Friday 10th June,200511943العددالجمعة 3 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

قراءة في مفهوم الوحدة الوطنيةقراءة في مفهوم الوحدة الوطنية
د. عبدالله بن ناجي بن محمد آل مبارك/ مدير مركز الإشراف التربوي بالسويدي

تعد الوحدة الوطنية لوطننا المملكة العربية السعودية ركيزة من ركائز مقومات هذا الوطن ومسلمة من مسلمات تطوره وتقدمه ودليلا قاطعا على تلاحم هذا الشعب مع قيادته. إذا تظهر لنا الوحدة الوطنية قصة التلاحم بين أبناء هذا المجتمع من تاريخ أبنائنا وأجدادنا إلى يومنا هذا.
ولولاة أمرنا - يحفظهم الله - دور كبير ومهم في نشر الأمن وتوفير الحياة الاقتصادية السعيدة لأبناء الوطن، ونشر المحبة بين الناس. والوحدة الوطنية في مملكتنا تبرز لنا قصة الحضارة التي عاشتها وتعيشها المملكة عبر مرور السنين، حيث تظهر لنا كيف دخلت التنمية والتعليم لكل بيت سعودي ولكل مدينة وقرية وهجرة.
وتعمل قيمة الوحدة الوطنية على إبراز قيمة الانتماء الوطني وجعلها هدفا يعمل الجميع على تحقيقه والمحافظة عليه، والوحدة الوطنية هي من مسلمات وطننا التي نعمل على تقويتها والحفاظ عليها وان وحدتنا الوطنية هي من مكتسبات هذا الوطن وهي جزء من تفوقه على الكثير من المجتمعات الأخرى فنجد أن اللحمة التي نسجها موحد المملكة الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - لهذا الوطن ساهمت في وصول وطننا إلى مصاف دول العالم المتطورة فبلغت إنجازات وطننا في المجال الطبي إلى مجاراة دول العالم، كما أن التعليم أصبح له النصيب الأكبر في الميزانية السنوية وهذا له أثر في الاستثمار في العقل البشري السعودي.
ويعرف مفهوم الوحدة الوطنية بأنه: اتحاد مجموعة من البشر في الدين والاقتصاد والاجتماع والتاريخ في مكان واحد وتحت راية حكم واحدة. وهذا ما يتميز به مجتمع المملكة العربية السعودية حيث يجمع سكان المملكة مجموعة من العوامل التي تعد من مسلمات وحدتنا الوطنية ومنها أن سكان المملكة يدينون بالدين الإسلامي ولله الحمد وهو من أهم الروابط التي تجمع سكان أي مجتمع من المجتمعات لأن الدين الإسلامي المصدر التشريعي لوطننا المملكة من خلال العمل بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهذا واضح من بداية الدولة السعودية الأولى عندما تعاهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود - يرحمهما الله - على تطبيق الشريعة الإسلامية ولقد تواصل تطبيق الشريعة من خلال الدولة السعودية الثانية وصولا إلى مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ولقد واصل أبناؤه البررة تطبيق هذا المنهج القويم إلى يومنا هذا ولله الحمد كما أن التطور الاقتصادي الذي شمل مناطق المملكة ومحافظاتها ومراكزها وبواديها حيث دخل التعليم كل بيت ووصلت المواصلات والتطور الحضاري إلى كل مكان في المملكة، وبرز الترابط والتكاتف الاجتماعي بين أبناء المجتمع السعودي ووحد الملك عبدالعزيز قلوب أبناء هذا الوطن على المحبة والتعاون.
وتعد طاعة ولاة الأمر يحفظهم الله والسمع لهم مسلمة من مسلمات وحدتنا الوطنية وتحقيقا لوحدة الكلمة واجتماعها ووحدة الصف ومنعا للافتراق والتشتت واستتبابا للأمن بكل ما فيه من الأشياء المادية والمعنوية، ولقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} ولقد رزق وطننا بولاة أمر جعلوا من الدين منهجا ومن تطوير الوطن هدفا ومن نشر الأمن مرتكزا ومن أبناء الوطن إخوة لهم.
كما تعد سياسة الباب المفتوح جزءا من منهج ولاة الأمر، فالمتأمل لتواصل المجتمع مع ولاة الأمر من خلال الاستقبالات الأسبوعية للمواطنين وللعلماء وللمسؤولين والاستماع إليهم والتواصل معهم لحل مشكلاتهم والسماع إلى مظالمهم ومطالبهم وتسهيل أمورهم دليل واضح ومنهج قويم وسنة حسنة لأبناء هذا الوطن سنها الملك عبدالعزيز منذ تأسيس هذه الدولة وسار على هذا النهج أبناؤه البررة.
وتعد طاعة العلماء المعتبرين ممن عرفوا بدينهم وسلامة عقيدتهم وعمق معرفتهم وصفاء سريرتهم واجباً شرعياً، فهم جزء من مقومات وحدتنا الوطنية حيث يعدون مرجعيتنا الشرعية ولهم الفضل - بعد الله سبحانه وتعالى - في توجيه المجتمع نحو طاعة الله على بصيرة وتوكيد دورهم في رد الشبه وتقويم الانحراف في فهم نصوص الكتاب والسنة لاجتماع الكلمة في التعامل بين المسلمين أنفسهم وبين المسلمين وغيرهم.
والمحافظة على الأمن مقوم مهم من مقومات وحدتنا الوطنية، ولنا في قراءة التاريخ للجزيرة العربية وبالتحديد قبل قيام الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - بتوحيد مناطق المملكة، من يتأمل أوضاع هذه المناطق وهذه الأقاليم يجد أن القتل والفوضى وقطع الطرق كانت صفة لهذه المناطق قبل توحيدها وكان الناس يخافون على أنفسهم في السفر إلى مسافات بعيدة وكانت شريعة الغاب هي السائدة في هذه المناطق لأنه لا يوجد حاكم لها بل كان هناك خلاف بين القبائل، ولكن حالات الخوف انتهت وحالات الخوف توقفت بعد توحيد الملك عبدالعزيز لقلوب الناس قبل توحيد المكان، فبمجرد انتشار الأمن بدأت خطوات التنمية في العد والتوسع حتى شملت جميع أنحاء المملكة ولله الحمد ولهذا الأمن فوائد كبيرة وكثيرة ومنها تأدية عبادتنا اليومية بنفس مطمئنة ومستقرة، كما أن من يعيش على أرض هذا الوطن يخرج لكسب عيشه وهو في حالة مطمئنة لا يخشى إلا الله كما أن الطالب يخرج من منزله لطلب العلم وهو لا يفكر إلا في تحصيله الدراسي وفي رفع مستواه للمساهمة في بناء وطنه، كما أن المواطن والمقيم يسافر مئات الكيلو مترات يوميا وهو مطمئن وآمن على نفسه وهو يقطع الطريق من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وهذه نعمة كبيرة تستحق منا المحافظة عليها وعلى جميع النعم الأخرى، كما أن الأمن يعمل على ازدهار الحالة الاقتصادية وتوفر سبل العيش وهذا مشاهد من ازدهار الحياة الاقتصادية في توفر جميع احتياجات المواطن الغذائية والطبية والكمالية والحركة النشطة في مجال العقار والأسهم.
ومن مقومات الوحدة الوطنية نشر المحبة والألفة بين أبناء الوطن، ونبذ العنف والشقاق والخلاف، ونشر لغة المحبة والتسامح والترابط والتكاتف، لأنها جزء مهم من قيمنا الوطنية وهي من القيم التي يحتاجها مجتمعنا كبارا وصغارا، كيف لا وقد أمرنا ديننا الإسلامي بإزالة الأذى من الطريق وبنشر الابتسامة بيننا وأن كل نفس رطبة فيها صدقة.. وأن الابتسامة في وجه الآخر صدقة، وأن رسولنا محمد - عليه الصلاة والسلام - هو خير قدوة لنا، كما أننا مطالبون بنشر لغة التسامح بيننا، وأن الله بعثنا مبشرين وليس منفرين. وأن شعارنا الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. وأن تنشر لغة الحوار بيننا كأفراد وجماعات. وأن نشعر أبناءنا بأن الوطن هو وطن الجميع، لأن من يعيش على أرض هذا الوطن له الحق في المشاركة في بناء حضارته والمساهمة في التفاعل مع مجتمعه وخاصة أن جميع من يعيش على أرض هذا الوطن يدين بالدين الإسلامي ولله الحمد، وأن كلاً منا عليه واجبات وله حقوق.
