* كتب - سعود عبد العزيز: كانت الأجواء هادئة في نادي النصر السعودي طوال الأسابيع الماضية نظراً لتمتع الفريق بفترة توقف تجاوزت الأربعين يوماً، وكانت الفرصة متاحة أمام الإدارة والمدرب لتجهيز اللاعبين قبل خوض مباراة القادسية يوم أمس الأول الاثنين، لكن هذه المدة الطويلة للأسف الشديد لم تُستغل من قِبل إدارة النصر التي أعلنت عند بداية فترة الراحة أنها تريد إقامة بطولة ودية مصغرة ثم تحوَّلت إلى معسكر تدريبي في الدمام لينتهي الأمر إلى تدريبات عادية مع إقامة بعض المباريات الودية مع عدد من رديف فرق دوري الدرجة الأولى والثانية لتضع هذه القرارات المتقلبة النصر في وضع فني رديء لا يحسد عليه ليكتفي معه المدرب بإجراء التدريبات اليومية العادية.. ولتبقى الاستفادة الوحيدة أن اللاعبين المصابين تعافى البعض منهم ليكون جاهزاً لخوض مباراة القادسية.. لكن المدرب ديمتروف كان له رأي آخر فوضع الحارس محمد شريفي وقائد الدفاع (قلب الأسد) محسن الحارثي، وأحمد الخير وبندر تميم في دكة الاحتياط وأشرك بدلاً عنهم الخوجلي الذي يتحمَّل كامل المسؤولية في الهدف الأول وجزءاً من الثاني.. أما خط الدفاع فإن الاختراعات التي قام بها ديمتروف لا يمكن السكوت عليها أو تمريرها له، فأحمد العجمي لا يمكن أن يكون أفضل من محسن الحارثي أو حمد الصقور، ورغم هذا تمَّ إشراكه كلاعب أساسي، وأبعد الحارثي عن القائمة الأساسية أو البديلة ووضع الصقور في دكة الاحتياط.. أما حمد الخثران وإشراكه في الظهير الأيسر فإنه لا يُلام على ذلك، بل الذي يُلام المدرب الذي استعان به والإدارة التي وافقت على ذلك، فالخثران لا يملك المواصفات المطلوب توفرها في لاعب الظهير الأيسر فقد كان ثقيل الحركة وغير قادر على القيام بدوره الهجومي والدفاعي، ولا يستخدم قدمه اليسرى بشكل جيد لتتعطل الجهة اليسرى تماماً بسبب تلك النواقص الفنية فيه أضف إلى ذلك أن المساندة من الثقفي كانت مخجلة، لأن منصور كان يلعب بأسلوب (الحواري) وهو الاحتفاظ بالكرة ومراوغة كل من يقابله وعند افتقادها يتم التهجم على زميله القريب منه، ولماذا لا يأخذ مركزاً جيداً لاستلامها، وقد ساهمت الفردية والأنانية الطاغية على أداء النقص في ضياع هوية النصر داخل أرضية الملعب ومنحت القادسية الأفضلية في الشوط الأول ومعظم فترات الشوط الثاني ولأن أخطاء الجهازين الإداري والفني في النصر كانت كبيرة وجسيمة ومؤثرة فقد ظهر الفريق في حالة يُرثى لها وكاد أن يخسر اللقاء قبل أن يبدأ عندما افتعلت الإدارة قضية القمصان، ومَنْ يلعب بالأصفر، وساعد مثل هذا الموضوع الصغير الذي تمَّ تكبيره بطريقة معينة - لضمان التسليط الإعلامي على صاحبه - في افتقاد اللاعب النصراوي التركيز بعد أن ارتفعت درجات التوتر.. ويكفي أن اللاعبين البدلاء دخلوا المباراة بقمصان صفراء في حين كان المتواجدون داخل الملعب بشعار أزرق وهذا أكبر دليل على الفوضى التي كان عليها لاعبو النصر والسبب أن العناد الإداري في غير محله. وللتذكير فأثناء تواجد الأمير فيصل بن عبد الرحمن لعب النصر أمام الاتحاد القطري بالدوحة في بطولة آسيا التي حصل عليها الأصفر بالقمصان الزرقاء وكسب اللقاء بـ(3-2) بعد أن تجاوب سموه مع المطالب القطرية منذ وقت مبكر لضمان عدم الدخول في مهاترات مضارها أكبر من منافعها، وفي الموسم الحالي وفي نهائي آسيا الكبير الذي جمع الاتحاد السعودي بفريق سينجام الكوري استبدل العميد شعاره الأصفر والأسود بالأبيض وفاز ونال اللقب القاري.. هذان الموقفان من منصور البلوي وفيصل بن عبد الرحمن يؤكدان أن العامل الإداري يلعب دوراً مؤثراً في تحديد نتيجة المباريات فإذا كان الجهاز الإداري قادراً على تجهيز اللاعبين من جميع النواحي الفنية والنفسية وإبعاده عن المؤثرات المحيطة به فإن اللاعب سيدخل المباراة صافي الذهن حاضر العقل واضعاً جميع أفكاره وتركيزه داخل الملعب فيقدم العطاء المطلوب منه، أما إذا دخل اللاعب المباراة وأكثر من القضايا المفتعلة والمناوشات التي هدفها التسليط الاعلامي على صاحبها فإن اللاعب سيكون قليل التركيز شارد الذهن وهو ما شاهدناه على اللاعب النصراوي الذي تأثر بالأجواء المحيطة به ليقدم عطاء ضعيفاً توَّجه بهزيمة نكراء ومؤلمة من فريق كان من الممكن الفوز عليه، ولو قُدِّر للاعبي القادسية الاستفادة من التواضع الذي كان عليه لاعبو النصر وخصوصاً الحارس الخوجلي والعجمي وهادي شريفي والخثران لحقق فوزاً مريحاً وبفارق أكثر من هدف، لكن الحظ وسوء الطالع أضاع العديد من الفرص التي تناوب على إهدارها القحطاني الذي لم يقدم المستوى المرجو منه وكانت حسنته الهدف الذي أحرزه بمساعدة الخوجلي الذي خرج من مرماه في توقيت ضعيف مكرراً أخطاءه الكبيرة في المباريات المؤثرة التي يلعبها مع النصر، وللتدليل على ما نقول فالنصر هزم القادسية هذا العام مرتين في كأس الدوري لأنه خاضهما بوضع طبيعي وبدون افتعال مشاكل تثير الاحتقان على النصر ومحبيه..!! لقد كان النصر وجماهيره العريضة التي حضرت بكثافة لملعب الدمام رافعة الأعلام الصفراء والشعارات المؤيدة للفريق ضحية لأخطاء الجهازين الإداري والفني والرباعي الخوجلي، هادي شريفي، الخثران، العجمي، الذين أصابوا الطموحات النصراوية الكبيرة في (مقتل) وجعلوا الجماهير تخرج حزينة مكسورة الخاطر وهي التي جاءت لمساندتهم والرفع من معنوياتهم من أجل تحقيق النصر للنصر والعودة لأجواء النهائيات بعد غياب. وإذا كان الجهاز الإداري جاداً في التعويض وإعادة النصر للمباريات الختامية.. فلقاء الجمعة يمكن تجاوزه على استاد الملك فهد الدولي ففارق هدف ليس من الصعوبة كسره، لكن هذا الأمر يتطلَّب عملاً جباراً وضخماً فأولى المهام المناطة بالإدارة الاجتماع بالمدرب ديمتروف ومناقشته بحزم وشفافية حتى (لو) وصل الأمر للتدخل في عمله، فليس من المعقول أن يكون العملاق (قلب الأسد) قائد الفريق محسن الحارثي خارج القائمة الأساسية، وهو اللاعب الذي لا يمكن الاستغناء عنه، أو التفريط فيه، فهو مدافع صلب، وهداف خبير، ويكفي أنه أكثر لاعب مدافع أحرز أهدافاً لفريقه، ولهذا يجب مشاهدته في المباراة المصيرية يوم الجمعة بجانب هادي شريفي، ومركز الظهير الأيسر فإن أفضل من يلعب فيه منصور الثقفي أو عبد العزيز الجنوبي، وإذا أصر المدرب على استمرار الخثران فيه فإن وضع خط الدفاع النصراوي سيزداد سوءاً، ولن يتمكن الفريق من بلوغ النهائي والعرين الأصفر يحتاج عودة محمد شريفي فهو أفضل من بقاء الخوجلي الذي أهدى القادسية الفوز، وإذا كانت الحراسة النصراوية والدفاع تتطلبان إضافة فإن عودة أحمد الخير ليكون بديلاً لسعد الزهراني تفرضها حاجة الفريق في المباراة القادمة بعد المستويات الكبيرة التي قدَّمها الخير في اللقاءات الماضية والتي شهدت إحرازه للعديد من الأهداف الجميلة ومن مسافات بعيدة مع وضع مهاجم آخر بجانب سعد الحارثي، وقد تكون الأفضلية لعبد الرحمن البيشي، فالنصر يدخل اللقاء بفرصة واحدة، وهي الفوز بفارق هدفين لبلوغ النهائي في حين تخوض القادسية بفرص عدة الفوز أو التعادل. إن الأخطاء بالغة الخطورة التي وقع فيها المدرب ديمتروف في المباراة الأولى وساهمت في تقلُّص حظوظ النصر في بلوغ النهائي ولهذا عليه أن يصحح أخطاءه التي ارتكبها في اللقاء الماضي باختيار العناصر والطريقة المناسبة والبعد كل البعد عن الاختراعات المضرة وعلى الإدارة ألا تتركه يعبث بالفريق في المراحل الحاسمة التي يصعب التعويض فيها، فقد سبق وأن اختار عناصر وطريقة خاطئة في مباراة الهلال الماضية فخسر النصر، وعلى الجهاز الإداري البعد كل البعد عن افتعال المشاكل مع الأطراف الأخرى والتركيز على العمل الجاد لتطوير أداء الفريق وتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها وأبرزها التسويف بإقامة دورة ودية ثم تحوَّلت إلى معسكر تدريبي في الدمام ونعلم أنهما لن يقاما من الأصل، ليتم الاكتفاء بإقامة مباريات مع اندية الدرجة الأولى والثانية برديف لاعبيها ضعيفي المستوى. وحقيقة كان الجمهور النصراوي يتمنى من الإدارة أن تخرج وتقدم اعتذارها على المستوى المتواضع والأخطاء الجسيمة، والتي حدثت في مواجهة الدمام بفعل فاعل، لكن المفاجأة المتوقعة أن تابعنا الجهاز الإداري يهاجم الحكم العالمي جراهام بول الذي قاد اللقاء بشكل رائع وكان النجم الأول فيه بقدرته على اتخاذ القرارات السليمة وإيقاف الخشونة المتعمدة من قبل بعض اللاعبين.. ويكفي أن هذا الحكم الكبير الذي فاق مستواه وسمعته العالمية العطاء الفني الذي كان عليه لاعبو القادسية والنصر، قاد لقاء الأرسنال ومانشستر يونايتد قبل اسبوعين من الآن في قمة الدوري الانجليزي ونال نجوميته، وعندما نتحدث عن الأرسنال ويونايتد، فالجميع يعرف مكانتهما في الكرة الأوروبية، فالفريقان يضمان نخبة نجوم الكرة في العالم الذين تصل أسعارهم مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، وهذا يؤكد حسن اختيار الحكم الإنجليزي، الذي قاد لقاء القادسية والنصر بأسلوب ممتاز ورائع وشاهدنا كيف تقبَّل جميع لاعبي الفريقين قراراته، ومن هنا فإن المتابع الرياضي يقدم كل الشكر لاتحاد الكرة الذي أسند المباريات المهمة لحكام أجانب عالميين قادرين على إيصالها لبر الأمان ولأن عملية اللف والدوران كانت واضحة على اللغة الصفراء فقد نال الجو الرطب والحرارة العالية نصيبها من النقد، ولهذا فإن على صاحب هذه التصريحات الاعتذار لجماهير النصر والوعد بتقديم مباراة جيدة وتعويض ما فات فما زال في الوقت متسع بشرط تدارك الأخطاء والعمل بصمت بعيداً عن إثارة الزوابع الإعلامية التي أضرَّت بالفريق في اللحظات الحاسمة وعرَّضته للهزيمة المؤلمة.
|