* دالاس - واس: أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن المباحثات التي أجراها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني وفخامة الرئيس جورج دبليو بوش رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في مزرعة فخامته في كروفورد بولاية تكساس يوم الاثنين أعادت العلاقات بين البلدين الصديقين إلى حرارتها السابقة ليس على المستوى الشخصي بين الزعيمين فحسب ولكن على مستوى المصالح المشتركة، التي أكد عليها الزعيمان في لقائهما والنية على العمل سوياً لتنمية العلاقات ورعايتها إلى المستويات التي يطمح لها الزعيمان لشعبيهما. وأوضح سموه أن العلاقات بين البلدين تمتد إلي ستين عاماً، وهي مبنية على أسس من الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والمصالح المتبادلة وهو ما تجسد في مباحثات سمو ولي العهد وفخامة الرئيس جورج دبليو بوش أمس. وبيَّن سموه في كلمة استهل بها اللقاء الصحفي الذي عقده في مقر إقامته في مدينة دالاس في الولايات المتحدة الأمريكية مع روؤساء تحرير الصحف السعودية أن الحديث خلال المباحثات كان في إطار المصالح المشتركة بين البلدين وتنميتها إلى جانب القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق والخليج ولبنان وشتى القضايا التي تهم البلدين. وأفاد سموه أن الاجتماع حضره من الجانب السعودي سمو وزير الخارجية وسمو سفير خادم الحرمين الشريفين لدى واشنطن فيما حضره من الجانب الأمريكي دولة نائب الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية ومستشار الأمن القومي ومساعدوهم. وقال سمو وزير الخارجية: (إن الطبيعة التي كانت عليها المباحثات هذه المرة أن الحديث تم أمام كل المعاونين فلن يكون هناك فرصة إلى أن يكون هناك اختلاف في فهم أحد عما قيل أو فهم أحد عما لم يقال، فالكل سمع ما قيل والكل سمع ما اتفق عليه الزعيمان). وبيَّن سموه أنه كان هناك لقاء ثنائي بين فخامة الرئيس الأمريكي وسمو ولي العهد خلال جولة لهما في المزرعة. وعاد سموه للتأكيد أن المباحثات بين الجانبين السعودي والأمريكي أعادت العلاقات إلى طبيعتها وأعادتها إلى أسس المصالح المشتركة والتحقق من هذه المصالح والبناء عليها. وأضاف: (إن الركيزة الأخرى الأساسية أن العلاقة التي بنيت في الجولة السابقة من المباحثات بين سمو ولي العهد وفخامة الرئيس الأمريكي تجددت وبحرارة أكثر مما سينعكس على العلاقات بين البلدين). بعد ذلك أجاب سمو الأمير سعود الفيصل على أسئلة الصحفيين، وعما إذا كانت هناك اتفاقات ثنائية أو حل مشكلات بين البلدين غير ما ورد في البيان المشترك قال سموه: (إن جميع القضايا طرحت بكل صراحة بين القائدين وكانت المباحثات انسيابية ولم يسدها أي فترات انقطاع أو وجوم أو صمت فكان الانتقال من موضوع إلى موضوع آخر تلقائياً وعفوياً وكأنهما، وهذه الحقيقة، أصدقاء قدماء رأوا بعضهما، فكل واحد كان يحكي ما عنده للآخر ويتبادل الحديث بشكل تلقائي). وأضاف سموه: (إن بعض الموضوعات المطروحة في المباحثات استغرق بحثها وقتاً أطول لحاجتها إلى التحليل والتمحيص، خاصة الموضوعات التي تهم المنطقة والتعاون بين البلدين في هذا الإطار). ونقل سمو وزير الخارجية ما قاله فخامة الرئيس الأمريكي عن قضية الشرق الأوسط خلال الاجتماع: (إن هناك من يقول إن موقفه مؤيد لإسرائيل وضد الدول العربية وأن ذلك غير صحيح وأنه يسعى إلى السلام في الشرق الأوسط ويسعى إلى دولتين مستقلتين جارتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وهي الدولة الفلسطينية وإسرائيل وأنه في هذا الإطار سيكرس جهده وأنه إذا تم الانسحاب من غزة وبدأت تمارس الحكومة الفلسطينية سلطاتها سينتقل إلى الخطوة الثانية). وعلَّق سموه على ما قاله فخامة الرئيس الأمريكي بالقول: (إن كلام فخامة الرئيس يوحي أنه سيتبع الخطوة خطوة في حل القضية الفلسطينية فكلما تم اجتياز خطوة سيسعى للخطوة التي تليها وهو شيء جديد لما سمعناه من الحكومة الأمريكية سابقاً). وبيَّن سموه أن سمو ولي العهد أوضح خلال المباحثات أنه بالنسبة للسلام في الشرق الأوسط هناك خارطة الطريق وهناك المشروع العربي للسلام. وأضاف سمو الأمير سعود الفيصل: (إن الحديث بين الجانبين خلص إلى أنه حتى الأمور التي تم الاتفاق عليها لا يمكن أن تحصل في خطوة واحدة وقد يكون من المفيد عملياً السير خطوة، خطوة، لنرى بعد ذلك ما سيحدث في هذا الإطار). وعما إذا كانت المملكة طرحت أفكاراً جديدة بالنسبة للوضع في العراق قال سمو وزير الخارجية: (كان هناك بحث في موضوع العراق والمفترض أن يعالج الموضوع بدقة ولا يحصل هناك سرعة في الحكم على الأمور لأن الأمور لن تنضج إلا إذا اشتركت كل الطوائف في العملية السياسية وهو ما أكده سمو ولي العهد خلال الاجتماع). وأضاف سموه: (إن هذه النظرة كانت محل ترحيب من الجانب الأمريكي وكانوا مقدرين أن هذا الموضوع ذو أهمية بالغة في الفترة القادمة). ومضى سموه قائلاً: (إن الأمريكيين أكدوا من جديد أنهم لا يريدون إلا وحدة العراق واستقلاله وسيادة العراق في أراضيه ويأملون أن تنتهي المشاورات الحكومية إلى قيام حكومة قادرة على تدبير شؤون العراق وتجلب الفئات التي لم تشترك في العملية السياسية حتى الآن). وعن الإصلاحات التي تحدث في المملكة وما إذا كان هناك تفهم من الجانب الأمريكي لخصوصية المجتمع السعودي وغير ذلك أوضح سمو وزير الخارجية أنه لم يتم خلال الاجتماع البحث في الشؤون الداخلية للمملكة. وفال سموه في رده على سؤال عن دعم الاستثمار وما إذا كانت هناك آليات توضع فيها خصوصية للشركات الأمريكية التي تقدمت في السابق للاستثمار في مجال الغاز بالذات للعودة للمملكة: (إن الإصلاحات الاقتصادية التي حصلت في المملكة وشملت كل قطاعات الاقتصاد وليس قطاع الغاز فحسب واختزلت الإجراءات التي اتخذت لجلب الاستثمارات تشمل كل قطاعات الاقتصاد ولكن التركيز كان على الرغبة في أن يعود الدور الأمريكي إلى التوجه إلى الاستثمار بنفس النشاط ونفس الديناميكية كما كان في السابق). وفي رد سموه على سؤال عن كيفية التوفيق بين التزام المملكة بحصة محددة لإنتاج البترول والالتزام تجاه الطرف الأمريكي بزيادة معدل الإنتاج من 12.5 مليون برميل يومياً إلى 15 مليون برميل قال سموه: (إنه لم يتم التزام أمريكي سعودي في هذا المجال والالتزام الوحيد الذي ذكرته هو ما ذكره معالي وزير البترول والثروة المعدنية في خطط أرامكو المستقبلية بالنسبة لإنتاج البترول وهو ما أبلغت به الولايات المتحدة ولم يكن هناك نقاش حوله). وعن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وهل تم مناقشه هذا الموضوع خلال اجتماع سمو ولي العهد مع فخامة الرئيس الأمريكي قال سمو الأمير سعود الفيصل: (إن الموضوع تضمنه البيان المشترك ونوقش ونحن على قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى اتفاق وبقي بعض القضايا الفنية التي يراد معالجتها، أما القضايا السياسية وغيرها من القضايا المهمة والمنهجية فلم يبق منها شيء لم تتم معالجته). وأضاف سموه: (إن هناك لأول مرة حرصاً حقيقياً من الولايات المتحدة لإنهاء هذه المسألة بالسرعة المطلوبة). وفي رد سمو الأمير سعود الفيصل على