وتعد مشاركة المواطن في تطوير وطنه والمحافظة على استقراره وإنجازاته ومحبته لأفراده ولقيادته ولعلمائه مقوما مهما من مقومات وحدتنا الوطنية، وتتجلى وطنية المواطن السعودي من خلال حرصه على أمن وطنه الفكري والاقتصادي والاجتماعي والأمني ودوره الكبير في نشر المحبة بين أفراد وطنه والدعاء لولاة أمره وعلمائه.
كما تعد حماية البناء الداخلي ممن يحاولون هدمه أو إعاقته واجباً على كل فرد إذ إن الوطن للجميع وحمايته ليست فقط من مهام رجال الأمن فقط دون غيرهم بل كل مواطن رجل أمن للحفاظ على جبهتنا الداخلية من كل مخترق لها وهذا تحقق - ولله الحمد - من خلال تعاون المواطنين مع رجال الأمن في التبليغ عن كل شخص ينتمي للفئة الضالة التي فجرت وأرهبت في بلد الحرمين الشريفين. كما يعد الوعي بما يحدق بالوطن من أخطار وهجمات شرسة تمس عقيدته ووحدته الوطنية واجبا شرعيا وطنيا.
ومن مقومات وحدتنا الوطنية محبتنا لوطننا لأن هذه المحبة طبيعية لا يمكن أن تستغرب من أي شخص يعتز بوطنه ويفاخر به كيف لا وهذا الوطن هو مصدر سعادته ومصدر فرحه ومصدر استقراره، ومحبتنا لوطننا المملكة العربية السعودية تختلف عن محبة كل الأوطان الأخرى والسبب واضح لكل باحث عن الحقيقة وباحث عن المعرفة، إن وطننا - المملكة - يتميز عن أي وطن آخر من خلال حكمها بالشريعة الإسلامية فهي مصدر التشريع، وهي تحتضن أطهر البقاع في العالم مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ويتم تنمية الوحدة الوطنية في قلوب أبنائنا من خلال العديد من القنوات ومن أهم هذه القنوات:
- دور المدرسة من خلال البرامج التالية:
- الكتب المدرسية وذلك بإيراد المزيد من القصائد الوطنية ومن كلمات رجال هذا الوطن تجاه وطنهم، وإبراز منجزات هذا الوطن من خلال الصور التي تحكي تطور النهضة العمرانية والتعليمية والاقتصادية وزيادة استخدام بعض المفردات مثل، الوطن، الوحدة الوطنية، الانتماء الوطني في الكتب المدرسية.
- الأنشطة الطلابية: وذلك بتحديد العديد من القيم الوطنية وتفعيلها من خلال برامج النشاط السنوية من خلال المسابقات الطلابية والمسرحيات، والزيارات الميدانية وقد أقامت وزارة التربية بعض المعارض والمسابقات الوطنية من خلال الحملة الوطنية ضد الإرهاب والذي شمل جميع مدارس وزارة التربية حيث شاهدنا العديد من المشاركات من خلال إقامة المسابقات الثقافية والمعارض التربوية والمراسم الفنية والمسابقات الرياضية وهي جهود موفقة.
- المعلمون: يقوم المعلمون بجهود موفقة في تنمية الوحدة الوطنية في قلوب طلابنا وهي جهود طيبة ولكننا في هذه الأيام بحاجة ماسة إلى زيادة الجهود في العمل في تنمية حب الوطن بشكل أكبر في قلوب أبنائنا وإبراز المنجزات التي حققها الوطن، وبيان دور الطلاب في محبة وطننا وولاة أمرنا وعلمائنا، وبيان دور الطلاب في الحفاظ على أمننا الفكري والاجتماعي والأمني.
وتعد وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة من أهم الأدوات المهمة والمؤثرة في تنمية الوحدة الوطنية وحب الوطن في قلوب طلابنا وذلك من خلال إعداد برامج تلفزيونية جديدة تعتمد على اختيار الرسالة المناسبة للمشاهد واختيار المادة الإعلامية المناسبة، وزيادة البرامج الحوارية التي تقوم على حوار الشباب وتوضيح دورهم في الحياة ودورهم تجاه وطنهم، وإعداد برامج توضح الدور المطلوب من الطالب تجاه وطنه من الناحية الأمنية ومن الناحية الفكرية ومن الناحية الاجتماعية، ولقد نجحت أجهزة الإعلام السعودية من تلفاز وإذاعة وصحف في تغطية مؤتمر الرياض لمحاربة الإرهاب وتغطية العديد من الفعاليات الوطنية التي صاحبت هذا المؤتمر والمقامة في الجامعات والمدارس والإدارات الأخرى بمشاركة رجال المجتمع في جميع الميادين.
ويقع على عاتق الأسرة دور كبير في تنمية الوحدة الوطنية في قلوب الأبناء وذلك من خلال ذكر واقع الجزيرة العربية قبل توحيد الملك عبدالعزيز وإقامة الدولة السعودية الثالثة وكيف كانت حالة الأمن مفقودة والجهل منتشراً والأوضاع الصحية متردية والأمراض منتشرة، ومن ثم مقارنة هذه الأوضاع مع ما تعيشه المملكة من تقدم صحي وتعليمي وأمني من عهد الملك عبدالعزيز إلى يومنا هذا ولله الحمد، كما على الأسرة بيان حقوق الوطن على الأبناء ودورهم في بيان دور الأبناء تجاه وطنهم للحفاظ على أمنه الفكري والأمني.
ويعد الحوار جزءاً مهما من مقومات الوحدة الوطنية، حيث تعد ثقافة الحوار الوطني مدخلا مهما للتعرف على الآراء بين أفراد المجتمع السعودي حيث نشاهد أن الحوار بدأ في بعض المؤسسات التربوية من خلال برامج معدة مسبقا لتدريب الطلاب عليها وظهر نجاح هذه التجربة، كما أن إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منطلقا مهما لنشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي، كما أن لقاءات أبناء الوطن التي تمت في مدينة الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية خطوة مضيئة في بناء التنمية الثقافية لدى أبناء المجتمع السعودي منطلقين من أن الحوار من أجل الوطن.
ولقد شهدت المملكة العربية السعودية تجربة ثرية وموفقة وهي تجربة الانتخابات البلدية التي بدأت في الرياض وانتقلت إلى مناطق الوطن لمشاركة المواطنين في صناعة القرار من خلال المجالس البلدية حيث شاهد الجميع الأثر الجيد لهذه الانتخابات حيث أبرزت العديد من الكفاءات الوطنية وأنها قادرة على خدمة الوطن من خلال المشاركة في المجالس البلدية.
هذه من أبرز مقومات وحدتنا الوطنية السعودية التي يعمل الجميع على تماسكها وإبرازها للجميع منطلقين من أهمية التعاون والتكاتف والترابط والتراحم والتلاحم بين أبناء الجسد الواحد لتحقيق نعمة الأمن التي هي من أهم النعم علينا بعد نعمة الإسلام وهي مفتاح لتحقق النعم الأخرى التي نعيشها من تعليم وتطور اقتصادي وتطور صحي وغيرها من النعم الأخرى.
حفظ الله وطننا من كل مكروه وسوء وأدام علينا وحدتنا الوطنية إنه سميع مجيب.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved