أنَا زَهْرةٌ في رُبَا المنْتَدَى
بِحَيِّ الزُّهُورِ بدَارِ القَلَمْ
تَنَشَّقْتَ فِيهَا نَسِيْمَ الصَّبَا
وشَقْشَقْتُ في الرَّوْضِ مُنْذُ العَدَمْ
تَعَلَّمْتُ فيهَا عُلُومَ الهُدَى
ولِبْسَ الحِجَابِ وَسَتْرَ القَدَمْ
ونُصْحَ الزَّميلِ إذا ما اعْتَدَى
وفَكَ الخِصَامِ إذا ما احْتَدَمْ
وأرْفعُ زيْداً علَى المُبْتَدأ
وَأضْربُ عَمْراً إذا مَا ظَلَمْ
وكُنْتُ رَضيعاً يُحِبُّ الهَوَى
وَلَمْ أعْرفِ الحَرْفَ قَبْلُ وَلَمْ
طَرُوباً لَعُوباً بِنَبْشِ الثَّرى
وأمِّي بِكُمِّي تَلُفُّ تَلُفُّ الحَلَمْ
فَلَمَّا أتَيْتُ لَكُنَّ ارْتَوَى
فُؤَادِي بِنَادِيكمُ المُحْتَرَمْ
فَكُنْتُنَّ خَيْرَ رَحِيْقٍ لَنَا
وَكُنْتُنَّ مِثْلَ حَمَامِ الحَرَمْ
وَطَارَ الحَمَامُ بِنَا وانْبَرَى
يَطُوْفُ الرِّياضَ ولا يُتَّهَمْ
وَهَا قَدْ صَعَدْنَا بِهَا مِنْبَرَا
وَمَنْ جَدَّ شَدَّ بِنَا وَالتَحَمْ
فَإنَّ الشَّهادَةَ لا تُشْتَرَى
وَهَلْ يَخْدَعُ العَينَ كِيسُ الوَرَمْ
وَلَوْ عَلَّقُوهَا أمَامَ الوَرَى
بِألفِ جِدَارٍ وألفِ قَلَمْ
فَلَنْ يَغْرِسَ المَجْدَ فَوقَ الثَّرَى
وَلنْ يُحْسِنَ السَّيرَ فَوقَ القِمَمْ
سِوَى مَنْ تَعَلَّمَ ثُمَّ دَرَى
وَكَفَّ المِزَاحَ وَحَثَّ الهِمَمْ
وَمَجَّ اللُّعابَ إذَا مَا جَرَى
وحَبَّ الكِتَابَ وَحِبْرَ الكَتَمْ
وَمَا زِلْتُ أجْرِي وَلَنْ أقْعُدَا
وَلَكِنَّ عِقْدِي البِدَائيَّ تمْ
صَعَدْتُ بعطْري بَعيدَ المَدَى
صُعُوداً جَميْلاً لرأس الهَرَمْ
فكان الوداع لنا موعدا
وها قد أتيت أجث القدم
يُلاعِبُ غُصْنِي نَسيْمُ الهَوَاء
ويَخْفِقُ قَلبي كَخفْقِ النَّغَمْ
وَهَذا لِسَاني بدا مُنْشِدا
شَكُوراً فَخُوراً بِهَذي الهِمَمْ
هَنَا وابْتِسَامٌ لَنَا وَهُدَى
وَرِيْمُ الَّتي عَلَّمَتْنَا القِيَمْ
وَبَدْريَّةٌ نَاوَلَتْني يَدا
فَطِرْنَا نُذيْعُ بَديْعَ الحِكَمْ
وأيْضاً رُقَيَّةُ ذَاتُ النَّدَى
وَمزْنَةُ ذاتُ الحَلا وَالكَرَمْ
وَنُورُ مُنيْرَةَ عِنْدِي بَدا
فَقَدْ عَلَّمَتْني صُعُودَ القِمَمْ
إذا جِئْتُ أشْكُو لَها حَاجَةً
بَدَتْ في سُرُورٍ وقَالتْ نَعَمْ
ونُورَةُ طَابَ بِهَا المُنْتَدَى
وَبَانَ الوَفَاءُ بِهَا وارْتَسَمْ
وَمَنْ عَلَّمَتْني حُرُوفَ الهِجَاء
وَجَرْيَ السُّطورِ وَبَرْيَ القَلمْ
وَمَنْ أوْقَفَتْني لِكَيْ تُرْشِدا
وَمَنْ صَاحَبَتْني كَخَالٍ وَعَمْ
وَحِصَّةُ حِصَّةَ رَمْزُ الهِمَم
بِرَصِّ الصُّفُوفِ وَحَمْلِ العَلَمْ
فَصِرنَا كَعِقْدٍ عَلَى جِيْدِهَا
بِكَفِّ الحَبيْبِ صَفَا وانْتَظَمْ
تَسِيْلُ جَميلُ أنَاشيْدِهَا
بِكَفِّي وَصفِّي وَفي كُلِّ فَمْ
قَطَفْتُ أنَا مِنْ عَنَاقِيْدِهَا
وَكَمْ طِفْلَةٍ قَطَّفَتْهَا وَكَمْ
سَأبْكِي كَثِيْراً عَلَى فَقْدِهَا
ألَيسَتْ بِدَارِي وَدَارِ الشَّمَمْ
إذا ذَكَّرَتْني شُجُوني بِهَا
تَكَسَّرَ قَلبي وَزَادَ الألمْ
وَأنْتُنَّ كُنْتُنَّ في سَلَّتي
تَضَعْنَ الزُّهُورَ وَحَبَّ الكَرَمْ
سَأكْتُبُكُنَّ عَلَى مُقْلَتي
طِوَالَ السِّنِينَ بِتِبْرٍ وَدَمْ
إلَهِي أجِرْهُنَّ مِنْ كُلِّ هَم
وَزِدْهُنَّ عِلْماً وَفَهْماً... وتمْ