يوم التكريم له أثر كبير في نفوس المتسابقين على حفظ القرآن فبعد أن أمضوا أياماً معدودات في تنافس شريف على حفظ القرآن وتجويده وتفسيره جاء يوم التكريم لهم من لدن صاحب الجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي خصص جائزة كبيرة من ماله الخاص. وتخصيصه لهذه الجائزة جعل شباب القرآن في كل مناطق المملكة يقبلون على تلاوة القرآن وحفظه في المساجد والبيوت والمدارس كل يحدوه الأمل للفوز بالجائزة مع أن كل الطلاب في فوز عظيم وفرح كبير لأنهم قضوا وقتاً وبذلوا جهداً في الحفظ والضبط. وتكريم الحفاظ بهذه الجائزة هو سنة حسنة يثاب عليها فاعلها لأنها كانت سبباً مباشراً في الإقبال على قراءة القرآن وحفظه.. كما أن فيها تحصيلاً للخير الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أخرجه البخاري من حديث عثمان بن عفان. وهذا الخير الموعود به يعم متعلم القرآن ومن علمه مباشرة بالتلقين أو بالدعم والتشجيع عليه، لأن القرآن من أشرف العلوم فيكون من سعى إلى تعليمه أو تسبب في تعليمه دخل في الحصول على الخيرية ولا شك أن التسبب في تعليم القرآن والتشجيع على حفظه نفع متعد للآخرين فهو فضيلة من هذا الوجه وهو من جملة ما عنى الله تعالى بقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}والدعوة إلى الله تقع بأمور شتى من جملتها - بل من أفضلها - تعليم القرآن الكريم. يتشرف حفاظ القرآن بالسلام على راعي الجائزة واستلام جوائزهم من سموه، وهذا رمز للتلاحم واللقاء بين القيادة والشعب يدل على اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتآلف القلوب والرغبة في فعل الخير وتحقيقه في هذا المجتمع وهذا من فضل الله علينا في هذا الوطن العزيز أن نرى تفاعلاً من القيادة نحو الرعية وتقديم أعظم عون لهم في الحياة الدنيا واشرف تاج يتسنمونه وهو الاعتصام بكتاب الله. ليس لهؤلاء الشباب فحسب بل لهم ولأسرهم ومجتمعهم كله. وإني لأذكر شباب القرآن وهم يدخلون باب التكريم يوم أن من الله عليهم بحفظ القرآن أن يتذكروا التكريم الأكبر في الدار الآخرة من الله تعالى لأهل القرآن الوارد في قوله سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها). أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، وتكريم الدار الآخرة لا يناله إلا من آمن به وعظمه وتلاه وعمل بمقتضاه مخلصاً لله فيه..والله ولي التوفيق..
(*) عميد كلية أصول الدين - الرياض |