أزِفَ الرحيل.. فلملمي أوراقي
وترفّقي.. فالدمع في آماقي
ما زلت أخشى البين قبل حلوله
حتى فُجعت وحان يوم فراقي
تاهت على ثغر الزمان عبارتي
وتمنَّعت شفتاي عن إنطاقي
وتعطَّلت لغة الحروف فما أرى
غير الدموع تسيل من أحداقي
قد عادتِ الذكرى.. فزاد لهيبها
والشوق يحرق خافق المشتاقِ
طُويت مع الماضي صحائف حُبِّنا
وبقيتُ أطوي الدهرَ في إطراقِ
***
يا شمعةً ما كنتُ أعرفُ قبلها
معنى الضياءِ وبهجة الإشراقِ
أوتذكرين وعودنا وعهودنا
والبدر يرقبُنا وشدو الساقي
أوتذكرين الصمت بين عيوننا
يحكي فصولَ روايةِ العُشَّاقِ
أوتذكرين.. وفي الجوانح جمرةٌ
كتبت عليَّ مع الأسى إحراقي
أوتذكرين.. وفي الحناجرِ غَصّةٌ
وإذا سلوت فللدموع بواقي
جفلتْ وفي العينين ألف حكايةٍ
تُروى بدمعٍ دافق رقراقِ
ورنت إلى وجه الحزين بنظرةٍ
أبصرتُ فيها نظرة الإشفاقِ
رحلتْ؟ أجل رحلتْ (كأنَّا لم نكن
نحيا بقلبٍ واحدٍ خفّاقِ)
رحلتْ -وما أقسى الرحيل- كأننا
لم نرتشف أملاً بطولِ عناقِ
ما كنتُ أعرفُ بالهوى ومُصابهِ
حتى عرفتكِ.. فالهمومُ رفاقي
***
يا مُقلةَ الأحزانِ كُفِّي.. فالجوى
ما زالَ يُلهِبُ سوطُهُ أعماقي
لا ترحلي.. فالعمرُ خفقةُ عاشقِ
ألِفَ الحياةَ بمدمعٍ دفَّاقِ
لا ترحلي.. فالكونُ بعدكِ لوحةٌ
رُسمت بلونِ غياهبِ الأنفاقِ
لا ترحلي.. فلئن نسيتِ عهدنا
ووعودنا.. فأنا على الميثاقِ
أنا ما افتتنتُ بمنطقي فقصيدتي
لم تحتفل بتجانسٍ وطباقِ
لكنما هي صرخةٌ من بائسِ
دوَّى صداها في ذُرا الآفاقِ
لكنما هي نفثةٌ من خافقِ
ذاق الفراقَ أسىً.. فرامَ تلاقي
لكنما هي زفرةٌ محمومةٌ
ثارت بأحرفها على أوراقي
فلمن سأكتبُ بالدموعِ قصائدي؟