التقشير الكيميائي من الوسائل العلاجية الناجحة في الكثير من المشاكل الجلدية الجمالية، مثل الندبات Scars، والتصبغات (مثل الكلف)، كما يفيد في علاج أمراض جلدية أخرى مثل التقرانات الدهنية المنتشرة Seborrheic Keratoses، والتقرانات الضيائية Actinic Keratoses،وفي علاج بعض التجاعيد الناجمة عن الشيخوخة. وما يحدث في التقشير الكيميائي ببساطة، هو أنّ طبقات الجلد التي ينفذ إليها المقشر، تموت ليظهر مكانها طبقات جديدة. ولا يقتصر تأثير المقشر عند هذا الحد بل يتعداه إلى الطبقات الأعمق، حيث إنّ عملية التقشير نفسها تؤدي إلى انطلاق مواد كيميائية ضمن الجلد، وتؤدي هذه المواد لتوسع الأوعية الدموية وتكاثرها، بالإضافة إلى مساعدتها في عملية تركيب كولاجين جديد والذي يستمر عدة أشهر بعد جلسة التقشير. يقسم التقشير الكيميائي إلى تقشير سطحي، ومتوسط العمق وعميق. وإذا علمنا أنّ الجلد يتألف من طبقتين هما البشرة Epidermis والأدمة Dermis، فإنّ التقشير السطحي ينفذ حتى الطبقات السطحية للبشرة ويمتد أحياناً إلى أسفل البشرة. أما التقشير متوسط العمق فإنّه يمتد حتى الطبقة العليا من الأدمة، بينما يمتد التقشير العميق حتى الطبقة السفلى من الأدمة. ويمكن استخدام التقشير السطحي بإحدى المواد التالية: محلول جسنر Jessner، أو محلول ثلاثي كلور حمض الخل Trichloracetic acid بتركيز 10 - 35%، أو أحماض الفواكه ألفا هيدروكسي بمختلف تراكيزها، أو محلول حمض الصفصاف Salicilic acid، ويُلجأ عادة للتقشير السطحي في علاج بعض الأمراض مثل الكلف، حيث تكمن هنا أهمية التقشير ليس في أن يزيل الكلف، ولكن يساعد على زيادة تأثير ونفوذ الأدوية المستخدمة في علاج الكلف، كما يمكن استخدامه لتحسين مظهر الجلد بشكل عام، أو في حالات التجاعيد الخفيفة جداً، ولا يفيد عادة في التجاعيد والندبات العميقة، ولا بدّ من التذكير أنّه حتى التقشير السطحي يساعد في زيادة تركيب الكولاجين في الأدمة لعدة أشهر بعد جلسة التقشير. كما يمكن استخدام التقشير السطحي في تقشير البشرة في مناطق غير الوجه مثل اليدين والذراعين والصدر والعنق والساقين، ويفضل في تقشير هذه المناطق البدء بتراكيز خفيفة من المقشر ويُرفع تدريجياً في الجلسات التالية. أما التقشير المتوسط العمق فيمكن اللجوء إليه باستخدام إحدى المواد التالية: محلول ثلاثي كلور حمض الخل بتركيز 50%، أو بمشاركة عدة محاليل منخفضة التراكيز في نفس الجلسة، مثل محلول جسنر مع حمض الخل 35%، أو الفحم الثلجي Solid Co2 مع حمض الخل 35%، أو جسنر مع حمض ألفا هيدروكسي (الغليكولي) 70%. ويستخدم التقشير متوسط العمق لعلاج بعض الأمراض الجلدية، كما ذكرت سابقاً مثل التقرانات الدهنية Seborrheic Keratoses، والتقرانات الضيائية Actinic Keratoses، وشيخوخة الجلد المتوسطة، وندبات حب الشباب الخفيفة إلى المتوسطة، ويمكن استخدامه لعلاج الكلف، أو بعض الاضطرابات التصبغية الأخرى، حيث إنّه قد يساعد في تسريع استجابة التصبغ التالي للالتهابات للعلاج، ولكن علينا ألاّ ننسى أنّ التقشير نفسه قد يؤدي إلى حدوث تصبغات لدى ذوي البشرة السمراء. ويستخدم في التقشير العميق عادة محاليل تحوي ضمنها مادة الفينول التي تنفذ عميقاً، وتستخدم عادة في علاج الندبات العميقة أو شيخوخة الجلد الشديدة ذات التجاعيد العميقة .. وقد قلّ في الوقت الحاضر اللجوء لهذا النوع من التقشير بوجود ليزر ال Co2 وليزر الأربيوم اللذين يلعبان دور مقشر عميق. وقبل إجراء عملية التقشير يفضَّل تحضير البشرة ببعض الكريمات الموضعية لفترة تمتد من 4 - 6 أسابيع، وعادة ما يُستخدم في عملية التحضير كريم التريتنوين، الذي تذكر الكثير من الدراسات أهميته في عملية شفاء الجلد بعد التقشير، وإن كان هناك دراسات تنفي هذه الأهمية، ويبقى الخيار مفتوحاً للطبيب حسب خبرته، كما يُستخدم أيضاً في عملية التحضير كريم الهيدروكينون لدى ذوي البشرة السمراء ليقي ما أمكن من حدوث التصبغ بعد التقشير، كما يجب العودة لاستعماله بعد التقشير بأسبوع، كما يّنصح المرضى خاصة ذوو البشرة السمراء باستعمال واقٍ شمسي واسع الطيف خلال فترة التحضير وبعد التقشير، كما يجب على المرضى الخاضعين للتقشير أن يمتنعوا عن التعرض لأشعة الشمس لمدة أسبوع بعد التقشير. وأود أن أذكر أخيراً أنّه يجب ألاّ نلجأ إلى التقشير إلاّ بوجود استطباب، فالتقشير لا يجرى حسب رغبة المريض، بل حسبما يرى الطبيب، لأنّ التقشير وإن كانت له محاسنه، فيجب ألاّ يغيب عن بالنا أنّه إجراء علاجي، وكلُّ إجراء علاجي قد يحمل آثاراً جانبية، خاصة إذا لم يجر استطبابه، كما ينبغي ألاّ يجرى التقشير بمختلف أشكاله إلاّ من قِبل طبيب الجلدية حصراً.
د. باسل غويش /عيادات ديرما - الرياض |