اطلعت في جريدة (الجزيرة) الصادرة في يوم الجمعة 29 صفر 1426هـ العدد 11880 في (عزيزتي الجزيرة) في مقال بعنوان (فضل الرجال على النساء) للأخ عبدالرحمن الدغيشم.. فيا أخ عبدالرحمن.. الله سبحانه خلق الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما صفات وخصائص تتغاير عن الآخر وتنسجم فسيولوجياً مع بنيته الجسمية.. وقد ذكرت في مقالك حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (رفقاً بالقوارير..) وتقول: سُمِّين بذلك لضعف عزائمهن.. وأقول لك: هذا هو معنى ظاهري لها.. والمعنى الباطني أو الآخر.. سميت بالقارورة لرقة نفس وإحساس ذاك الجسد الأنثوي.. وقد خلقها كذلك لأمر ما وحكمة بالغة.. وقوة الأنثى في أنوثتها.. وفي ذكرك فضائل الرجال.. سأذكر لك فضائل النساء.. قوله تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ) وهنا قدم الإناث على الذكور، وأن من يُمن المرأة وبركتها وحسن طالعها ان تبكِّر بأنثى. وما حدث في قصة الخضر وموسى عليهما السلام. قال تعالى: )فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ( قال كثير من المفسرين: إن الله أبدلهما من هذا الغلام أنثى وجاء، فضل الأنثى في هذه الآية رداً لابن القيم لأهل الجاهلية باعتقادهم. قال تعالى: )وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ( قال بعض المفسرين في (درجة) أي المقصود الانفاق عليها.. يعطي المهر، وينفق حتى ولو كانت غنية فهنا يتبين لنا الفضل.. وفي قولك: وقد جاءت الشريعة بالتفضيل وذكرت الميراث والعقيقة والشهادة والدية.. أنا لا أعترض على الشريعة في مقالي هذا، ولكن الشريعة جاءت بإكراميات للمرأة على الرجل قد يجهلها الكثير.. ومنها الميراث. وفي ذكرك بالتفضيل ما جاء في الكتاب والسنة من تفضيل الرجال على النساء هذا شرع الله جل جلاله وله فيه شؤون وحِكَم.. فقط سأقف عند قضية الميراث فضلك الله عليها بالمال لأنها لا تحتاجه هي مثل ما أنت تحتاجه من الإنفاق عليها، أي ان مالك راجع اليها، وهي لها مال تدخره لنفسها لا تملك بأي مسوغ شرعي أخذه دون رضاها.. وهنا تفضيل وإكرام.. أخي.. وقوله تعالى: )وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ( ضرب الله امرأة مثلا للمؤمنين جميعاً ليقتدوا بها.. وهي امرأة.. هنا إعلاء لشأن المرأة، وقد أعلاه الله، وأنا أراك تنزل من شأنها، بعدما أعزها الله في ذكرك لقول الشاعر:
إذا رمتها كانت فراشاً يقلني وعند فراغي خادم يتملقُ |
كيف تذكر هذا البيت وتنسى كثيرا من آيات الله في قرآنه الكريم. وأما في ذكرك لحديثه عليه الصلاة والسلام: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من أحداكن) فيا أخ: لو أنك أبعدت الفهم الظاهري لفهمته وهو ان ناقصات عقل أي أنه تطغى العاطفة على التفكير او رأي العقل وناقصات دين أي أن إحداكن تحيض ولا تدخل المسجد الحرام او تطوف به.. وأذهب للب الرجل الحازم. فهذا المقام هو مقام مديح وثناء وفيه صفات من أبرز قوة الأنثى مع ما تتصف به من رقة الجسد والنفس على اضاعة لب الرجل الحازم القوي. وفي ذكرك من الفضائل بأنها لا تسافر إلا بمحرم.. فشُرع ذلك لصيانة المرأة من ضعفاء القلوب والعقول. وليتحمل الرجل أعباء السفر ويذود عنها فهي هنا هي المفضلة فكأنها كانت أميرة في موكبها تحفها حاشيتها وحرسها فمن المفضل هنا؟! وفي ذكرك الفضائل أن الرجال عليهم الجهاد وحماية البلاد.. هذا صحيح ولم تأتِ بشيء جديد، ولكني سآتيك بما هو جديد وغاب عن ذهنك وهو أنها هي من أنجب هؤلاء الحماة بمشيئة الله سبحانه..
يفعلن أفعال الرجال لواهيا عن واجبات نواعس الأحداق |
حافظ إبراهيم وأيضاً لم يقتصر دور المرأة في إنجاب الأبطال.. فها هي تخوض غمار الحروب ومنذ عهده -صلى الله عليه وسلم- فقد برز صحابيات ثبتن وقت ضرب الرقاب؛ فها هي صفية تقتل سبعة من المشركين بعمود خيمة حينما رفض حسان بن ثابت -رضي الله عنه- قتلهم وسلبهم. ونسيبة ايضاً فكانت في بداية معركة أحد كغيرها من النساء تداوي الجرحى ولما وقعت مخالفة الرماة له -صلى الله عليه وسلم- فتقدمت نسيبة واستلت سيفها وكانت تحمي الرسول الكريم، فقال عنها -صلى الله عليه وسلم-: (ما التفت يميناً ولا يساراً إلا وأنا آراها تقاتل دوني) وفي هذا الباب الكثير والكثير، ولكن المقام ليس مقاماً لذكر الشامل. أما في ذكرك من التفضيل عليها، البنية الجسمية وسرعة الانكسار والتعب فهنا تتجلى أية الله فقد خلقها رقيقة الجسد والروح وفي النقيض ذاته الحمل والولادة حيث انها تحتمل آلاماً لا تطاق ولا يحتملها الرجل.. فمن تموت في هذا الوضع فهي شهيدة، وهذه كرامة منه سبحانه، قال عليه الصلاة والسلام (القتل في سبيل الله شهادة، والنفاس شهادة.. الخ) هذا ما قاله الطبراني في الأوسط، وحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- انه عليه الصلاة والسلام عاد عبدالله بن رواحة فقال: افتدرون من هم شهداء أُمتي، قالوا: قتل المسلم شهادة. قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل: قتل المسلم شهادة، الطاعون شهادة، المرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة، اي يجرها الى الجنة، أخرجه احمد واسناده صحيح، والشوكة التي شاكها المؤمن له فيها أجر فكيف بألم يجرها احياناً الى الموت، وهنا الفرق حيث إن الرجل يضعه شهوة والمرأة تضعه ألماً وكرهاً. ولا أنسى أن ما يعتريها من حمل وولادة ونفاس على حد قولك هو لتنجبك . وأما في ذكر الحيض فسأخبرك بأن الفتاة اليانعة تحتمل الآلام المحيض ومنذ ال9 او ال13 بهدف تغذية الجنين الذي شرع الله الحيض لهذا السبب فهل تظن انه راحة كما يتبادر الى اذهان الكثير بل هو توتر نفسي وألم قابض عسير على النفس. فهي هنا تعاني منذ سنوات مبكرة من عمرها لأجل طفل ربما لن يأتي إلا بعد سنوات عدة فعندما تنجبه تجده يعيرها بالحمل والإنجاب ؟! وأي منطق هذا يا تُرى؟!! فعندما قرأت قولك (والمرأة يعتريها الحيض والحمل والولادة والنفاس والرجل بعيد عن هذا كله، فكأنك استقذرت هذا الشيء.. وهل نحن من صنعناه لأنفسنا وهل أنت المتفضل على نفسك كيف تستقذرنا وتعايرنا بشيء لم نخلقه نحن بل من خلقك وخلقنا.. كيف تستقذر ما شرعه الله وخلقه؟!وبعد قرأتي لجملتك هذه فقد تبادر الى ذهني ما قرأته عن عادات اليهود حيث ان من تحيض لا تجلس الى الطعام معهم، ولا تطبخ الطعام او تلمسه ولا تجلس معهم في حديثهم وسمرهم، وايضا لكل واحد منهم شالاً لا تلمسه المرأة او تقرب منه لأنها في عرفهم نجسة.. مع احترامي وتقديري الشديد أرى شبهاً كبيراً في المضمون من استقذارك !!! ولكن ما يثير اهتمامي انك مسلم والاسلام جاء بتكريمها واعلاء شأنها ولم يحمل عليك ان تستقذرها او تعايرها بما شرع الله لها. ولا أنسى نقطة مهمة يجب ان نقف عندها وهي تحريم زواج المسلمة من الكافر لأنها بطبيعتها كما ذكرت آنفاً تنساق وراء عاطفتها.. ومن هنا نستنتج ان المرأة يؤثر بها الرجل فمن صلح حاله فهي صالحة بإذن الله. ومن فسد...لا أقول: كلهم، بل إلا من رحمه ربي.. السؤال ألا ترى كثرة فساد نساء زماننا هذا... أليس راجع الى من هي تحت ولايته؟! إذن فأنت بدأت تُسهب في ذكر فضائلك ونسيت مآخذك، ونسيت أن الرجل لم يعد كما كان واكرر زماننا هذا فقط استثني منه زمن رسول الله والصحابة والتابعين والأئمة من السلف الصالح ومن هم صالحون في زماننا بهذا.. (وهذا العيب إنما هو مكتسب وليس صفة خلقية خلقوا بها) وفي إيرادك لصفات النساء والتنقص منهن.. أنسيت أنك تنتقص بأول من آمن به -صلى الله عليه وسلم- خديجة رضي الله عنها وتتنقص من أمهات المؤمنين والصحابيات وأمك، وزوجتك، واختك، وابنتك. وقولك: رحم الله من أنصف نفسه ورضي بما قسم الله له. أقول: الله قسم لنا.. إنما أنت تعيب هذه القسمة، تذكَّر أن كل حرف تخطه يداك انما هو مدلول عليك؛ فاجعل من حروفك سُلماً الى التأمل واحترام الطرف الآخر. والامعان في خلق الله، وإن من خلقك خلقها، ومن كونك كونها.. فكيف تجور في هذه القسمة وتعيب في هذه الخلقة والتكوين؟! أنسيت قول الله تعالى: )لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(أنسيت أنها إنسان. في مقالك هذا جعلتها وكأنها جسد بلا إحساس، ونسيت أنها هي النفس الدافئ الذي تركن اليه.. نسيت ان لديها قلباً حياً وإحساساً وعطاء؟! نسيت انه -صلى الله عليه وسلم- حبّب إليه الطيب والنساء.. نسيت انهن شقائق الرجال، لهن مثل ما عليهن من المعروف. حيث قال ابن عباس رضي الله عنه: لا أحب أن أستوعب كل حقي الذي لي عليها لأنها تستوجب حقها الذي لها علي. فالأمر هو تنازل وليس ديكتاتورية. أنسيت كل هذا أم أنك لا تعرفه أم أنه لا يهمك أم تناسيته؟!! أنا اكتب هذا ولسان حالي يقول:
رومونا برشق ثم إن سيوفنا وردن فأبطرن القبيل التراميا |
مما يثير استغرابي أني لم اجد أحدا يرد.. ولو حتى بسطر.. لم أكن أنوي كتابة هذا إلا عندما رأيت الموضوع لا يهتم به أحد، فقلت: أنا له.
ان لم تصُن تلك اللحوم أسُودُها أُكِلت بلا عوضٍ ولا أثمانِ |
عنود الودعاني/القصيم |