* جدة - صالح عبدالله الخزمري: أكد الأستاذ محمود تراوري اننا نعاني من معضلة تكمن في افتقارنا لمراجع علمية فيما يتعلق بالدراما والفنون وأثرهما في التنوير، جاء ذلك خلال الورقة التي ألقاها حول خطاب التنوير للفنون والاذاعة والتلفزيون في المملكة. وبين أن الخطاب الفني البصري في فضائنا بكل اتجاهاته (دراما، نحت، تشكيل، تصوير، موسيقى، غناء) لم يحظ بأي اهتمام في الدراسات الأكاديمية، ثم كانت مشكلة تعريف الدراما كمصطلح وفعل لم يستقر في الساحة المحلية ولم يوجد كخطاب معرفي، لدرجة أنك تلحظ كثيراً في الصفحات الفنية التي درجنا على انها معنية بالدراما والفنون تمارس خلطاً معرفياً. وعن البدايات بين انه في العام 1368هـ أصدر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مرسوما ملكيا وضع فيه الإطار العام للاذاعة السعودية، وأكد ضرورة التزام الصدق والأمانة، كما أكد على ضرورة الاهتمام بالأمور الدينية وإذاعة القرآن الكريم فكانت أول محطة إذاعية في مدينة جدة وبدأ ارسالها في ذي الحجة 1368هـ في حين بدأ البث الاذاعي من اذاعة الرياض في العام 1384هـ وفي عام 1399هـ تم توحيد البث الاذاعي بين اذاعتي جدة والرياض لتصبحا بذلك اذاعة موحدة، وفي عام 1403هـ بدأ بث البرنامج العام مستقبلا من الرياض والبرنامج الثاني من جدة ووقف عند مراحل تطور الاذاعة السعودية: - البرنامج العام، إذاعة نداء الإسلام، إذاعة القرآن الكريم، البرنامج الثاني، إذاعة التوعية في الحج، القسم الأوروبي، الموجات الاذاعية. وبين أن الاذاعة مثلت مع انطلاقتها نافذة وحيدة للمجتمع يطل منها على ذاته وعلى الحياة ككل، وكانت الاذاعة تنهض في أدائها على أكتاف الأدباء ومن أبرزهم: عبدالله بلخير، طاهر زمخشري، ضياء الدين رجب، وآخرون كثر ومن الملاحظات المهمة في هذا السياق أن الأدباء وبعض العاملين في الاذاعة استعانوا بذويهم من النساء لمشاركتهم العمل كما فعل الغزاوي عندما قدم زوجته نجدية الحجيلان وآخرون. أما التلفزيون فقد تأسس عام 1385هـ وبدأ البث الملون عام 1396هـ وكان تأسيس التلفزيون حدثا تنويريا في حد ذاته، ذلك أنه أوجد أنواعا وأنماطا من الثقافات في انفتاح على العالم، ووقف عند الغناء حيث أصله في الحجاز يعود الى العصر الجاهلي رغم تباين الاتجاهات بشأن الفترة المحددة التي ظهر فيها وقد مثل الغناء بالنسبة للمجتمع جزءاً حميماً من المناشط الاجتماعية. أما الدراما فيرى تراوري انها تعيش مشكلة ثقافية فالخطاب الدرامي عندنا ولد ولكنه ظل رضيعاً لما تساعده الظروف الثقافية والفكرية والاجتماعية للأخذ بيده نحو النمو. وختم تراوري بالفنون التشكيلية حيث انها عرفت في وادي النيل وبلاد الرافدين قبل أكثر من خمسة آلاف سنة وكانت البدايات الفنية في المنهج الدراسي للتعليم عام 1957م ثم تلا ذلك ارسال أول بعثة للدراسة في ايطاليا من أبرزهم الرضوي وأعقبه ضياء عزيز ضياء، أحمد فلمبان، عبدالرحمن دمنهوري، مشعل السديري، وبعد مرور فترة من الزمن انطلق عدد من أبناء المملكة نحو اللوحة التشكيلية ويذكر هنا الرائدان الرضوي والسليم وبعدها فؤاد مغربل. ورغم نفس العوائق التي وقفت في طريق الفنون الأخرى نحا فنانو التشكيل مسالك مدارس واتجاهات وتيارات الفن بمدارسها الكلاسيكية الجديدة، وانتشرت صالات العرض. تساؤل من د. حسن النعمي حول اقصاء الفنون من حياتنا مع انها جزء من وجداننا حيث اعتبر ورقة تراوري ورقة شاملة ومضحكة ولكن على طريقة شر البلية ما يضحك، فيما ترى د. فاطمة الياس أستاذة الأدب الانجليزي بكلية التربية أن تساؤلات تراوري في آخر الورقة لم تفض إلا إلى تساؤلات أخرى، وإذا ما أردنا ان نربط الورقة بخطاب التنوير فخطاب التنوير قام على أكتاف الاذاعة ثم التلفزيون، وظلت الاذاعة الرافد التنويري حيث حملت مشعل التنوير من خلال برامج الاسرة في وقت تفشت فيه الأمية، ولن تستقيم الأمور حتى نرقى بوعينا. عنوان الورقة يختلف عن الطرح كما يرى ذلك عبدالمؤمن القين حيث ان تراوري استعرض الأغنية وعرج على الرسم وغفل عن التصوير الفوتوغرافي، ولو تتبعنا الغناء في مكة والمدينة فيجب أن يقرأ التاريخ جيدا، وأضاف أنه من البرامج الغنائية الناجحة برنامج وتر وسمر لجميل محمود، فيما تصف الاعلامية حليمة مظفر الورقة بالكبيرة في مواضيعها، وتساءلت أين المسرح المدرسي وهل ساهم في خطاب التنوير، وأشارت إلى أن المرأة كانت لها مشاركة في المسرح من خلف الكواليس مثل رجاء عالم حيث لدينا خطاب مسرحي نسائي. استدراك على الورقة من قبل الاستاذ غياث عبدالباقي حيث يرى أن تراوري لم يخصص ولو جزءا يسيرا للفنون الأخرى فلم يحدثنا عن نشاطات مسرحية، واسماء متواجدة على الساحة وتساءل أين فنون الزخرفة والنقوش، وأضاف اننا مع وجود مسرح يهدف الى الاصلاح, يهتم بالقضايا المصيرية فيما تتساءل نجلاء فتحي من خلال الطرح في الاذاعة والتلفزيون ما هو نسيج المجتمع السعودي، وكيف يمكن وصفه من خلال الدراما والمسرح. - ملاحظة الاعلامي علي السبيعي على الورقة انها تعرضت لمجانية القلق لدينا وان لدينا قلقا مزمنا نحو الرقابة، وتساءل هل نعتبر الوعظية جزءاً من التنوير وبم يفسر تراوري غياب الفنون عن محاربة الارهاب حيث ما زال دورها غائبا. - إشادة بالمسرح المدرسي من قبل د. عادل زكي حيث يرى ان هناك تجارب جيدة في المسرح المدرسي والجامعي، وكان له شرف متابعتها، ولكن المشكلة انها لم تكن ترى النور، وأكد على انه من المفترض ان يكون للمملكة الدور الريادي في الدراما التاريخية حيث هي أرض الرسالات. وأضاف ان طرح بعض العطاءات المسرحية لا تجد صدى في الشارع لأنها تطرح تساؤلات والشارع يريد إجابة فيما تساءل علي المالكي عن سلطة المجتمع التي رآها محمود تراوري كانت سببا لتأخر المسرح وكان ذلك سائدا في عدد من الدول، فلماذا فشلنا في حين تجاوزها الآخرون؟ أيضا ذكر تراوري أن التلفزيون كان يقدم دوراً تنويريا فهل ذلك آت من نتيجة سهول وصوله الى الملتقى. - تساؤل من عبدالله أبكر عن الفنون الحالية التي تتبناها جمعية الفنون، وهل يمكن اعادة تلك النخبة السابقة، وتساءل وهل يمكن اعادة شخصيات فنية وتوظيفها، أما الكاتب الصحفي أشرف سالم فقد أخذ على الورقة غلبة التاريخ وغياب التأثير عنها. - الفنان الكبير محمد حمزة شرف الجماعة لأول مرة وبيّن أن محمود تراوري من خلال الطرح بين لنا أن كل الذي تقدم هو باجتهادات شخصية ولم يكن هناك جهة مسؤولة، والذين يجيزون الاعمال هم أقل تضامنا ممن كتب العمل، أما عدد الأدباء فلدينا عدد كبير والسيناريو يعتمد على الأسس الثمانية التي تعتمد عليها القصة وركز على النص فيما يرى الفنان خالد الحربي أن المشكلة مشكلة انتاج وليست مشكلة نص وتمنى الدعم للمسرح بكل صوره. وعوداً على ذي بدء أكد محمود تراوري في تعقيباته أن الورقة تتكلم بشكل عام وليس بشكل تفصيلي ولم يكن بصدد رصد كتاب وإنما رصد المسرح الذي هو تظاهرة حضارية. أما استدراك غياث عبدالباقي عن الزخرفة فيؤكد بأنها موجودة ولكن الوقت لا يسمح. وفرق بين الوعظ والتنوير وهو ما تساءل عنه علي السبيعي حيث بين أن الوعظ له منابره، ويبث تنويراً معيناً أما الفنون فلها تنويرها، أما مسألة تناول الارهاب فهناك مسرحية عرضت في جامعة الملك عبدالعزيز تناولت هذا الجانب وأبدى تفاؤله بالمستقبل. أما تعليقه على مداخلة عبدالله أبكر حول استلهام التراث مسرحيا فإنه يرى ذلك ويقول انه كثيراً ما أشار إليه، وأبدى اتفاقه مع ملاحظة الفنان محمد حمزة وبين أننا نعاني غياب العمل المؤسساتي.
|