Sunday 19th June,200511952العددالأحد 12 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

هم سبب المشكلةهم سبب المشكلة
نادر سالم الكلباني

أتى الناس إلى جحا وقالوا.. لقد ظهر الفساد في الأرض، قال وهو يبتسم: لا مشكلة، المهم ألا يصل الفساد إلى بلدتنا.. أتوه ثانية وقالوا لقد وصل الفساد بلدتنا فما العمل.. قال: لا مشكلة المهم ألا يصل الفساد إلى حينا.. لكن الفساد ظهر في الحي فتراكضوا إلى جحا وقالوا يا جحا لقد وصل الفساد إلى حينا دون أن نعمل ما يدرأه.. قال لهم هذه مشكلتكم المهم ألا يصل الفساد إلى بيتي.. عندما وصل الفساد إلى بيت جحا أتوه شامتين متشفين وقالوا ها قد ظهر الفساد في بيتك فما أنت فاعل.. قال وببلادة لا مشكلة المهم ألا يصل الفساد.. وانتم تعرفون البقية. هذه الطرفة التي تروى عن جحا فيها من المبالغة ما فيها لكنها ومن جانب آخر تجسد لنا السلبية واللامبالاة التي يتبناها البعض ويتخذونها منهجا لهم فالبعض يرى الخطأ أو الاعوجاج واضحا أمامه وفي نطاق الدائرة المسؤول عنها لكنه لا يسعى ولا يكلف نفسه ولو بمجرد المحاولة لتعديله أو حتى النصح فيه وطالما أن الأمر لا يمسه بصفته الشخصية فهو لا يعنيه من قريب أو بعيد.
تحدثت مع أحدهم متسائلاً عن سبب وجود اعداد كبيرة من الموظفين دون عمل رغم ما يشكله هذا من بطالة مقنعة تتسبب في تعطيل العمل والأداء ولماذا لا يستفاد من هذه الأعداد الكبيرة للموظفين في أعمال تحقق الفائدة للصالح العام بدلا من تركهم على حالهم هذه والصرف عليهم؟ أجاب وبدون تردد هم يريدون هذا وهم يتحملون الذنب وتبعات الأمر.. يقصد المسؤولين الأعلى منه، نفس التساؤل طرحته على مدير الإدارة والغريب أنني تلقيت نفس الجواب.. هم يريدون هذا وهم يتحملون المسؤولية.. بعناد تحدثت مع مدير عام الإدارة طارحاً نفس التساؤلات والتحفظات على عدم استغلال هذه القوى البشرية المتوفرة الاستغلال الأمثل.. لكن حاله لم تكن بأفضل من سابقيه وأكد أنه لا يستطيع تغيير الأمر أو فعل أي شيء طالما أنهم يريدون ذلك.. هو الآخر يقصد رؤسائه مبرراً سلبيته بأن العاقل من يحرص على عدم مواجهة التيار الذي يفوقه قوة.
هم الذين يريدون.. وهم سبب المشكلة.. وهم الذين يضعون العراقيل ويتسببون في خراب كل شيء.. ترى من هم؟ دائماً يجد إنسان المتخاذل مخرجا لتخاذله وضعفه وسلبيته المفرطة بإلقاء اللوم على مجموعة أو جهة أخرى ولا أفضل من وصف هذه الجهة بضمير الغائب (هم) ويستبعد في ظل ما يحدث نفسه ودوه وحجم مشاركته إما في إصلاح الفساد أو نشره، المشكلة أن البعض دائماً يلقي باللائمة على الآخرين دون أدنى محاولة للتغيير أو التصحيح أو المشاركة بالرأي أو النصح حتى إذا تحقق الفشل وخرجت الأمور عن السيطرة قالوا هم سبب الفشل.. ترى من الذي يخطئ غيرهم؟

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved