Tuesday 26th April,200511898العددالثلاثاء 17 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الأزمنةالأزمنة
المشوار الوظيفي (6)
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس

تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن بعض ما بقي في ذاكرتي من أعمال (الإدارة العامة للثقافة والنشر العلمي) بجامعة الإمام محمد بن سعود.. والأعمال التي أُضيفت إليها..وأحب اليوم أن أتحدث عن نقاط مما لا يزال بصيص منها في الذاكرة.
* * *
مؤتمر القرن الخامس عشر (الموءود)!
جمع الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي مدير الجامعة كبار المسؤولين فيها قبل نهاية (القرن الرابع عشر الهجري).
وطرح على المجتمعين (فكرة) تبنِّي الجامعة الاضطلاع بإقامة احتفال كبير.. ليس على مستوى المملكة العربية السعودية فحسب؛ بل على مستوى العالم العربي والإسلامي بحلول (القرن الخامس عشر الهجري).
ولقيت هذه الفكرة تأييداً وقبولاً من جميع الحاضرين. وعلى أثر ذلك شكلت (لجنة عليا) انبثقت عنها (أمانة عامة للمؤتمر) شرفوني برئاستها ومَاَ إنْ تشكلت الأمانة، وتحدد العاملون فيها.. حتى تجسدت الفكرة مشروعاً ذا رؤية واضحة تسير بوتيرة جادة وعزيمة غير واهنة.
وكان أول عمل رئيس في هذا المجال كتابة مئات الخطابات إلى العلماء، والدعاة، والمثقفين، الذين وقع عليهم الاختيار بالدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر من داخل المملكة العربية السعودية ومن خارجها. وخطابات الدعوة هذه بتوقيع مدير الجامعة حيث طلبنا من كثير منهم المشاركة بدراسات وبحوث تتعلق بالمناسبة. وأخذنا نطوي ليلنا بنهارنا في الإعداد لهذا الاحتفال الكبير.
ومضت بنا نشوة الفرح والابتهاج لمعايشتنا نصف القرن الذي يوشك على الانصراف.. وما الله به عليم في القرن الجديد. وبدأنا نتلقى البحوث والدراسات التي طلبناها من بعض المدعوين.
كان من أوائل المستجيبين للدعوة والمشاركة.. فضيلة الشيخ الدكتور محمد الغزالي.. من مصر - رحمه الله - الذي أرسل إلينا بحثاً جيداً يريد المشاركة به في الاحتفال.. وكتب معه خطاباً يقول فيه: (أبعث لكم ببحثي هذا.. فإما أن تقبلوه كما هو وإما أن تعيدوه إليَّ.. لكني لا أسمح لكم بإدخال أي تعديل أو تغيير فيه) الخ. وهذا البحث يقارب (200 صفحة) ووصلت بحوث ودراسات كثيرة.. والإعداد للتسارع على قدم وساق.. ولكن..!! وفي غمضة عين.. وبمفاجأة محزنة.. جرى لهذا المؤتمر ما ليس في الحسبان.. قالوا لنا: (لقد أُلغي الاحتفال)! طُويت صحفه.. وجفت أقلامه..!! لا ندري حتى الآن لماذا أُلغي..؟ وما هي الجهة التي سعت في إلغائه..؟! هل أُلغي باسم (البدعة)؟ أظن أنه لا دخل للشأن الديني في إقامة مؤتمر تجتمع فيه جمهرة من علماء المسلمين؛ ودعاتهم، ومثقفيهم؛ بمراجعة ما هم عليه.. وبحث ما يجب أن يجددوا به حياتهم الإسلامية.. في جانبيها: الديني.. والدنيوي. أم ألغي لحساسية قومية أو مذهبية..؟ لا ندري.. الله أعلم.
أُصِبْنا بإحباط لايزال بعضنا يتلمظ مرارته.. لأننا كنا نأمل من ذلك المؤتمر الجديد في مضامينه؛ أن يكون شرارة انطلاق لإيقاظ سُبات الأمة العربية والإسلامية.. ورافداً من روافد تحريك جمودها وضعفها الذي أطمع فيها أعداءها.. والمتربصين بها من اليهود والصليبيين.. ومن على شاكلتهم.! (وُئد) المؤتمر دون أن يقال أو ينشر شيء عن أسباب وأده. بعد أن تفاعل معه الاعلام.. وتحدث عنه الإعلام. فلله الأمرُ مِنْ قَبْلُ ومِنْ بعد!!
* * *
رحيل القرون
بين اللحظات الأخيرة من حياة القرن الرابع عشر.. والأولى من ولادة القرن الخامس عشر.. شعرتُ بإحساس غريب أمام نهر الحياة الجاري بسرعة الخيال.. متأملاً في الزمان أين تَنْداح ملايين سنينه..؟ وأين تختفي..؟ فكانت هذه القصيدة التأملية وليدة اللحظة الفاصلة بين القرن الراحل والقرن الحالّ:
* * *


تَرَحّلْتَ لا داراً تريد ولا أهلاً
ولا غاية تنتهي سُراك ولا سبلا
ترحلت لا يدري مصيرك ذو النهى
ولا عالم الإنسان يدري به أصلا
ومثلك آلاف القرون تكسرت
مُضيَّا على هام الوجود بها قبلا
فيا أنت يا هذا الزمان أنرْ لنا
سُراك من الآزال وانشر لنا فصلا
لعل به ندري من الكون نَزْرَهُ
فنزع من كشف الظنون به حقلا

* * *


فيستمطر الفكر الجديب سحائباً
ويعشوشب الفكر الخصيب ويزهر
لعل به الأفهام تدرك دَرْبها
إلى بعض أسرار الوجود فتظهر
فإنك لغز يا زمان على المدى
فهل للنهى في حل لغزك معبر؟
تجادلني نفسي لأبحث غامضاً
بأسرار ما تحت السجوف فيسفر
فقلت: تعالى الله عالم ما اختفى
بأطواء هذا الكون.. والله أكبر

* * *


وما أنا من يبغي الضلالة منفذاً
ولكنني أبغي إلى السر منفذا
وأعلم أني لن أنال؛ كعادتي
وعادة أبناء الحياة؛ سوى القذا
فما ضلل الأقوام إلا تفلسف
يروم سوى المنظور عمداً فيُحتذا
ألا إن أسرار الوجود خبيئة
وما أدرك الانسان منها سوى الشذا
فيا رب فاملأ باليقين بصيرتي
وللحق فاجعلني نصيراً منفذا

* * *


ألا أيها (القرن) الذي قد ترحلتْ
ركابك عن دنيا الوجود بإرتال
وغادرت أفياء الحياة وشمسها
وخلّفت (أحداثا) تعيش لأجيال
وأتْخمت من زيف الحياة وقبحها
وعاشرتَ في حسنائها ذات خلخال
أمِطْ عنك هذا الصمت يوماً وقل لنا
بأي مدارٍ تلتقي راحة البال؟!
بأي مدار تلتقي الشمس والهوى
وروحك في المجهول مَبْعثُ تسآل..؟(1)
(1) ديوان الشاعر (في زورقي) ص279

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved