كلنا في هذه البلاد ندين بالإسلام، وكلنا لا نرضى بغيره بديلاً، والإسلام قد أمرنا أن نكون يداً واحدة، مجتمعين غير متفرقين، بحبل الله معتصمين، لله وحده عابدين، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتدين ولولاة أمرنا مطيعين.. أمرنا الإسلام أن نحفظ معتقداتنا وأن نحافظ على ديننا، ونسمع ونطيع لمن ولاّه الله فينا، وأن نستقيم كما أمرنا، ولا نسمح لكائن من كان أن يمس معتقداتنا، أو يخل بأمننا، أو يفرِّق جمعنا، أو يحاول دسّ السم في وسطنا، ونحن إن شاء الله على دحره وإسكاته وإطفاء ناره قادرون. والأمن في البلاد نعمة من الله يهبها لعباده، كي تستقر لهم الحياة، ويعمّروا الأرض، ويقوموا بواجبهم كما أمرهم الله، ولن يستتب أمن في مكان ما على وجه الأرض، ما لم يلتزم أهله بما لهم، وما عليهم مما أمر الله به، وما لم يطيعوا ويستقيموا ويعرفوا واجبهم تجاه ربهم وواجبهم تجاه ولاة أمرهم وواجبهم تجاه أمتهم ويحبوا الخير لغيرهم كما يحبونه لأنفسهم ويكرهون لغيرهم ما لا يرضونه لهم.. هذه هي شريعتنا وبهذا أمرنا ديننا، وهكذا أرشدنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. كنا يداً واحدة على الحق مجتمعين، وضد الباطل متحدين، وكانت بلادنا كما هي أطهر البلاد، وهي أيضاً آمن البلاد، كنا نفخر ونعتز بالأمان الذي يشعر به كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة، ويحس به كل وافد، أو عابر لهذه البلاد الآمنة، وكنا نسمع بالأحداث حولنا، ويضايقنا الإيذاء لغيرنا، ونحمد الله على سلامة أرضنا وأبعد مثل هذه المشاكل عنا، وكنا آمنين مطمئنين حتى خالطتنا أفكار غريبة علينا لم تكن مألوفة في مجتمعنا، ولا هي معروفة في أمتنا.. أفكار سرت بين شبابنا تبعها متغيرات أخذت بالزحف إلينا من خلال فتنة غيَّرت في معتقدات شباب على أرضنا، بعضهم من جلدتنا، وبعضهم وافد إلينا.. بعد هذه الفتنة التي زرعها الأعداء في بلادنا بدأنا نرى بعض شبابنا وقد شطح بهم التفكير إلى أمور لم نكن نعرفها وإلى أهداف لم نكن نبتغيها فحادوا برأيهم عن الطريق، وبانت لهم أفعال غريبة فينا فإنا لله وإنا إليه راجعون.. أسأل الله أن يهدي من هو أهل للهداية منهم، وأن يكشف من أبى الانصياع لأمر الله ويوقعه في يد العدالة لتنطفئ فتنة يريد أهل الضلال والانحراف أن يبثوها وينشروها في هذه البلاد.. كفانا الله شرهم وحمانا من كيدهم.. علينا جميعاً أن نبحث عنهم ونعين الجهات المعنية على الإيقاع بهم فهم لا يزالون موجودين، وفي ديارنا هم مختبئون.. بين كل وقت وآخر تظهر فئة منهم تأتي بالخيل والرجل والحد والحديد يتقدمهم الشيطان، ويدعمهم أولياؤه فيعيشون في الأرض فساداً، وينشرون الذعر بين الناس ضالين مضلين قد أوهمهم من أرسلهم أن الجنة موعدهم مع من سبقهم من أرباب تلك العمليات الإجرامية، وهي وعود كاذبة سوف تؤدي بمن صدَّقها إلى ويلات كثيرة.. خزي لهم في الدنيا، وعذاب في الآخرة، وقتل لغيرهم وتدمير للأرض والمقتنيات.. وقد منَّ الله بفضله على هذه البلاد يوم وفقها برجال مخلصين علموا وتأكدوا من ضلال تلك الفئة الباغية وما هم عليه من ظلام دامس وشر مستطير وفتنة مدبرة ومقصودة فأخذوا بوصية سيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم) في ردهم ودحرهم وإطفاء فتنتهم وتوعية غيرهم ممن تأثر بهم وتحذير من وقف بجانبهم، أو آواهم، أو تعاطف معهم.. فيا قوم أناشدكم الوقوف مع دولتكم ورجالكم المخلصين للحفاظ على أمن هذه البلاد الطاهرة.. أناشدكم وأنا واحد منكم أن نضع يدنا مع قيادتنا، وأن نكون عوناً لها في قمع الفتن وإخمادها، وإبعاد الشر عن بلادنا أياً كان نوعه وأياً كان مصدره. وديننا لم يترك شاردة ولا واردة إلا أبانها، وأوضحها لنا وأرشدنا لاتخاذ أسبابها.. ذلك الدين الذي يؤدي تمسكنا به إلى التلاحم والتماسك فيما بيننا من خلال صلات شعبية حكومية، وعلاقات أخوية بين المواطنين ومحبة متبادلة بين الجميع، وحرص متوافق على بعضنا البعض، وعلى أنفسنا ومقدراتنا وممتلكاتنا وأموالنا وأمن بلادنا، وليعلم الجميع أن الأمن في البلاد مسؤولية الجميع لأنه يمس حياتنا جميعاً، وانه إن ضاع الأمن دبت الفوضى وسرى الخلاف.. حينها لا علم ينفع ولا مال يدفع ولا جاه يشفع.. لذا يجب علينا أن نتكاتف ونقف صفاً واحداً ضد كل من تسوِّل له نفسه الإخلال بأمننا.. إنه أمننا وأمن أهالينا وأولادنا وأموالنا، وأمن بلادنا ففي الحفاظ على الأمن يتساوى الجميع.. لا فرق بين مواطن ومسؤول.. المواطن يحفظ ويحافظ، والمسؤول ينظم ويتابع.. والكل يقف صفاً واحداً بقلوب متحابة، ومناكب متراصة، وأيدٍ متماسكة ضد من يحاول خدش أمننا، أو جرحه، أو التأثير عليه، أو التقليل منه، ولنكن من كل أمر على حذر، حتى ولو كنا على يقين بأن كائناً من كان ليس بمقدوره خلخلة أمننا، لأن معوله أضعف من ذلك بكثير، وأنه هو ومن شابهه من المغالطين لا يستطيع التأثير على أمن راسخ شامخ أُشيد بناؤه فوق قواعد صلبة ومتينة، وارتفع على أسس راسخة وقوية، وهو أكبر بكثير من أن تؤثر فيه لعب اللاعبين، أو كيد الحاقدين، أو دس المغرضين لأننا دولة مسالمة نحب الخير لغيرنا كما نحبه لأنفسنا، ونكره لهم الشر كما نكرهه لبلادنا.. نسأل الله أن يجنبنا والبلاد الإسلامية كل سوء.. نرفض الخلاف والتعددية عندنا وعند غيرنا لأنهما في الغالب ريح تعصف بالشعوب، وتدهس الأمن، وتشتت المستقبل، وتبدد الأحلام، وتنهي الطموحات، وتجلب التيارات الماحقة.. نريد من كل مواطن أن يُقدِّر النعمة التي هو فيها، وأن يتواجد دائماً بالميادين الإيجابية في بلده، وأن يكون متفاعلاً مع الأحداث متفهماً لموقعه في سفينة أمته، يؤدي واجبه كاملاً في المحافظة عليها، وأن يكون عوناً للمسؤول في حمايتها، ومساعداً له في قيادتها وعيناً ثالثة لدولته في كل ما من شأنه مصلحة وطننا وأمتنا، إن كان في شخصه يلتزم بما يطلب منه لصالح دينه، ويشعر دائماً تجاه وطنه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه كفرد صالح في هذا المجتمع الصالح.. وإن كان عن غيره فيرصد ويتحرى ويسارع في إخبار الجهات المعنية عن كل ما يصادفه من محاولات شريرة حاقدة قد تجر إلى ضرر كبير بالفرد والمجتمع.. وأنا وإن كنت على يقين بأن الجميع ملتزم بهذا وأكثر، وهذا هو واقعنا، وهو ما يأمرنا به ديننا، ولا يحتاج أبداً إلى تأكيد، لكنه شيء في نفسي أحببت التذكير به، ثم أن هناك عواصف كثيرة، وأتربة وغباراً وتيارات تهب علينا حسداً من الشرق والغرب، والشمال والجنوب.. أخاف أن تلقى طريقاً إلى عقول الأولاد الصغار فينا، فتؤثر في عيدان لنا خضراء لم تنضج بعد.. علينا جميعاً أن نبني أسواراً من التكاتف والتلاحم والتآخي والمشورة والنصح لتلك البراعم حتى تشتد وتستوي ويكون بمقدورها التمييز بين الحق والباطل ومعرفة الحسن والأحسن منه، وتدريبهم على التدرج إلى الأعلى دائماً وحمايتهم من الانزلاق في أوحال التيه والضلال، علينا أن نرقب تلك العيدان ونسندها حتى تصبح سواعد قوية صامدة تقف معنا دائماً وأبداً ضد كل من يحاول الإخلال بمسيرتنا، أو يخترق صفوفنا، أو يقلل من عزيمتنا فنحن بفضل من الله نعيش وضعاً يختلف تماماً عن الآخرين.. يتمثَّل هذا الوضع في حب المواطن لدولته وثقته بها، وولائه التام لها وإعلانه السمع والطاعة لأوامرها، وفي الجانب الآخر نرى حرص الدولة على المواطن وتوفير الراحة له، وفتح الأبواب في وجهه.. تسمع الدولة من المواطن، وتستجيب له وكثيراً ما تبادره بالخير، قبل أن يطلبه منها، فأي مطلب لمواطن أكثر من هذا... حفظ الله لنا ديننا ووطننا وأمننا وولاة أمرنا.. والله من وراء القصد والسلام.
|