Tuesday 26th April,200511898العددالثلاثاء 17 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

القمة السعودية الأمريكية بين الواقع والطموحالقمة السعودية الأمريكية بين الواقع والطموح

  * القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور - علي البلهاسي:
للقمة السعودية الأمريكية بين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، والرئيس الأمريكي بوش الابن أهميتها الكبرى لكثير من القضايا التي تعيشها المنطقة خاصة بعدما أسفرت القمة السعودية الفرنسية التي عقدت مؤخراً في باريس عن خطوات ملموسة لعبت دوراً محسوساً في اطفاء لهيب النار التي اشتعلت في لبنان منذ وفاة الحريري وتأتي القمة السعودية الأمريكية بعد أشهر طويلة مضت ذابت فيها العديد من المفاهيم الخاطئة والملتبسه وبدأت صفحة جديدة لتتواصل العلاقات بتميزها وتكافؤها ويحمل فيها ولي العهد هموم العالمين العربي والإسلامي وقضاياه والبحث على حلول جذرية لمشاكله حول القضايا محل البحث ومستقبل العلاقات والثمار المرجو انعاكسها على مجمل الأوضاع العربية من القمة السعودية الأمريكية. التقت الجزيرة نخبة من المحللين والمفكرين السياسيين وخبراء الاستراتيجية..
أرضية صلبة
يقول الدكتور أحمد يوسف عميد معهد الدراسات العربية: إذا نظرنا إلى الأجواء التي تتم خلالها هذه الزيارة نجد أن ولي العهد السعودي سيتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو يقف على أرض صلبة بعد الانتصارات التي حققتها قوات الأمن السعودية وآخرها انتصار الرس في منطقة القصيم وما سبقها ضد الجماعات الإرهابية التي وجهت نشاطاتها داخل المملكة بعد أحداث 11 سبتمبر.
ومن المؤكد أن الأمير عبدالله سيعيد ما نبهت إليه الرياض واشنطن من أن الإرهاب لا جنسية له ولا وطن ولا دين، وأن العالم كله في حرب ضده ومن الطبيعى أن يتم بحث هذه الأمور بصورة أكثر وضوحا وشفافية حتى يتم إيقاف العديد من الجبهات التي تحاول هدم العلاقات بين البلدين التي بنيت منذ أكثر من خمسين عاما فمنذ وقوع هجمات 11 سبتمبر تعالت الأحداث في الإدارة الأمريكية والأوساط الحزبية ووسائل الإعلام الأمريكية المغرضة التي تريد تدمير العلاقات التاريخية الاستراتيجية بالدعوة إلى تغيير المناهج الدينية في المعاهد والمدارس الدينية، والتحريض من جهات أخرى أن المملكة ترعى الإرهاب، كما حاول البعض وضع خطط للتفريق بين الشعب السعودي.
لكن الرد السعودي على هذه المواقف كان حاسما حين جاء الرد العملي من الأمير عبدالله ولي العهد من خلال حوارات جادة مخلصة بين أبناء العقيدة الواحدة وهذا ما تبدى في الحوار الوطني الذي أسفر عن نتائج كبيرة بفضل المصارحات والآراء التي كشفت الكثير وحققت الكثير أيضا، كما شهدت المدن والمناطق السعودية سلسلة من الانتخابات البلدية والوعود المؤكدة بدور قريب للمرأة وتنمية المناهج الدراسية وإعادة تقويمها والحوارات المستمرة بين القيادات والقطاعات الشعبية في السعودية تجعل الأمر أكثر قوة في مواجهة أي مشروعات خارجية بتنفيذ إصلاحات سياسية في دول الشرق الأوسط حيث كان الرد السعودي دائما ومتكررا هو أن أي إصلاح مفروض من الخارج مرفوض.
فالإصلاح الحقيقى هو الذي يأتي من الداخل بما يراعى خصوصية المجتمع السعودي هذه المواقف السعودية التي تترجم حاليا على الأرض داخل المملكة ما هي إلا رسالة واضحة سبقت القمة الأمريكية السعودية حتى تدرك الإدارة الأمريكية مدى جدية المملكة في تنفيذ الخطوات التي تتماشي في طرق الإصلاح والتطوير والتحديث دون أية ضغوطات وتدخلات خارجية.
تواصل المسيرة
ويضيف الخبير الاستراتيجي اللواء زكريا حسين عميد أكاديمية ناصر الأسبق أنه من أهم القضايا التي سيتم مناقشتها في القمة الأمريكية السعودية، قضية مصير عملية السلام الذي بدأ يترنح بل ويتآكل بفعل المشاكل اليومية التي يفتعلها شارون من تأجيل الانسحاب من غزة والمستعمرات المقامة في الضفة الغربية تحت ذرائع واهية، وحجج كاذبة لمحاولاته زرع مستعمرات جديدة داخل القدس المحتلة، رغم التزام شارون للرئيس بوش قبل أيام بتعهداته بخريطة الطريق، وبعد تحذير الرئيس بوش له من أن بناء المساكن والتوسع الاستعماري بالضفة هو انتهاك لالتزامات إسرائيل تجاه خريطة الطريق.
هذا عدا محاولات شارون المستمرة في إفشال مهام أبي مازن بل والعمل على إسقاطه كما فعل مرة سابقة رغم أن أبا مازن قد نجح في تحقيق تهدئة شبه كاملة امتنعت معها أعمال العنف وتوقفت العمليات الاستشهادية داخل الأراضي الفلسطينية، وأعاد الانضباط وأنهى الفوضى في كل من رام الله وطولكرم بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منها ومن المؤكد أن القمة الأمريكية السعودية المرتقبة ستكون فرصة طيبة لمواصلة ولي العهد السعودي جهود بلاده للضغط على واشنطن لكي تبدي مزيدا من التوازن والموضوعية في سعيها حتى يكون لها دور أكبر لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام الشامل في المنطقة. كما سيكون اللقاء الذي سيتم في مزرعة الرئيس الأمريكي فرصة سانحة أيضا لولي العهد السعودي لمعاودة تذكير الرئيس الأمريكي بمبادرة السلام السعودية التي وافق عليها القادة العرب في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بيروت، وفرصة أيضا لتذكيره بتحقيق وعوده التي قطعها على نفسه في بداية ولايته الثانية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
مواقف ثابتة
ويقول الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق: إن العلاقات الأمريكية السعودية تمتد لأكثر من ستين عاما وظلت منذ ذلك الحين على درجة عالية من الاستقرار والثبات والحميمية باستثناء بعض الازمات الطارئة التي كانت تقع في المنطقة نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي والانحياز الأمريكي التقليدي لجانب إسرائيل والتى سرعان ما كانت تزول لتعود العلاقات الطبيعية إلا ان هذه العلاقات لم تستطع الوقوف أمام الهزة العنيفة التي أصابتها عقب وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي كانت سببًا في توتر العلاقات بين البلدين منذ ذلك التوقيت وحتى وقت قريب، وأكد الأشعل أن هناك جهات عدة استغلت هذه الأحداث لإشعال فتيل التوتر في العلاقات بين البلدين مستغلة المناخ السيئ الذي خلفته احداث 11 سبتمبر وتنامي مشاعر الكراهية في أمريكا ضد العرب والمسلمين خاصة المملكة وعلى رأس هذه الجهات كانت إسرائيل حيث تبنى الإعلام الأمريكي الادعاءات المغرضة التي ترددها إسرائيل ومجموعات الضغط اليهودية في أمريكا حول الدول العربية التي تربطها علاقات حسنة مع الولايات المتحدة وبخاصة السعودية بهدف تخريب تلك العلاقات والاساءة لها وخلال الزيارة السابقة التي قام بها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لأمريكا قبل نحو ثلاث سنوات قامت إسرائيل بنشر وثائق تدعي فيها ان السعوديين يرعون ما تسميه الارهاب الفلسطيني وانهم يقدمون الدعم المالي والمعنوي لأسر الشهداء الذين ينفذون عمليات استشهادية ضد إسرائيل وحين أعلنت السعودية عن تخصيص اعانات مالية لعائلات الضحايا الفلسطينيين تم تفسير ذلك على انه تشجيع مادى ومعنوي صريح لما سموه بالإرهاب الفلسطيني ودرجت إسرائيل عبر وسائل الإعلام الأمريكية على القول بأن السعودية ومصر لم تبذلا من الجهد ما يكفي لإقناع الفلسطينيين بقبول المطالب الإسرائيلية بوقف الانتفاضة ومن المعروف ان القيادة السعودية ساندت انتفاضة الاقصى منذ لحظة ميلادها وقد سبق أن رفض الأمير عبدالله الدعوة التي وجهت له لزيارة أمريكا بسبب عدم اهتمام الادارة الأمريكية بمتابعة علمية السلام ومساندتها على طول الخط الإسرائيلي ولعل هذا هو السبب الرئيسي في التوتر الدائم في العلاقات بين البلدين بسبب تباين موقفهما من الصراع العربي الإسرائيلي حتى ان انتهاء هذا التوتر وعودة العلاقات إلى سابق عهدها اصبح مرهونا بالتوصل إلى تسوية عادلة لهذا الصراع. وأشار الاشعل إلى ان السياسة التي انتهجتها الولايات المتحدة بعد احداث 11 سبتمبر تحولت في اتجاه التخلي عن الالتزمات والعهود والاتفاقات السابقة التي كانت تنظم علاقاتها بالدول التي تعتبرها صديقة في المنطقة ومنها السعودية إذا لم تتجاوب هذه الدول مع متطلبات سياساتها الجديدة ولاشك ان المملكة ودول المنطقة لن تقبل بهذه السياسة واغلب الظن ان العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة ودول المنطقة الأخرى لن تتجاوز مرحلة التوتر ما لم تتخل أمريكا عن انحيازها السافر لإسرائيل وما لم تتوقف عن تهديداتها غير المبررة للدول العربية والإسلامية وما لم تتخل عن مخططاتها في السيطرة على مقدرات هذه الدول.
رغبة في الحوار
ويقول د. السيد عليوة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن القمة السعودية الأمريكية في تكساس هذه المرة تعتبر قمة مختلفة ان لم تكن اهم قمة عربية أمريكية على الاطلاق خاصة وانها تأتي بعد سنوات من الشد والجذب بين الولايات المتحدة ودول المنطقة العربية خاصة المملكة العربية السعودية منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر.
وأكد عليوة ان العلاقات القوية التي ربطت بين المملكة وأمريكا قامت على أكتاف صفوة رجال السياسة والاقتصاد وبالرغم من إدانة القادة السعوديين لحادث الحادى عشر من سبتمبر إلا ان هذا لم يمنع الحملات الإعلامية المغرضة ضد السعودية وعلى الجانب الآخر ساعد الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل على تنامي مشاعر العداء لأمريكا ليس في السعودية وحدها ولكن في المنطقة العربية كلها وزاد هذا العداء بعد حروب أمريكا في أفغانستان والعراق.
وأشار عليوة إلى انه رغم هذا التوتر في العلاقات إلا أن قيادات البلدين حرصوا على الحفاظ على ثوابت العلاقة بينهما على اعتبار ان الولايات المتحدة والسعودية لا غنى لأي منهما عن الآخر وكلاهما في حاجة ماسة لمساندة الآخر وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها أو تغييرها سواء رضي الأمريكيون أم لم يرضوا ولذلك فقد تجاهلت ادارة الرئيس الأمريكي بوش الابن الحملات الإعلامية الأمريكية الهدامة ضد المملكة وحرصت على فتح قنوات اتصال مع الجانب السعودي للحفاظ على العلاقات بين البلدين ورغم ان هذه العلاقات قد يشوبها من حين إلى آخر شيء من التوتر إلا ان الولايات المتحدة تدرك جيدا انها لابد ان تتعامل مع مصالحها في الشرق الاوسط بشيء من الوعي ولا تستطيع في هذا الإطار ان تغفل أبدا من حساباتها الدور الرئيسي والمحوري الذي تلعبه السعودية ليس فقط على الخريطة العالمية للبترول بل وعلى الصعيد العربي والإسلامي أيضا ولاشك ان هناك احتراماً كاملاً على المستوى القيادي في البلدين لسيادة كل منهما وكذلك رغبة مشتركة في استكمال حوار التعاون بينهما وهذا ما أكدت عليه قمة سمو ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي في تكساس.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved