أثار عدد من الكتاب موضوع (تأخر ترقية الموظفين) وأن النظام الخاص بترقية الموظفين في نظري يعتبر من الأنظمة التي تحتاج إلى إعادة نظر، وذلك لما لمسته من توقف أعداد كبيرة في أغلب الدوائر الحكومية من الحصول على العلاوة السنوية بل وتجميدهم في وظائفهم سنوات عديدة والمبرّر القريب من التناول (عدم توافر وظائف) وهو تفسير لا يؤدي إلى نتيجة، وهذا المبرر يطرح التساؤل التالي: ما البديل أو الحل لإنهاء هذه المشكلة التي ستتراكم في السنوات المقبلة أضعاف أضعاف ما كانت عليه منذ أكثر من عشرين عاماً؟! إن وجود حالات التكدس هذه في أعداد الموظفين المجمدين على مراتبهم يستدعي النظر في أنظمة الخدمة المدنية وخاصة ما يتعلق بإجراءات الترقية والسلم الوظيفي للموظفين، ومن المعروف أن إحداث الوظائف والمناصب الإدارية يتطلب إحداث أجهزة وإدارات جديدة وهو ما تقلص في عصرنا الحاضر بسبب التطور التقني والعجز المادي. ومما يقابله في الطرف الآخر زيادة عدد الخريجين طالبي الوظيفة الحكومية، وقد تزامنت هذه الفترة مع انتهاء الطفرة الاقتصادية حيث بقي السلم الوظيفي عاجزاً عن إرضاء الجميع وهو ما أحدث التحول الرهيب حيث زاد عدد الموظفين ذوي المؤهلات العليا والجامعية على مراتب هذا السلم، وأصبح حلمهم أن تتوافر وظيفة شاغرة ليترقى عليها وقد وصل الحال في إحدى الدوائر إلى أن تقدم للترقية 300 موظف على عشر مراتب أي بواقع 30 على كل مرتبة، وكأني بحال البعض يقول: ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد. ومن المسلمات التي يجب أن نعرفها أن ما أصاب المرء فإنه صائر بأمر الله لا محالة وأن العدل المطلق صفة لله وحده ولا يمكن أن يتصف بها أحد من البشر، كما أن الفرص والحظوظ متفاوتة ولا يمكن أن يكون الهرم أعلاه وقاعدته واحدة فالمرتبة الخامسة عشرة قد تكون لشخص من 30 شخصاً، ولا يمكن لجميع الأشخاص الوصول إليها وإلا أصبحت القطاعات الحكومية في وضع مقلوب، وكذلك فإن الموظف له حقوق كما أن عليه حقوقاً وواجبات، وبالتأكيد فالناس ليسوا سواء قال تعالى: {وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ}؛ فالوظائف هي مربط الفرس. وهذه المسلمات تقودنا إلى النظر في آلية إجراءات ترقية الموظف ولا يعني هذا أن تكون الترقية للجميع بلا فوارق أو منافسات، ولكن المراد من ذلك أن تصبح عملية ترقية الموظف في وضع منطقي، وقد يسأل سائل: ما هذا الإجراء المنطقي؟ فنقول: إن نظام خدمة الضباط تتوافر فيه مراتب تقارب الرتب المدنية من الناحية التصنيفية، ويحصل الجميع على الترقية تلقائياً إلا ما ندر والترقية إلى الرتب الأعلى بشكل شبه متساوٍ لكون السلم الوظيفي وهو سلم رواتب الموظفين يتضح منه أن الترقية للموظف عندما يكمل المدة القانونية حق مكتسب عند أدائه الواجبات الوظيفية التي يتطلبها عمله وأن الملاحظ أن كلمة (سلم رواتب الموظفين) توحي ضمنا وصراحة برقي وصعود (راتب) الموظف مرتبة مرتبة ودرجة درجة إلى أن يصل الموظف إلى آخر درجة في آخر مرتبة. واسم سلم رواتب الموظفين فيه إشكال من الناحية القانونية والاسم الصحيح - حسب ما أراد واضعو هذا النظام وكما يجب أن يكون - هو سلم مراتب وظائف الدولة ورواتبها، وبهذه التسمية يكون الموظف للوظيفة وليس العكس. ولعل من المقترحات لهذا التجميد أن يكون للمراتب المدنية درجات حسب المؤهلات فتبدأ من الأولى إلى الدرجة السابعة ويكون الحاصل على الابتدائي على الدرجة الأولى والمتوسط على الثانية والثانوي على الثالثة والدبلومات المتوسطة على الرابعة والجامعي على الخامسة والماجستير على السادسة والدكتوراة على السابعة ولكل درجة خمس وثلاثون درجة فيبدأ كل مستوى حتى يصل إلى الدرجة (الخامسة والثلاثين) ويكون هذا هو حد التقاعد بدلاً من الخدمة إلى أربعين سنة، وبذلك نكون قضينا على التجميد في الراتب وفي المراتب وعدلنا بين الموظفين مثلما يحدث لجميع المدرسين والأطباء ومن في حكمهم - كما أسلفت - من العسكريين. والله الموفق.
عبد الرحمن بن ناصر الهزاع |