قد لا نبادر إلى صيانة الأجهزة الكهربائية بمجرد ملاحظتنا وجود عطل ما أو مشكلة في الأداء! وفي أحايين أخرى نتصدى لإصلاحها بأنفسنا مع عدم تمتعنا بالتأهيل الفني اللازم!! وما ذلك إلا بعض من سمات العشوائية التي ما أن تطغى على أسلوبنا في إدارة المنزل حتى تتضاعف احتمالات تعرضه للحوادث بشكل كبير. لقد تكونت لدى محققي الدفاع المدني قناعة راسخة حول استحالة وقوع حادث عرضي (مهما كان نوعه وطبيعته) دون أن يسبقه خطأ بشري فادح، وبطبيعة الحال هو خطأ غير مقصود ولكنه باهظ الثمن، وهنا يقفز للذاكرة حادث انفجار لأحد الأفران المنزلية أدى إلى إصابة سيدة بحروق من الدرجة الأولى والثانية في الوجه والصدر، وعند سؤالها عن ملابسات الحادث أفادت بوجود مشكلة في ذلك الفرن منذ ثلاثة أشهر! وأضافت أن زوجها قام بعملية الصيانة بنفسه عدة مرات انتهت كما تقول (بهذه المصيبة.. سامحه الله).. وبعد لحظات تطلب الاتصال وهي في حالتها البائسة للتأكد من تناول أطفالها لوجبة العشاء في تلك الليلة الكئيبة!! إن تجاهل المؤشرات التحذيرية وعدم أخذها بمحمل الجد إلى أن تقع المأساة هي من أهم سمات الإدارة العشوائية داخل المنزل، فالطفل الذي يصاب بأي نوع من التسمم غالبا ما يسبق ذلك عبثه في مرات عديدة بالأدوية أو بمواد التنظيف المخزنة في أماكن غير ملائمة وعندما لا يتم اتخاذ تدابير وقائية (حازمة) لتغيير موقع تخزين هذه المواد فإن إصابة الطفل بالتسمم تبقى مسألة وقت مرهونة بالفرص المواتية التي لن يعجز هذا الطفل عن اقتناصها، وكما تقول القاعدة الأولى للسلامة.. ما على الطفل الملامة. إن حب الوالدين لأطفالهما لا يكفي (للأسف الشديد) لحمايتهم من المخاطر، إذ لابد من قرارت حازمة، خاصة فيما يتعلق بأمور السلامة، فمن الحوادث المؤسفة جدا والمطبوعة في الذاكرة والمحفورة في الوجدان، وفاة طفل لم يتجاوز عامه الأول حرقا بعد أن تعرضت أجزاء كثيرة من جسده للتفحم!! حدث ذلك تحت سمع وبصر والديه بعد أن تفاقم الحريق فجأة داخل المنزل وحال دون محاولاتهما المضنية لإنقاذه، وعند إجراء التحقيقات الأولية اتضح أن سبب الحريق قيام بعض أخوته بالعبث بأعواد الثقاب داخل غرفة النوم. ولا يخفى على القارئ الكريم أن هذا النوع من العبث ينتشر في كثير من المنازل خصوصا في أوقات الأعياد، وهو دليل قاطع على أسلوب الإدارة العشوائية حين يغض بعضنا طرفه بمجرد أن يلمح عبث صغاره بأعواد الثقاب خشية أن يعكر مرحهم واستمتاعهم بما تحمله أيديهم من ألعاب نارية تهدد حياتهم!! غير أن المثير في قضية ذلك الطفل الضحية، هو الكشف عن وجود سوابق عديدة لأخوته في إشعال عدة حرائق داخل المنزل وخارجه في فترات سابقة! ولم يتم معلاجة هذا الوضع إلى أن وقعت المأساة. إن حب الأطفال والعاطفة الجياشة التي تتملكنا إلى درجة الضعف والانهزام عن منعهم من الأخطار المحدقة بهم لهو سمة من سمات العشوائية التي ينبغي أن نتخلص منها حرصاً على سلامة من نحب. إن الوالدين وهما المسؤول الأول عن حماية أطفالهما، لن يتحقق لهما ذلك الشعور بالطمأنينة على سلامة المنزل ومن فيه إلا بالالتزام الصارم بقواعد السلامة، وهذا سينعكس إيجاباً على سلوك الجميع صغيرا أو كبيرا داخل المنزل، وبالتأكيد سيورثان (ثقافة السلامة) لأطفالهما التي تمثل أغلى ما يمكن أن يقدماه لفلذات الأكباد.
|