قرأت خبراً يعد فاجعة وكارثة إنسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وربما أكبر من ذلك بكثير وفي الحقيقة قد وقفت عاجزاً أنا وقلمي هذه المرة بماذا أصف تلك المأساة التي راح ضحيتها طفل لم يبلغ العامين بعد كان ذلك الخبر منشوراً في عدد الجزيرة 11893 ليوم الخميس الموافق 12 من ربيع الأول 1426هـ، ويقول الخبر الحزين (قتل طفل ورمي جثته في البيارة والعثور على أخته ذات الثمانية عشر يوماً ملطخة بالدماء)، وقد حدث ذلك الجرم العظيم في إحدى قرى منطقة جازان.. نعم هذا هو الخبر المفجع والمبكي.. نعم فقد قتلت البراءة والطهارة والصفاء والنقاء.. قتلت الطفولة الندية وذبح المستقبل المشرق من الوريد إلى الوريد دون رحمةٍ أو شفقةٍ أو إنسانيةٍ أو حتى رادع من دينٍ في المقام الأول.. أي قلبٍ أسود يحمله ذلك القاتل وأي يدٍ ملطخة بالدماء سيقابل بها رب العالمين، وأي مشاعر حاقدة تتملك ذلك الآثم؟ لماذا تُقتل الطفولة بهذه البشاعة وهي في المهد؟ وأي سببٍ في الدنيا يجعلنا نقتل الورود قبل أن تتفتح؟ وأي مبررٍ يجعلنا نوقف القلوب الغضة النابضة بالحياة؟ وأي ثأرٍ قديم يدعونا أن نمثّل بجثة طفل لا حول له ولا قوة ولا ذنب له؟ ويا تُرى لماذا حدث هذا؟ هل هو ثأر قديم أم عداء مستحكم أم حقد دفين في قلوب سوداء مظلمة؟ لا اعتقد أبداً بأن الطفل والطفلة هما المقصودان بهذه الجريمة النكراء التي يقشعر لها البدن وترتجف لها الأطراف وتدمع لها العين دماً بدل الدموع - ولكن لن يذهب دم الطفل حمود هدراً وبدون عقاب دنيوي وأخروي ولن تهدأ الحال حتى يُقبض على ذلك المجرم وينال عقابه المستحق - لا عليكِ يا أم حمود لا تجزعي واصبري وتصبري فالله معك وسيعوضك خيراً.. لا عليكِ يا أم حمود لن يتركك المولى سبحانه.. وجميعنا معك ومصابك مصابنا جميعاً ومصيبتك مصيبتنا كلنا.. ارفعي رأسك حتى يطاول عنان السماء ولا تبكي أبداً فمثلك لا يبكي لأن حمود طفلك الصغير سيكون بإذن الله شفيعاً لك يوم لا ينفع مال ولا بنون.. وسيجمعك الله به في مستقر رحمته بإذنه تعالى - وأعتقدُ يا أم حمود بأنك قد دفعت ثمن فاتورة لعب بها الكبار؟! رحمك الله يا حمود وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان - وشفى الله أختك وعافاها وأقرّ بها أعين والديها.. اللهم رحماك واللهم اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها.. والله المستعان وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي إخصائي اجتماعي /الرياض 11768 ص.ب 155546
|