التقيت به مرتين بعد غيبة طويلة كانت الأولى بعد قرانه الثاني على أنقاض تجربته السابقة - رأيته منشرح الخاطر يمني نفسه بآمال عراض أسهب في وصفها - يرقب لقاءً مجدداً لكل شيء في حياته - كي ينسى ما مضى - وأخذ يعد نفسه لتلك المناسبة السعيدة، وفق خطة رسمها، وتسير الأمور بانتظار موعد الزفاف - يعترض سبيله حادث عبر جسره بأمان - وتمضي الأيام كعادتها تحمل المر والحلو -، أتى إليّ على غير عادته فكان لقاؤنا الثاني سألته عن عرسه - فصمت وترك لتقاسيم وجهه تتولى الإجابة، وهز رأسه في هدوء معلناً عدم الرضا والارتياح، وسرح الطرف في الأفق وكأن شيئاً قد حدث، تكلم وفي نبرات صوته رنة الألم، وناداني باسمي متسائلاً.. أتدري ما حدث وسكت هنيهة ثم عاود حديثه.. حبي لها ليس نزوة طارئة بل حقيقة أريد لها أن تستمر.. وعنى زوجته الأخيرة بالطبع كلا إنها صدمة سأستعين عليها بالصبر، لأن للصبر أهمية تعلو كل الصدمات.. لن أترك لليأس فرصة يحتل بها مكاناً من نفسي، حرمت إياها دون ذنب اللهم إلا أولادي الثلاثة، أرادوا لسعادتي أن لا يمتد بها العمر وتوقف عن الحديث وتعاقبت بيننا النظرات وكأنه أدرك ما يجول في خاطري فقال لم يقنعك ما سردته لأنك لم تعرف السبب بعد؟ هم السبب - أولادي - ويريدوني بدونهم - نسوا أنهم قطعة مني - من كبدي - امتداد حياتي - تهمني سعادتهم - أبحث عن شريكة ترعاهم وكنت أظنها هي.. ولم أتصور يوما أنهم سيكونون حجر عثرتي - انتهيت منها وانتهى كل شيء.. لم يبق سوى الذكريات. عاودت الكرة خاطباً لدى الأسر.. فواجهتني موجة من الأسئلة أصعبها إلى نفسي سؤال واحد - بعد المقدمات - هل تزوجت ولك أولاد؟ وبالطبع سيكون الجواب نعم تجنباً للكذب والخداع فيوصد الباب في وجهي ناهيك عن تساؤلاتهم عن أسباب الطلاق الأول والتي اخترت لها الكتمان، وبعضهم من ينحرج ويوعدني بالإجابة بعد أسبوع - والنتيجة لا شك معروفة - (نحن متأسفين عندك أولاد) وأتململ في صمت وضاع عمري في المهل - وأصبحت أفكر وفي نفسي سؤال يتردد هل أخطأت في نظرهم - ويجيبني نداء من الأعماق كلا ثم استأذن مني بالإنصراف وراح أدراجه - وتركني أعجب لأمره بعد أن عشت معه لحظتي - ألمه، وأمله - وشدتني إليه عاطفة وكم كنت أتمنى أن تكون لي ابنة فأقدمها إليه دون أن أسأله؟.. خاصة وأني راضٍ عنه ديناً، وخلقاً، وإخلاصاً وتلك هي الشروط الأساسية في المسلم. * مناهل: -{ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} قرآن كريم- {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ } قرآن كريم.
|