|
انت في "الرأي" |
| |
بالأمس القريب كان المجتمع الذي يحيط بالمرء يربي ويوجه فلم تكون التربية مقصورة على الوالدين فحسب بل يتعدى ذلك إلى من له علاقة بالشخص فالكل يقوم بدوره على أكمل وجه فالجد يربي والجدة والاخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة حتى الجار كان له دور مهم، وقال لنا من نثق في صدقه أن صنو الأب كان يضرب ابن خيه إذا اخطأ أمام مرأى الأب والأب لا يحرك ساكناً بخلاف ما هو عليه وقتنا الحاضر ومع الأسف الشديد أخذ هذا الدور الجميل والشيء الحسن يتناقص شيئاً فشيئاً حتى كاد ينعدم فأضحى دور التوجيه اليوم مقتصراً على الأب والام مع تقاعس وتخاذل ونحن على ما نحن عليه إذ ببارق أمل يلوح في الأفق وإذ بصوت يطرق آذاننا صوت دوي يحيي الأمل لدينا من جديد يصيح قائلا: إنه لا يزال للخير بقية وللطيبة وجود يتمثل ذلك في قريبة مني جدا لها قريبة هي خالتها والخالة بمنزلة الأم كما قال الصادق المصدوق هذه القريبة لم تكن لقريبتي خالة فقط بل هي لها الأم والأب والأخ والأخت والصديقة والجارة وكل شيء في حياتها، كانت توجه وتنصح بصدق وتعطي وتنفق بسخاء وكل ذلك يحدث أمام مرأى من عيني مما صيرني مندهشا لهذا الصنيع معجباً به وفجأة وبدون سابق إنذار تفقد قريبتي هذه هذا الحنان كله ويتوقف القلب الحنون عن الخفقان حتى خيل لي أنه لا يرحل ممن حولنا إلا من كان طيباً مع إيماني الكامل واعتقادي الجازم بأن الكل سيرحل لا محالة وعندما يغيب عنا شخص بهذا الحجم شخص يحمل مزايا الطيبة والإخلاص، وتعلو محياه علامات الحب وسمات الود تكون الفاجعة أعظم والمصيبة أطم ولكن المسلم يسترجع ربه ويتعزى بمصيبته في نبيه صلى الله عليه وسلم، وما دعانا إلى تسطير هذه الكلمات وتدوين تلك العبارات لا التباكي حاشا لله ولا العويل في وقت ضنت قريحة الشعر علينا بالمراثي، مادعانا إلى ذلك كله إلا الوفاء لهذه الراحلة، كتبنا ما كتبنا مبشرين الجميع بأن الخير لا يزال له بقية والطيبة يظل لها وجود في حياتنا اليوم ولله الحمد والمنة ولا نملك في هذه الساعة إلا الدعاء بل خالص الدعاء لفقيدتنا بأن يجازيها ربها بالفردوس الأعلى في جنته على ما قدمت لقريبتي ولأبنائها وعلى ما أسدت لمن حولها في حياتها، فالسخي قريب من الله ومحبوب من خلقه ولله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |