أثناء البحث في ميدان الجريمة كمتطلب أكاديمي، وقع نظري على كتاب قديم للعقيد الدكتور محمد السيف تحت عنوان (الظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي) فألفيته جوهرة نفيسة وموسوعة علمية، جزالة في الاسلوب وجودة في المعنى، وقوة في التعبير، ينقلك بمادته العلمية بين أسفار كتب التاريخ تارة وإلى مقالات وبحوث المعاصرين تارة أخرى مبتعداً عن الإسهاب الممل والاختصار المخل، لا غنى عنه للباحث في ميدان الجريمة، وما أن تبدأ بتصفح هذا الكتاب الذي يتقد حماساً وحيوية إلا وتعرف أن مؤلفه يتمتع بخلفية علمية وثقافة واسعة في ميادين شتى. وإذا كانت الصروح العلمية تفخر بانتماء رموز المختصين إليها فيحق لكلية الملك فهد الأمنية أن تفخر بانتماء مؤلف هذا الكتاب إليها، وإنني أهيب بكل من يعنيه الأمر في ميدان الجريمة والانحراف، باستقطاب أمثال هؤلاء لأن المجتمع ليس في حاجة إلى أشغال أمثال أستاذنا التدريس بقدر حاجته للاستفادة منهم في ميادين أخرى نفعها أعم وأشمل كدراسة أسباب انتشار اللوثات الفكرية والانحرافات التي تسابق الزمن، بل وكيفية التعامل معها بأسلوب علمي لا سيما في هذه التخصصات النادرة التي تفتقر لها الساحة العربية والتي وإن وجدت فغالباً ما تكون مؤلفاتها مترجمة ينقصها الكثير لكي تصبح بلغة مفهومة في متناول الجميع ولكي تعم الفائدة ووفاء لهذا الجهد آليت أن أسجل هذه السطور.
|