سؤال عن مستوى أسعار البترول وما إذا كانت الإدارة الأمريكية طلبت من المملكة بذل جهود محددة لزيادة الإنتاج خلال المحادثات بالذات قال سموه: (إن سياسة المملكة معروفة من الأساس وهي أن تكون على مقدرة من التأثير على أسعار البترول، بحيث تحصل مصالح المستهلك والمنتج على حد سواء، والحكومة الأمريكية لم تطلب من المملكة أي شيء في هذا الإطار يختلف عن هذه السياسة بل شكرت باسم فخامة الرئيس الأمريكي المملكة على ما بذلته من جهود في هذا المضمار). ولفت سموه النظر إلى ما صرح به معالي وزير البترول والثروة المدنية مؤخراً من أن المملكة تستثمر في الإنتاج المستقبلي بما يكفل أن تبقى المملكة قادرة دائماً على أن تؤثر في أسعار البترول.. وقال سموه: (كان هناك تقدير لسياسة المملكة في هذا الإطار). وأجاب سموه على سؤال عن آلية عمل اللجنة السعودية الأمريكية التي تم الاتفاق على تشكيلها فأوضح أن اللجنة سيترأسها وزيرا الخارجية في البلدين وستعنى بالعلاقات برمتها انطلاقاً من الجوانب الإستراتيجية إلى الجوانب الأخرى التي تربط البلدين، مبيناً أن اللجنة ستجتمع مرة واحدة في السنة بالتناوب بين البلدين، وسيكون هناك فريق عمل للتحضير للاجتماع ومن ثم متابعة ما يتخذ من قرارات وتوصيات لتنفيذها. وعن زيادة عدد الطلبة السعوديين المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة وزيادة الأمريكيين الوافدين للمملكة للعمل والدراسة وهل سيتم منح التأشيرات دون معوقات، بيَّن سمو الأمير سعود الفيصل أن ما ورد في البيان المشترك حول الموضوع واضح وجلي، كما أنه بحث الاجتماع الذي تم أمس كما تم بحثه في مباحثات سابقة. وأضاف سموه: (إن سمو ولي العهد ونائب الرئيس الأمريكي أجريا يوم أمس الأول الأحد مباحثات مطولة كما كانت هناك مباحثات مطولة أمس بين سمو ولي العهد ووزيرة الخارجية الأمريكية خلال الرحلة من مدينة ديكو إلى مدينة كروفورد التي تقع فيها مزرعة فخامة الرئيس الأمريكي واستغرقت المباحثات خمساً وأربعين دقيقة وبحثت فيها موضوعات معينة كان من ضمنها الإجراءات المتخذة لإعادة الصلة بين الإنسان السعودي والإنسان الأمريكي إلى ما كانت عليه في السابق وإدخال برامج جديدة وإيفاد الطلبة من الجانبين للدراسة في البلدين). وأكد سمو وزير الخارجية أن هذه الأمور سيكون لها مردودها الإيجابي على العلاقات بين البلدين، وأنه إذا كانت هناك شائبة تشوب هذه العلاقات أكثر من أي شائبة أخرى فهي تأشيرات الدخول والطلبة والذين يبحثون عن العلاج ونحو ذلك. وعما إذا تم مناقشة موضوع لبنان خلال المباحثات أوضح سمو وزير الخارجية أنه تمت مناقشة القضية اللبنانية وأخذ البلدان علماً بانسحاب القوات السورية من لبنان وأعربا عن أملهما أن يؤدي هذا الانسحاب إلى وصول الحكومة الانتقالية وإلى وضع نظام الانتخابات الجديد وإقراره وبدء الانتخابات بأسرع ما يمكن. وعن تحديد سقف معين لعدد الطلاب الذين سيبتعثون للولايات المتحدة قال سموه: (لم يبحث سقف محدد لعدد الطلبة ولا أعتقد أنه كان من الممكن أن يبحث سقف محدد الآن). وعاد سموه للحديث عن المباحثات التي أجراها سمو ولي العهد مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس وهما في طريقهما من مدينه ديكو إلى مدينة كروفورد ووصفها سموه بأنها في غاية الأهمية إذ أبرزت وزيرة الخارجية الأمريكية رغبة حقيقية وحرصاً على تطوير العلاقات بين البلدين يعكس ما كان يقال أو يذكر في عدد من الصحف. وأضاف سموه: (إن حديث وزيرة الخارجية الأمريكية كان كله التزام وكله يراعي المصلحة المشتركة وينم عن دراية حقيقية بالأوضاع في المنطقة ودراية حقيقية بالعلاقات بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية والاحترام المتبادل الذي تتصف به هذه العلاقات). وعد سموه تلك المباحثات من أهم المباحثات التي أجرتها وزيرة أو وزير خارجية أمريكي مع سمو ولي العهد. وعن مدى انعكاس هذا التناغم بين الدولتين على الكونجرس الأمريكي أوضح سمو الأمير سعود الفيصل أن الاتصال بالكونجرس ضروري ولابد أنه سيجرى اتصال بالكونجرس في الوقت المناسب، مبيناً أنه إذا اتفقت الحكومتان فإنه يعد من أهم الخطوات في هذا الإطار حتى تكون روايتهم واحدة عندما يذهبون ليشرحوا مواقفهم وعندما يزور أعضاء الكونجرس المملكة فنكون مهيئين أيضاً بمواقف الحكومة الأمريكية في القضايا التي نتفق فيها معها. وعما تم بحثه من موضوعات تتعلق بمنطقة الخليج العربي بيَّن سمو وزير الخارجية أنه تم التطرق خلال المباحثات إلى العلاقات بين دول المنطقة وعلاقات دول الخليج وإيران. وعن زيارة سعد الدين الحريري للولايات المتحدة ولقائه مع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني أوضح سمو الأمير سعود الفيصل أن لقاء سعد الدين الحريري بنائب الرئيس الأمريكي تم بعد لقاء سمو ولي العهد مع نائب الرئيس الأمريكي ولم يتضح شيء عما دار في المباحثات بين تشيني والحريري إلا أن نائب الرئيس الأمريكي أوضح لسمو ولي العهد خلال المباحثات أن الإدارة الأمريكية ترحب بأن يحل سعد الدين الحريري محل والده كنائب عن بيروت. وفي رده على سؤال عن موضوع العلاقات السعودية الخليجية الأمريكية، خاصة ما يتعلق بالاتفاقيات الثنائية أوضح سمو الأمير سعود الفيصل أنه لم يتم طرح الموضوع خلال المباحثات وإنما كان التركيز على موضوع الانضمام إلى اتفاقية التجارة الحرة والاتفاقية التجارية الثنائية بين البلدين. وعن التجاوب الأمريكي الذي حدث خلال زيارة سمو ولي العهد وهل هو نتيجة لظروف المنطقة أو لمسببات سعودية قال سمو وزير الخارجية: (أنا لم أتعمق في تحليل هذا التحول الجيد ولكن طالما أن التحول حدث فهذا يعني أن هناك قناعة بأن المصالح المشتركة هي التي تحكم تغيير المواقف). وقال سموه: (إذا كان هناك تغيير في الموقف الأمريكي تجاه المملكة أو تغيير من أي دولة أخرى تجاه المملكة فإنه يعكس الاهتمام بالمصالح المشتركة بين هذه الدولة والمملكة وهو ما وصفته بأنه دفء العلاقة الذي لاحظناه بين البلدين في هذه الزيارة). وعن دعم الولايات المتحدة لمشروع إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تبنته المملكة قال سموه: (إن الولايات المتحدة كانت ضمن الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب وبالتالي أعضاء في البيان الذي صدر، وقد شكلت لجنة لدراسة الفكرة وعرضها على الدول المشاركة لتلقي وجهات نظرها فيه). وأكد سموه أن المعاملة التي لقيها سمو ولي العهد من فخامة الرئيس الأمريكي ومن نائبه ومن وزيرة الخارجية خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة يفوق الشيء الاعتيادي. وأضاف: (إن هذا دليل على المركز الذي تحتله المملكة في الساحة الدولية وعلى التقدير لهذا المركز في الولايات المتحدة الأمريكية ولعلاقتها مع المملكة التي تمتد لستين عاماً). وبيَّن سموه أن سمو ولي العهد وجه دعوة إلى فخامة الرئيس جورج دبليو بوش رئيس الولايات المتحدة لزيارة المملكة وقبلها فخامته وسيحدد موعدها في وقت لاحق، كما سيقوم دولة نائب الرئيس الأمريكي وأيضاً وزيرة الخارجية بزيارة للمملكة إلى جانب الزيارات المتبادلة بين الوزراء والمسؤولين في البلدين الصديقين.
|