* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي - إبراهيم محمد: البطالة قنبلة موقوته تهدد الدول العربية خاصة وأنها في تزايد مستمر لتصل إلى 20% من حجم القوة العاملة.. 60% منها من الشباب المتعلم في الوقت الذي تنمو فيه قوة العمل العربية سنوياً بنسبة 3% وعلى الرغم من أن البطالة حالياً لا تشكل مشكلة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعتبر من البلدان المستوردة للعمالة العربية والآسيوية، وناتجها المحلي مرتفع، فقد بلغت معدلات البطالة في الإمارات 2.3%، والبحرين 3.1% وقطر 2.3% والكويت 1.1%، والسعودية 4.6% باستثناء عمان، حيث تصل البطالة 17.2% إلا أن الأمر يتطلب رسم السياسات التي تحد من تزايد معدلات البطالة في المستقبل، وهو ما اتخذته المملكة من خلال السعودة، وتنويع أنشتطها الاقتصادية التي تتطلب كثافة في الأيدي العاملة.. فالخطورة تكمن في أن معدل البطالة سيرتفع إلى 50 مليون فرد خلال 10 سنوات مقبلة في حالة عدم مواجهتها بالإضافة إلى الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. (الجزيرة) تدق ناقوس الخطر وتعرض حجم المشكلة؟ وآثارها على المنطقة العربية في هذا التحقيق: حجم البطالة أظهر أحدث تقرير لمجلس الوحدة الاقتصادية أن معدل البطالة في الدول العربية بلغ 21% وفي دول الخليج وصل 7% والدول العربية الأخرى 14% في الوقت الذي بلغت معدلات البطالة في الاتحاد الاوربي 6% وجنوب اسيا 8% والصحراء الافريقية 28%. وأشار التقرير إلى أن نسبة القوي العاملة بلغت 34.1% عام 2002 بالمملكة العربية السعودية مقابل 27.6% عام 1995 بمعدل نمو سنوي 6.3%، وأن معدل البطالة بلغ 4.6%. في حين وصلت في عمان إلى 17.2% حيث ارتفعت القوى العاملة من 28.3% عام 1995 إلى 39.7% عام 2002 بمعدل نمو 7.7% وحذر التقرير من ارتفاع معدلات البطالة في باقي الدول العربية حيث بلغت 13.7% في الأردن والسودان 17%، ومصر 9.2% وموريتانيا 28.9% واليمن 11.5% وتونس 14.9% والجزائر 27.3%، والمغرب 11.6%. يقول الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية: إن مشكلة البطالة تتفاقم عاماً بعد عام حتى وصلت إلى خريجي الجامعات والمعاهد.. العليا بشكل متزايد، مما يشكل إهدار الطاقة لعنصر العمل من جهة، وتهديداً للاستقرار السياسي والاجتماعي ويوفر أرضاً خصبة لنمو التطرف السياسي والعنف الجنائي.. فقضية البطالة من أخطر التحديات التي تواجه الدول العربية اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.. مما يتطلب وضع الحلول المناسبة لها لدفع عجلة التنمية ومعالجة كل ما يعوق مسيرة الدول العربية نحو التقدم والترقي خاصة وأن الدول العربية تمتلك إمكانيات بشرية هائلة يتعين استغلالها الاستغلال الامثل.. وقال جويلي إن مشكلة البطالة تحتاج إلى سنوات طويلة لمواجهتها فالولايات المتحدة الأمريكية، لم تتمكن من خفض البطالة إلى 4% إلا بعد ما يقرب من ثماني سنوات ورغم ذلك عاد للارتفاع مرة ثانية عام 2003 ليصل إلى 6%، كما أن مشكلة البطالة لا يتم حلها بقرارات وقتية أو سياسية جزئية معينة وإنما تتطلب وضع إستراتيجية عربية متكاملة للتخفيف من حدتها تدريجياً، وحلها مستقبلاً خلال سنوات في إطار إستراتيجية عربية للتشغيل تقوم على أساس تبني أنماط للنمو المولد لفرص العمل وإعادة النظر من جهة أخرى في سياسات التعليم والتدريب والتثقيف على نحو يؤهل قوة العمل العربية كمّاً ونوعاً لفرص العمل الحالية والمتوقعة في ظل سياسات جادة وشاملة للتنمية في الوطن العربي.. وكلما استندت هذه السياسات لأشكال التعاون والتكامل بين الاقتصاديات العربية، زادت فرص نجاحها. وأضاف الدكتور جويلي: إن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية في ظل التكتلات والعولمة يحدث من خلال الاندماج والتكتلات الاقتصادية العربية الكبرى.. وتعتبر السوق العربية المشتركة المنبثقة من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي دخلت حيز التنفيذ أول يناير الماضي 2005 خطوات مهمة من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وصولاً إلى وحدة اقتصادية عربية شاملة. وأشار جويلي إلى أن الاهتمام بسياسات التنمية في المنطقة العربية يؤدي لخفض معدلات البطالة، لهذا فعلى الدول الاهتمام بالصناعة وتحديثها خاصة المنتجات التصديرية والعمل على فتح أسواق دولية جديدة لمنتجات الدول العربية مع الأخذ في الاعتبار المنتجات المنافسة على المستوى الدولي بهدف زيادة وتنمية التجارة العربية البينية والتجارة العربية الخارجية بالإضافة إلى تهيئة مناخ الاستثمار في الدول العربية والاهتمام بالمشروعات الصناعية الصغيرة والتي أحدثت تقدماً صناعياً في دول مثل اليابان والصين، والنمور الآسيوية، وحققت معدلات نمو مرتفعاً في هذه الدول وحل مشكلة البطالة، ويمكن الاهتمام بها من خلال منحها الرعاية الكاملة والحوافز الضريبية والتسهيلات الائتمانية وكافة المساعدات الازمة لها، وفتح الأسواق المحلية والخارجية أمام منتجاتها. وقال جويلي إن مجلس الوحدة الاقتصادية وضع إستراتيجية متكاملة للعمل الاقتصادي العربي خلال الـ20 سنة المقبلة 2020 وتمثلت محورها في التجارة والتكنولوجيا وإعداد البرنامج التنفيذي لها، بالإضافي إلى اتخاذ خطوات إيجابية لتحسين البيئة الاستثمارية بالمنطقة العربية وتتمثل في إنشاء خريطة استثمارية لدول العربية تضمنت 4000 فرصة عمل استثمارية منتشرة على 15 دولة عربية، وإنشاء آلية للاستثمار تضم القطاع الخاص والاتحادات العربية وجهات التمويل العربية، وأجهزة الاستثمار الحكومية العربية، وإصدار أربع اتفاقيات عربية جماعية لتشجيع الاستثمار تتضمن منع الازدواج الضريبي، وتحصيل الضرائب والرسوم، وحماية وتشجيع الاستثمارات العربية، وفض منازعات الاستثمار في الدول العربية. وهذه الخطوات وغيرها من شأنها التكامل بين الاقتصاديات العربية بما ينعكس على زيادة الفرص الاستثمارية وتشغيل القوة العاملة المتزايدة عام بعد عام وتنمو بمعدل 3%. بطالة المتعلمين أرجع الدكتور على لطفي رئيس وزراء مصر السابق مشكلة البطالة إلى ارتفاع معدلات نمو السكان، مما يؤدي إلى زيادة الراغبين في العمل، في الوقت الذي لا تتوفر فيه فرص العمل المتاحة لاستيعاب هذه الزيارة، وقد نجحت بعض الدول العربية في خفض معدلات نمو سكانها فانخفض في السعودية من 3.48% خلال الفترة (1995 ? 2003) كما انخفض في عمان والأردن والسودان وسوريا والصومال ومصر, وهو ما يؤكد إصرار الدول العربية على خفض معدلاتها السكانية للمساهمة في حل مشكلة البطالة. وحذر الدكتور على لطفي من خطورة بطالة المتعلمين ففي مصر بلغ عدد المتعطلين نحو 3.4 ملايين عاطل منهم نحو 3 ملايين متعلم بما يمثل 87.3% من عدد المتعطلين مما يشير إلى حجم الفاقد الاقتصادي والاجتماعى لمشكلة البطالة.. موضحاً أن عدم التوازن والتنسيق بين سياستي التعليم والتدريب، وعدم موائمة خريجي الجامعات والمعاهد لاحتياجات ومتطلبات السوق أفرزت هذه الظاهرة. وأشار الدكتور إبراهيم قناوي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة أن الدول العربية قامت بتنفيذ جزء من عمليات الخصخصة وسياسات الإصلاح الاقتصادي من خلال بيع وحدات من القطاع العام وقطاع الأعمال مما يسهم في التنمية وزيادة في الأنتاج غير أنها عملت علي زيادة حدة البطالة حيث تؤدي سياسة الخصخصة إلى زيادة تسريح العمالة الزائدة والاستغناء عن بعض الأيدي العاملة. وأكد قناوي أن ارتفاع معدلات البطالة تؤدي إلى إهدار عنصر العمل العربي، وتصل في بعض الدول العربية إلى تهديد الاستقرار السياسي والاجتماعى، وضعف كفاءة الإدارات الاقتصادية كما تؤدي إلى عدم قدرة الفرد على إشباع حاجاته الأساسية مما يدفعه إلى السلوك العدواني تجاه المجتمع و يدفعه إلى الجريمة بالإضافة إلى تشجيع انتشار ظاهرة الإرهاب وشيوع الفقر وظاهرة الإدمان للمخدرات. موضحاً أن هناك علاقة وثيقة بين البطالة والفقر وانتشار جرائم السرقة والنصب والاغتصاب والقتل حيث تخلق البطالة بيئة خصبة لنمو الجريمة والتطرف وأعمال العنف بالإضافة إلى الشعور بالاغتراب وضعف الولاء والانتماء والشعور بالاكتئاب. وأضاف أن الدول العربية تحتاج إلى الإسراع بمعدلات نموها بنسبة لا تقل عن 5% حتى تستطيع مواجهة مشكلة البطالة واستيعاب العاطلين عن العمل.. موضحاً أن التكامل الاقتصادي العربي يمثل أداة أساسية لمواجهة مشكلة البطالة.
|