|
انت في "الرأي" |
| |
كان جبينه يتصبب من العرق وكان يعتقد في قرارة نفسه وجوارحه أن العالم أجمع سيشهد فيه مثلاً جديداً من أمثلة الخيبة والفشل. ولكنه في الماضي قد جاهد وكافح طويلاً وعذّب نفسه وأشقته وأشقاها وتحمل في بسالة هائلة جميع أنواع الحرمان القاسي وأخيراً لم يستطع المضي، إذاً لقد فشل هذه المرة كسابقاتها، مرت لحظات تفكير مريرة وسريعة وهو يتأمل تلك الأداة الفولاذية التي لا تفارق جيبه بجانب جواله وبطاقة إثباته والتي كانت تلمع في يده، أخذ يراود نفسه في جهد ومشقة ويقاوم عواطفه بشدة وذلك لكي لا يلجأ إلى تلك الأداة الحديدية في يده ولكنه رأى أن قواه الآن بدأت تتخاذل وأن أعصابه تنهار رويداً رويداً فيشعر بأنه لا مفر له من استخدامها ويكفيه لذلك أن يضغط على الزناد مرة واحدة فقط فيكون نتيجة لذلك الوميض راحته بدل شقائه وسروره بدل حزنه كما يتصور، ولكنه تذكر زوجته الوفية معه طيلة السنين الماضية وتذكر ابنته ذات السنة من عمرها وتذكر بقية أولاده وأسرته فأخذ يسأل نفسه تُرى ماذا سيقول عني زملائي في العمل غداً إذا تبيّنوا حقيقة الأمر؟ حتماً سيقولون إنني إنسان خائب.. ضعيف الإرادة.. أناني.. فاشل.. ولكن ليطلقوا ما يريدون من الألفاظ فإن الأمر أقوى من أن يقاوم.. وتذكر شريكة حياته للمرة الثانية، لقد تعودت أن تثق به وأن تنظر إليه كمارد لا يُقهر وكرجل شجاع، وتخيّل والده والذي بدأت أوراقه الخريفية تتساقط واحدة بعد الأخرى ووالدته التي تجلس على كرسي متحرك نتيجة لشلل أصابها.. ماذا سيقول والده ووالدته عندما يصلهما.. الخبر من الآخرين؟! ولكنه كبح جماح أفكاره وتخيلاته بعد أن رأى أنه لا فائدة من الانسياق وراء تفكير عاطفي لن يفيده شيئاً. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |