوف أو وجل) والعطاء الملزم في غير معاناة وفي غير تبعية مطلقة لثقافة الآخر باعتبارها ثقافة العصر.
وأخيراً أوصي الجمع بضرورة عدم الانغلاق على الموروث المفاهيمي والإجرائي وأيضاً مسايرته في ضوء خصائص العالمية المعاصرة.
كما أكد البعض ضرورة وضع نظرية علمية لتعرف الواقع المجتمعي وعلاقات (الأصالة المعاصرة) التواصل.
وهذه النظرية التي نشير إليها لا تدعي أن المعاصرة تعتبر البناء الثقافي كياناً متفرداً يخضع للتحليل النقدي ولا يخضع للتبعية المطلقة.
هذا في وقت تزايدت فيه الصراعات الحضارية والثقافية في كافة أنحاء العالم وتنافست فيه التقنيات الحديثة، وتضاربت فيه المبادئ الحقوقية والفكرية الثقافية فهل نحن نؤثر الواقع المتغير على الأصولية الثقافية؟ هذا سوف نوضحه في مقالات لاحقة إن شاء الله.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved