أيها الوالد الحبيب الذي غيّبه الموت فغاب الحنان الأبوي، غيبك الموت والموت حق جعله الله نهاية كل حي في دار الفناء مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}وقوله {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} فبم أرثيك وقد فجعت لفقدك وفراقك الذي أدمى القلوب وأدمع العيون وأحزن النفوس وألقى بظلاله القاتمة على ساحة محبيك. لقد غادَرتْ الحياة الدنيا وفارقت الأحبة إلى رحمة الله تعالى ونحن نلتف حول سرير المرض الذي أصاب قلبك الكبير الذي شملنا بحب لا يوصف وبرعاية غامرة لا تُنسى، وافاك الأجل المحتوم وألسنتنا ما فتئت تلهج وتبتهل بالدعاء إلى الله تعالى بأن يجعل لك الشفاء، ومساعينا ما انفكت تتخذ كل الأسباب في سبيل علاجك، ولكن قضاء الله نفذ فتعطلت الأسباب وأسقط في يد الطب والأطباء لأنك قد استوفيت الأجل {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}{وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا} إن فراقك أليم على نفوس كل محبيك فأنت في السويداء من القلب وحبك وكل ذكرى من ذكراك محفورة في الأذهان والقلوب مسطرة بمداد من الوفاء على صفحات دمي وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون يا أبي. إن المصيبة بفقدك كبيرة ولكننا لا نملك أمامها إلا أن نقول {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} امتثالاً لقول الله تعالى {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}فبم أرثيك اليوم يا والدي الحبيب وأنا لازلت مكلوما بفقدك مكسورا برحيلك كيف أرثيك وفضلك علي بعد الله لا يساويه فضل، ومآثرك عليّ لا تعد ولا تحصى. رحمك الله يا أبي يا من كنت تساعد المحتاجين سراً في دجى الليل وأطراف النهار دون أن يعلم عنك أحد تبتغي مرضاة الله ولن أنسى توصيتك لي ولأحفادك عندما كنت تقول لنا: الله الله في خدمة الدين والوطن والمليك وتلبية نداء الوطن في أي مجال يُطلب منكم الخدمة فيه. سيدي الوالد الحبيب سأذكرك ما حييت رحمك الله رحمة الأبرار يا من بعت دنياك بآخرتك ولن أفيك حقك مهما فعلت ولن ينفع البكاء ولا العويل ولكن سأدعو لك بالرحمة والغفران فرحمك الله يا أبتاه وأدخلك فسيح جناته وإنا إن شاء الله على عهدك سائرون و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
|