* القريات - جريد الجريد: هي إحدى المناطق التابعة لمنطقة الجوف.. تلك المنطقة المنبسطة، والبالغة مساحتها أكثر من (240000) هكتار، كان يُضرب بها المثل قديماً في قولهم (مثل بسيطاء لا حجرة ولا شجرة) رغم أن أرضها من أخصب المواقع، ورغم أنها إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري كانت تكثر فيها حيوانات برية مثل (المها) و(النعام)، وقد ذكرها أبو الطيب المتنبي في شعره بعدما سلكها حيث قال أحد عبيده وقد رأى ثوراً وحشياً: هذه منارة جامع.. وقال آخر وقد رأى نعامة: وهذه نخلة، حيث قال المتنبي فيهم:
بسيطة مهلا سقيت القطارا تركت عيون عبيدي حيارى فظنوا النعام عليك النخيل وظنوا الصوارا عليك المنارا فأمسك صحبي بأكوارهم وقد قصد الضحك منهم وجارا |
وقال أيضاً:
وجابت بسيطة جوب الردا بين النعام وبين المها إلى عقدة الجوف حتى شفت بماء الجراوي بعض الصدا |
وكانت أرض مراعٍ في موسم الربيع، حيث يكثر فيها (نبات السمح) وهو الذي اشتهرت وعرفت به قديماً، واستغله أهل البادية ليصبح طعاماً لهم بعد التمر واللبن، وهو نبات بري ينبت دون سقي ويعتمد على الأمطار مع الوسم، وفي ذلك يقول الشاعر الشعبي:
قلبي كما سمح تنثر بضاحي يامن يعزل السمح والرمل غاشيه |
والسمح شجيرات صغيرة لها عدة أغصان تتكون فيها حبات بحجم حبة (الحمص) يتم جمعها، ثم توضع في أحواض ماء، حيث تتفتح هذه الحبات بعد تحريكها ويتساقط منها حبيبات صغيرة تستقر أسفل الحوض، وتبقى القشور بالأعلى، حيث تُزال وتصفى المياه، وتجمع هذه الحبيبات الصغيرة، حيث تكون أصغر من حب السمسم، وبعد جمعها يتم نشرها على أكياس بالشس حتى تجف، ومِنْ ثمَّ يتم تحميصها وطحنها حيث تستخدم في العديد من الأكلات، وخاصة ما يُعرف بالبكيلة وهو عجنها مع التمر.. هذه ما كانت تتميز به بسيطاء وتُعرف به في الماضي القريب، لكن بسيطاء اليوم تغيَّرت بشكل كبير في الصورة والعنوان والمضمون، وتحوَّلت إلى شاهد عظيم من شواهد النهضة والنمو في بلادنا ومصدر أساسي من مصادر الغذاء.. تحتضن اليوم مئات من المشاريع الزراعية وعلى أحدث التقنيات العالمية تميّزها (سنابل القمح الذهبية)، وهي تتماوج في مثل هذا الوقت من السنة مبشِّرة بخير وفير، لتأخذ مساحة كبيرة من انتاج مملكتنا من الغذاء العالمي (القمح)، ومن أجود الأنواع نظراً لخصوبة أرضها وغزارة مياهها، والصورة هذه الأيام في (بسيطاء) قمة في الروعة وأنت تشاهد (موسم الحصاد) يتم من خلال الآلات الحديثة، وهي تتحرك في مشاريع القمح وكأنها تجمع (قطعاً من الذهب) والفرحة تغطي الوجوه.. ولِمَ لا.. فتعب موسم كامل (آتى اليوم أُكله) وكل ما تتجوّل في هذه المنطقة تتغيّر في نظرك الصورة، فمن دوائر القمح وسنابله إلى مئات الآلاف من الأشجار المثمرة (المحمَّلة بطلعها) من شتى أنواع الفاكهة من (المشمش والكمثرى والتفاح والبرقوق والخوخ...)كما أن هذه المنطقة يوجد فيها مساحات كبيرة لزراعة الخضروات بمختلف أنواعها حتى كان هناك بعض المصانع الخاصة بتعليب هذه الخضروات.. وللشجرة المباركة مساحة أيضاً في هذه المنطقة.. (فالزيتون) كان من أهم الأشجار الناجحة في بسيطاء ويوجد بها ملايين من أشجار الزيتون.. وكما للزراعة من أهميه فهناك تربية (الحيوانات) فكان لها نصيب الأسد في مشاريع بسيطاء، حيث يوجد العديد من مشاريع تسمين الأغنام وبكميات كبيرة، بالإضافة للاهتمام بزراعة (الأعلاف) بمختلف أنواعها من (البرسيم) و(الشعير).. كل هذه المشاريع التي أُنفق عليها مليارات الريالات لم تكن لترى النور لولا فضل الله عز وجل ثم الدعم السخي والتشجيع من قِبل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - استطاعت (بسيطاء) أن تتحوَّل من منطقة (السمح) إلى منطقة (القمح)، وذلك خلال فترة وجيزة وما زالت تطمح للتطور والنمو وجاهزة لاستيعاب العديد من المشاريع... لكن (بسيطاء) رغم كل مايشفع لها ما زالت بحاجة لبعض الخدمات المسانده للنهوض بها ومن أبرز احتياجاتها تطوير مشاريع الكهرباء والطرق والاتصالات وكذلك المدارس لأبناء العاملين في المشاريع والخدمات الصحية.
|