Friday 29th April,200511901العددالجمعة 20 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

نتائج إيجابية وأصداء واسعة لزيارة ولي العهد لأمريكا نتائج إيجابية وأصداء واسعة لزيارة ولي العهد لأمريكا
محللون سياسيون وخبراء استراتيجيون يرصدون النتائج ويثمِّنون الزيارة

  * القاهرة - مكتب الجزيرة - ريم الحسيني - عتمان أنور - علي البلهاسي:
عكست زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني إلى الولايات المتحدة الأمريكية نجاحاً كبيراً وحققت خطوات ملموسة على صعيد القضايا العربية والإسلامية، وأثمرت عن نتائج إيجابية مباشرة وغير مباشرة تمثلت في تدشين التعامل الجدي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تجاه قضايا المنطقة سواء ما يحدث في الأراضي الفلسطينية أو العراق أو تداعيات الأحداث في لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري وأيضاً دشنت الزيارة بدء مرحلة جديدة على صعيد العلاقات الثنائية بين المملكة والولايات المتحدة تقوم على التوازن والمساهمة الفعالة في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين . . هذا ما يؤكده العديد من المحللين السياسيين وخبراء الاستراتيجية والمفكرين وذلك من خلال آرائهم التالية التي دارت حول تقييم للزيارة وأهم ما حققته من إنجازات وانعكاسها على مجمل الأوضاع العربية والإسلامية.
تقدم ملموس
يؤكد الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري أن لقاءات القمة السعودية الأمريكية تنعكس دائماً بالإيجاب لصالح قضايا العالم العربي والإسلامي والقمة الحالية التي انعقدت بعيداً عن البروتوكولات الرسمية وهي دلالة ذات مغزى تؤكد مدى التقارب والتفهم الأمريكي لدور المملكة في المنطقة ورغبة المملكة في إحداث التواصل الحميم مع المملكة، هذه القمة والمباحثات التي جرت أحدثت تقدماً ملموساً على صعيد القضايا العربية وعملت على تحريك الملفات سواء على صعيد القضية الفلسطينية أو الملف العراقي واللبناني وقضية الإرهاب التي أظهرت فيها المملكة نجاحاً باهراً في التصدي للفئة الضالة أو حتى قضية النفط ورغم أن هذه القمة تأتي بعد قمة إبريل من العام 2002 في أمريكا إلا أن لقاءات الزعيمين ومشاوراتهما لم تتوقف فقد التقيا مرتين أخرتين الأولى في شرم الشيخ حيث القمة العربية الأمريكية والثانية على هامش قمة إيفيان للدول الصناعية الكبرى التي كان فيها ولي العهد السعودي ضيف الشرف على الثمانية الكبار في ربيع 2003. وتكتسب الزيارة حالية أهميتها نظراً لحساسية الموضوعات المتعلقة بالتطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة.
ويضيف سرور أن زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز إلى الولايات المتحدة الأمريكية حققت نجاحاً كبيراً وأثمرت العديد من النتائج المباشرة وغير المباشرة والأهداف فمنذ بداية الإعلان عن الزيارة والولايات المتحدة الأمريكية تدرك أنها زيارة فارقة فعملت على الاستعداد لها وأكدت التصريحات الأمريكية على عمق العلاقات الأمريكية السعودية فأمريكا تدرك جيداً الهدف من الزيارة والرسالة التي يحملها ولي العهد وهي رسالة عربية واضحة فقد تعودت أمريكا على أن ولي العهد يحمل قضايا الأمة العربية أينما حل ويدعو دائماً إلى الدعوة إلى تسوية سلمية وكبح جماح الحملة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ووقف مجازر شارون وذلك من أجل استقرار المنطقة، كما يدعو إلى استقرار العراق وسرعة انسحاب القوات المحتلة من أراضيه كما أن أمريكا تدرك جيداً مدى المكانة والثقل الذي يحظى به صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله.
وقال رئيس مجلس الشعب المصري إن المملكة العربية السعودية لا تألو جهداً في تقديم كل العون والمساعدة للقضية الفلسطينية وطوال تاريخ المملكة المجيد قدمت العديد من المبادرات والمساهمات الجادة للقضية الفلسطينية بما يخدمها ويخدم كافة القضايا العربية ومبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز للسلام التي تبنتها القمة العربية في بيروت دليل مؤكد على أن المملكة تساهم مساهمة فعالة في خدمة القضية الفلسطينية والعمل على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأشملها.
ويرى الدكتور السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية أن ملفات القضايا التي تم بحثها في القمة سواء في شؤون السياسة أو في شؤون النفط والاقتصاد والاستثمار تؤكد أن صاحب السمو الملكي يحمل على عاتقه هموم الأمة العربية والإسلامية ويعمل لصالحها في كل تحركاته ومباحثاته كما أن الزيارة جاءت لترسيخ مكانة المملكة في قلب العالم ودورها الملحوظ في إقرار السلام والأمن الدوليين كما تؤكد على توازن علاقتها بدول العالم والتطلع إلى أفق مستقر خاصة بعد الهزات التي تعرضت لها العلاقات السعودية الأمريكية والتي كان يقف وراءها اللوبي المسيحي الصهيوني فزيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد عبَّرت عن عمق إيمان المملكة الراسخ بالقضايا العربية والإسلامية خاصة القضية الفلسطينية التي تحتل الأولوية في المنطقة وأنها لا تألو جهداً في تقديم كل العون والمساعدة لها وقد حققت الزيارة نجاحاً كبيراً في هذا الصدد كما نجحت الزيارة في تحريك الموقف الأمريكي خاصة بعد اتساع الفجوة بين أمريكا والدول العربية التي أصيبت بصدمة وخيبة أمل في الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل خاصة بعد زيارة شارون الأخيرة وهذا يتأتى من الموقف الثابت والراسخ للمملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية والدعم والمساندة المستمرة من قبل المملكة للشعب الفلسطيني وكافة قضايانا القومية.
قضايا مهمة
وأكد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب أن الزيارة تأتي على خلفية الأحداث التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة مثل اغتيال رفيق الحريري وتداعيات هذا الاغتيال وانعكاساته على الأوضاع والعلاقات العربية العربية والانسحاب السوري من لبنان والوضع في العراق والتحولات في مصر إضافة إلى المستجدات على الساحة الفلسطينية وبشأن النزاع الإسرائيلي توجد مبادرة السلام العربية التي أقرت في 2002 وتم إحياؤها في القمة العربية التي عقدت في الجزائر نهاية اذار (مارس). وتقترح قيام دولة فلسطينية وتعرض على إسرائيل تطبيع علاقاتها بالدول العربية في مقابل انسحاب قواتها من الأراضي العربية المحتلة في 1967م.
فزيارة ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية والمحادثات التي أجراها مع الرئيس بوش جعلت أمريكا لا تجد مبرراً أمامها في الاستمرار بتجاهل ما يحدث في المنطقة والاقتناع بأنه لا يوجد طريق آخر غير السلام لتحقيق الاستقرار في المنطقة، كما أكدت الزيارة على القلق العربي المتزايد من طريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية والانحياز لإسرائيل وكذلك أكدت الزيارة على أن الوضع في الأراضي الفلسطينية لا يحتمل التأجيل وأنه بمضي الوقت تتسع رقعة الخراب والدمار والأعمال الوحشية الإسرائيلية وخاصة أنه لا يوجد مبرر لهذا الانحياز. وعمل صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز على إزالة أية التباسات خاصة بالعلاقة بين البلدين المملكة وأمريكا وكشف الحقائق ووضع الرئيس الأمريكي في قلب الصورة مباشرة والعمل على تحقيق السلام والاستقرار.
وأضاف د. الفقي أن صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد يعمل على تفعيل مبادرة السلام العربية لتحقيق الاستقرار والزيارة في رأيي وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أمام مسؤولياتها مباشرة تجاه قضية الصراع العربي الإسرائيلي وأكدت على موقف المملكة في خدمة القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية والإسلامية.
وأكد الدكتور محمد عبد اللاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق بمجلس الشعب أن قمة كروفورد 2 مختلفة عن أية قمة أخرى حيث إنها عقدت بعيداً عن كل أشكال الرسميات وهو ما يدل على عمق علاقة البلدين وأنها علاقة استراتيجية ورغم أن هذه العلاقات تأثرت في بعض الفترات وشابها التوتر إلا أنها ذات تاريخ ممتد وتقوم على المصالح المشتركة والمتأمل لأجندة الزيارة والقضايا التي بحثها ولي العهد سيجد مليئة بالموضوعات المهمة والحساسة التي تشغل بال المنطقة أيضاً هناك ما يشغل بال أمريكا وهي قضية النفط.
وقال إن زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ألقت الكرة في الملعب الأمريكي وذلك بقيام ولي العهد بإجراء مباحثاته في صراحة ووضوح، كما أكدت الزيارة على أهمية أن تعي أمريكا ضرورة التحرك السريع من أجل استقرار الأوضاع وبالتالي استقرار مصالحها في المنطقة كذلك ما يحدث في العراق وسرعة الانسحاب من أراضيه وتحقيق الأمن والاستقرار له.
ويضيف عبد اللاه أن تأكيدات ولي العهد لاقت قبولاً واسعاً وعبّرت عن الموقف العربي ولم تترك للولايات المتحدة الأمريكية أي مسوغ للتهرب أو المراوغة مما أعطى أملاً كبيراً في إمكانية إنقاذ الأوضاع من التدهور الخطير الذي يعيشه ويلمسه الجميع، ولأن صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز يحمل الهم العربي ويحمل رسالة صادقة وجادة للولايات المتحدة الأمريكية أكد عبر مباحثاته أن مصالح الولايات المتحدة يتهددها الانحياز لإسرائيل وهذا يتحتم تحركها السريع على صعيد تحقيق السلم والاستقرار وخاصة في ظل خطورة الأوضاع في المنطقة. ومن هنا نجحت الزيارة في تحقيق دفعة هائلة لكي ترتفع الإدارة الأمريكية فوق مستوى الحدث والتحدي التاريخي ويرى الدكتور مصطفى علوي أن زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز إلى الولايات المتحدة الأمريكية أكدت ضرورة العمل على تمهيد الأرضية المناسبة لتحقيق السلام وتطبيق المبادرة العربية للسلام وكذلك تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله يحمل القلق العربي إزاء القضية الفلسطينية وما يحدث في الأراضي المحتلة وأنه في غياب الضغط المؤثر على إسرائيل ستسود الفوضى ويتهدد الاستقرار كل شيء في المنطقة بما فيها مصالح أمريكا، فجاءت الزيارة لتلقي آذاناً صاغية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في ظل خطورة الأوضاع في المنطقة، كما أن الزيارة نبهت الإدارة الأمريكية إلى أهمية وضرورة علاقاتها مع الدول العربية مما يستوجب إنقاذ الوضع من التدهور الحاصل في المنطقة.
ويضيف علوي أنه ليس غريباً على المملكة العربية السعودية هذه المواقف وليس غريباً أن يبادر صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بحمله للهم العربي فهو صاحب تاريخ طويل في المبادرات والإسهام بجدية في خدمة القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية والإسلامية، ففي الوقت الذي بدأ فيه الأمل يتلاشى جاءت زيارة ولي العهد لتعيد أجواء الأمل وتدفع الإدارة الأمريكية لوقف الممارسات الإسرائيلية وتفعيل سبل السلام، وكان قد بادر من قبل بطرح مبادرة السلام التي تبنتها القمة العربية في بيروت في وقت كان تلاشى فيه الأمل أيضاً عن التوصل إلى سلام، فالمملكة تقوم دائماً بدور مميز وجهود متواصلة من أجل القضية الفلسطينية ونيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومن جراء هذا الدور ومبادرات صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز أصبحت الدول العربية والإسلامية تعوِّل جميعاًَ على الدور السعودي الرائد في القضايا المصيرية.
نتائج ملموسة
أما الخبير الاستراتيجي اللواء زكريا حسين فيرى أن الزيارة حققت خطوات ملموسة على صعيد القضايا العربية والملفات الساخنة التي تشهدها أجواء المنطقة مثل الحرب ضد الإرهاب، وإعادة بناء العراق وخارطة الطريق وإنعاش الديمقراطية في الشرق الأوسط. كما أن الرئيس بوش والأمير عبد الله تربطهما علاقات جيدة وقد انعكست الزيارة بالإيجاب في إعادة العلاقات إلى وضعها الطبيعي بين حليفين استراتيجيين تقوم علاقاتهما منذ العام 1945 على أسس من المصالح استراتيجية المشتركة، وتم بحث قضايا حساسة بعيداً عن البروتوكول وضروراته التي غالباً ما تأخذ حيزاً كبيراً من الإجراءات التي تضفي ببيروقراطيتها على أهمية الحديث ونتائجه، وأهمية الملفات التي تم بحثها ابتداء من تقييم العلاقات بين البلدين وخاصة في السنوات الخمس الماضية والعمل على إعادة ترتيبها لما يخدم مصالحهما المشتركة بشكل ثنائي ومصالح منطقة الشرق الأوسط في شكل عام مروراً بالإرهاب الذي يعمل البلدان على مواجهته بما يملكان من قوة وعزم، وصولاً إلى التطورات الراهنة على الساحة العراقية والعمل على تمكين العراق من استعادة عافيته واستقلاله وإعادة بنائه واستقراره ليؤدي دوره على الساحة الشرق أوسطية والدولية كما هدفت المحادثات إلى الوصول إلى سلام عادل في منطقة الشرق الأوسط وتمكين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من استئناف المفاوضات السلمية بينهما على هدي من مبادرة ولي العهد السعودي السلمية التي كانت تبنتها قمة بيروت العام 2002 ثم أعادت قمة الجزائر الأخيرة تبنيها، وكذلك على أسس خريطة الطريق التي اختطتها اللجنة الرباعية، وأكدت المحادثات من جهة ثانية على استقلالية الساحة اللبنانية والعمل على توفير أفضل الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية في لبنان بعيداً عن أية ضغوط خارجية من أي طرف من الأطراف أيضاً زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية أكدت على أمرين مهمين هما القضية الفلسطينية والعلاقات الثنائية وفي كلا الأمرين كان ولي العهد جاداً وصريحاً فقد حمل ولي العهد هموم وقلق الأمة العربية من أجل دفع الولايات المتحدة الأمريكية لاتخاذ موقف حاسم تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمباحثات تدل على عمق وعي صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بدوره وبدور المملكة في خدمة القضية الفلسطينية وكافة القضايا العربية وهذا الأمر استوجب على أمريكا أن تأخذه مأخذ الجد ولا مجال للتسويف أو المماطلة والتحرك نحو جهود السلام ومحاورها الرئيسية المبادرة العربية للسلام وكذلك التحرك نحو تحقيق قرارات مجلس الأمن ويكون هذا التحرك قائماً على العدل ومراعاة الحقوق.
من جانبه يؤكد إبراهيم شكري رئيس حزب العمل المصري أن القمة السعودية الأمريكية تمثل نقلة كبيرة في العلاقات التاريخية بين البلدين حيث بحث الجانبان العديد من الملفات السياسية أبرزها مبادرة السلام العربية وتطور الأوضاع على الساحات الفلسطينية والعراقية والسورية اللبنانية والعلاقات بين البلدين وتطورات سوق النفط وجهود السعودية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية واتفاقها التجاري مع أمريكا الكثير من القضايا العالقة ودفع جهود السلام نسبياً وما تشهده الملفات الأخرى من تطورات مختلفة عن القمة الأخيرة، إضافة لما حققته السعودية من نجاح في التصدي للإرهاب والقضاء عليه وهو ما أشارت إليه الإدارة الأمريكية سيدعم رؤى الطرفين ويوحدها في التصدي الشامل لتلك الظاهرة العالمية كما احتلت العلاقات المشتركة جانباً كبيراً في محادثات الجانبين. وجاءت الزيارة ليضع ولي العهد الأمور في نصابها والنقاط فوق الحروف وبداية مرحلة جديدة ستعكس إيجابيات أخرى لها كثيرة في المستقبل مرحلة جديدة.
يقول السفير علي حجازي مساعد وزير الخارجية للشؤون الآسيوية إن القمة التي عقدت بين ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأمريكي بوش هي بداية مرحلة جديدة لعودة العلاقات الحميمة بين البلدين وتجاوز تداعيات وتأثيرات أحداث 11 سبتمبر والفترة التي تلتها على هذه العلاقات وقد حرص المسؤولون في الإدارة الأمريكية خلال الفترة الماضية على الدفع باتجاه تحسين هذه العلاقات بعد فترة من التوتر حيث أكدوا على علاقات الصداقة التي تربطهم بالمملكة بوصفها صديق مهم في المنطقة وانعكس ذلك على وسائل الإعلام الأمريكية التي دأبت خلال الفترة التي تلت أحداث 11 سبتمبر على توجيه انتقادات للمملكة لتتحول لهجتها إلى التأكيد على أهمية العلاقات بين واشنطن والرياض والإشادة بجهود المملكة في مكافحة الإرهاب.
وأكد حجازي أن هناك أجواء طيبة في البلدين هيأت لنجاح القمة والتي اختلفت تماماً عن القمة السابقة عام 2002 التي جمعت بين الأمير عبد الله وبوش في كروفورد أيضاً فقد نجحت القيادة السعودية خلال الفترة الماضية في مواجهة الحملة الإعلامية الأمريكية التي طالت المملكة خلال فترة التوتر في العلاقات بين البلدين معتمدة على أدوات الدبلوماسية الحكيمة في إدارة هذه الأزمة كما نجحت القيادة السعودية في كسب الثقة والمصداقية من جانب المجتمع الدولي من خلال نجاحها اللافت في مواجهة الإرهاب وقيادة مسيرة الإصلاح الشامل في المملكة من خلال توسيع مشاركة المواطنين في القرار وهو ما تجسد في الانتخابات البلدية التي شهدتها المملكة كما كان للمملكة دور كبير في تأمين تدفق الطاقة للعالم في ظل ارتفاع أسعار النفط.
وقد أدركت الولايات المتحدة أهمية العلاقات التي تربطها بالمملكة واعتبرت الإدارة الأمريكية أن عودة العلاقات الطيبة بين البلدين وتجاوز مرحلة التوتر سيحقق لها العديد من المميزات التي سيكون لها انعكاساتها على الصعيد الداخلي والخارجي للولايات المتحدة فمن ناحية تواجه أمريكا أزمة داخلية تشغل بال الرأي العالم الأمريكي محلياً بسبب ارتفاع أسعار النفط التي تتصاعد بشكل سريع وسيكون للمملكة دور كبير في تأمين الطاقة والنفط للولايات المتحدة وسبق أن قامت المملكة أكثر من مرة برفع إنتاجها من النفط لوقف ارتفاع أسعاره ولتلبية الاحتياجات العالمية وعلى الصعيد الخارجي تعتبر المملكة حليفاً قوياً ومهماً في منطقة الشرق الأوسط ولها دور مؤثر في القضايا المثارة في المنطقة والتي تعتبر أمريكا طرفاً أساسياً فيها سواء في فلسطين أو في العراق أو في لبنان وقد كانت هذه القضايا محاور أساسية في مباحثات الأمير عبد الله والرئيس بوش.
نجاح دبلوماسي
ويؤكد السفير محمد بسيوني مساعد وزير الخارجية المصري أن التوتر الذي شهدته العلاقات السعودية الأمريكية في الفترة الماضية كان جزءاً من توتر أكبر في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة ككل وذلك بسبب التداعيات التي تركتها أحداث 11 سبتمبر على هذه العلاقات والإصرار الأمريكي على أن توافق دول المنطقة على أهدافها السياسية وطموحاتها التوسعية التي انطلقت بعد هذه الأحداث وهو ما شكل حاجزا بين التقارب العربي الأمريكي وكان له أثره على العلاقات السعودية الأمريكية وكانت المملكة بعد أحداث 11 سبتمبر هدفاً للكثير من الحملات الإعلامية المغرضة التي وظفتها الصهيونية لخدمة أهدافها فعمدت إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالأنظمة العربية والإسلامية وبالمملكة بصفة خاصة لضرب العلاقات الحميمة التي كانت تربط النظام السعودي بالإدارة الأمريكية بهدف تحجيم الدور السعودي المساند للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وأشار بسيوني إلى أن القمة التي عقدت بين سمو ولي العهد الأمير عبد الله والرئيس الأمريكي بوش أنهت هذه المرحلة السابقة من التوتر في العلاقات بين البلدين لتعود كسابق عهدها علاقات حميمة وطيدة فالمملكة منذ زمن بعيد من أفضل الدول العربية التي تربطها علاقات مع الولايات المتحدة وهذه العلاقات الحميمة بين الجانبين كان لها دور مهم في خدمة القضايا العربية والإسلامية التي تبنتها المملكة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وربما كان هذا هو السبب الذي جعل هذه العلاقة مستهدفة من قبل أطراف أخرى مثل إسرائيل التي حاولت تشويه هذه العلاقة والتأثير عليها لما رأته من تأثير قوي لهذه العلاقة على الإدارة الأمريكية ومواقفها حيال القضايا العربية ومنها القضية الفلسطينية.
وقال بسيوني إن نجاح الدبلوماسية السعودية في تجاوز تداعيات أحداث 11 سبتمبر على العلاقات مع أمريكا ومواجهة الحملات الإعلامية التي استهدفت العلاقة بين الرياض و واشنطن كان له ثماره الواضحة التي ظهرت خلال زيارة سمو ولي العهد السعودي لأمريكا وفرق كبير بين القمة السابقة بين الأمير عبد الله وبوش عام 2002 والقمة الأخيرة التي عقدت بينهما والتي سادتها أجواء الحميمية والصداقة الوطيدة وأكدت على متانة العلاقات بين البلدين وعلى أنها تقوم على أسس ثابتة وراسخة لا تؤثر فيها أي محاولات لاستهدافها ولا شك أن عودة العلاقات السعودية الأمريكية حالياً إلى أفضل مما كانت عليه في السابق يخدم في المقام الأول المصلحة العربية والإسلامية وسيكون له انعكاساته الإيجابية على الموقف الأمريكي من قضايا المنطقة التي تلعب المملكة دوراً محورياً فيها خاصة القضية الفلسطينية التي تمر الآن بمرحلة فارقة تحتاج إلى كل دعم وجهد من أجل الوصول إلى تسوية عادلة ولا زالت المبادرة السعودية التي صارت مبادرة عربية للسلام حاضرة وتؤكد الرغبة الحقيقية لدول المنطقة في تحقيق السلام.
قمة مصالحة
ويرى عاطف الغمري الخبير في الشؤون الأمريكية أن قمة كروفورد بين سمو الأمير عبد الله والرئيس بوش كانت بمثابة قمة مصالحة بين الجانبين السعودي والأمريكي بعدما نجح الجانبان في تجاوز تلك المرحلة العصيبة التي مرت بالعلاقات الثنائية بينهما بعد أحداث 11 سبتمبر وقال إن متانة العلاقات بين البلدين والتي استمرت حوالي 60 عاماً كانت صمام الأمان لحماية هذه العلاقات من محاولة الاستهداف والتشويه التي تعرضت لهاه وقد أكدت القمة أن هذه العلاقات علاقات استراتيجية وعكست رغبة أمريكية حقيقية في استعادة العلاقات الطيبة مع المملكة.
وأكد الغمري أهمية الملفات التي ناقشتها القمة ابتداء بتقييم العلاقات بين البلدين وخاصة في الفترة الأخيرة التي شابها شيء من التوتر والعمل على إعادة ترتيبها بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين ومصالح منطقة الشرق الأوسط ككل وكذلك الملف الهام والخاص بالتعاون الثنائي بين البلدين في مكافحة الإرهاب والجهود الطيبة التي بذلتها المملكة في هذا المجال بالإضافة إلى التطورات الراهنة في المنطقة على الساحة العراقية وسبل العمل نحو استقرار العراق وكذلك التطورات على الساحة اللبنانية ثم جهود ومساعي الولايات المتحدة والمملكة من أجل الوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وهذه الملفات تؤكد حرص المملكة على مواصلة دورها الهام في تبني القضايا العربية وخدمتها ولذلك لم تقتصر القمة على مناقشة العلاقات بين البلدين فقط وإنما ناقشت أيضا القضايا المحورية في المنطقة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى علاقاتها مع المملكة على أنها علاقات استراتيجية لا يمكن أن تفقد أهميتها أبداً تحت أي تأثير أو محاولات لاستهدافها فالمملكة ستظل مفتاح الأمان بالنسبة لأمريكا فيما يتعلق بتأمين احتياجاتها من النفط وقد أثبتت المملكة هذه الحقيقية أكثر من مرة عندما لبت طلبات أمريكا برفع إنتاجها لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار النفط عالمياً وأمريكا تعلم جيداً أن المملكة وحدها تملك 25% من احتياطي النفط العالمي هذا إلى جانب ما تتمتع به المملكة من مكانة خاصة في قلب العالم العربي والإسلامي مما جعلها دولة محورية في المنطقة ولها دور بالغ الأهمية والتأثير في كل القضايا العالقة بها ولا شك أن أمريكا تحتاج لحليف قوي مثل المملكة لممارسة دورها كقوة عظمى تجاه قضايا المنطقة خاصة القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط التي ترعاها أمريكا.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved