عندما نفتح ملف النجوم والأسماء اللامعة الذين قدَّمتهم الحركة الرياضية بالمدينة المنورة خلال مسيرتها التي انطلقت قبل أكثر من نصف قرن فارط فلا بد أن يقفز إلى الأذهان المدافع الدولي العملاق (سابقاً) عبد الله فودة الشهير بلقب (العمدة) كأبرز الأسماء في قائمة النجوم.. فقد بدأ مشواره الكروي مع فريق أحد في النصف الأول من عقد التسعينات الهجرية.. وتفجّرت موهبته الدفاعية بصورة أكثر فاعلية بعد مشاركته في دورة الخليج الثالثة بالكويت عام 1394هـ، حيث فتحت هذه المشاركة المثمرة الآفاق أمامه فانهالت عليه العروض من الأندية الشهيرة وأبرزها العرض الهلالي الذي انتقل إليه عام 93 - 1394هـ وشارك مع جيل العمالقة الذين كانت الخارطة الهلالية تزخر بهم في تلك الفترة فساهم مع هؤلاء النجوم في إعادة زعيمهم لساحة البطولات بعد غياب دام أكثر من 12 عاماً حينما كسب بطولة الدوري لموسم عام 1397هـ. * استمر العمدة في الملاعب حتى عام 1405هـ، حيث ودع الكرة بعد عقد ونصف من الزمن قضاها في ميدان المنافسة كانت عامرة بالذكريات الجميلة والانتصارات الذهبية الخالدة. * استضفناه في حلقتين.. واليوم وعبر الحلقة الأولى يكشف لنا الضيف الكثير من ذكرياته الرياضية والأحداث المثيرة التي تمخضت عن مشواره الكروي الطويل. *** ضربة البداية بدايتي الرياضية في سن الرابعة عشرة بحي المناخ، أحد الأحياء الشعبية في وسط المدينة المنورة، وسبقني أشقائي علي ومحمد بأعوام خاصة علي الذي لعب في أوائل الثمانينات، حيث أوجدنا فريقاً بالحي سمي بالزمالك- تيمناً بفريق الزمالك المصري - وكان يتزعم الفريق شقيقي محمد الذي كان يدعمه ويحتويه بالكور والملابس وذلك في منتصف الثمانينات وأذكر من زملائي اللاعبين محمد أبو سكيت وعوض شافي وعبد الإله النكش ومحمد بن معين.. طبعاً كان هذا الفريق يحظى بشهرة على مستوى أحياء المدينة مع فريق الهلال أحد الفرق المشهورة أيضاً، وأتذكر أنني لعبت مع فريق هلال الحي الذي كان يحمل الشعار ذا اللونين الأزرق والأبيض. الميول الاتحادية! * كانت ميولي في تلك الحقبة اتحادية، وكنت أعشقه حتى الثمالة نظراً لشهرة العميد وتاريخه، علاوة على الأسماء والنجوم الفذة التي كانت تترصع بهم الخارطة الصفراء آنذاك، ومن فرط الإعجاب بهذا الفريق أتذكر كنت أشتري الجريدة ب (4) قروش لمتابعة أخباره أولاً بأول ولكن رغم هذا الميول إلا أنني لم أحظ بتمثيله وارتداء شعاره، حيث انضممت مباشرة لفريق أحد. حمدي قادني لأحد قصة انضمامي لفريق أحد جاءت عندما طلب شخص يدعي (حمدي) وهو من محبي النادي، حيث كان لديه محل فاكهة وكنا نجتمع في مكان مع أبناء الحي قريب من محله وشاهدني في الحارة وأعجب بمستواي وعندما ذهبت إلى أصدقائي عند المحل عرض علي فكرة الانضمام لفريق أحد وكان أسلوبه بالفعل مقنعاً رغم أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ونجح في إقناع الوالد - رحمه الله - الذي لم تكن عنده الرياضة مقبولة وبالفعل سجلت في أحد شبلاً عام 1389هـ بلا مقابل بتأثير من العم (حمدي) الإنجاز الأول مثَّلت فريق أحد في درجتي الناشئين والشباب بعد تسجيلي عام 1389هـ وأتذكر حينما حققنا بطولة المنطقة الغربية لدرجة الشباب عام 1390هـ بعد أن كسبنا فريق الاتحاد في المدينة، حيث تسلّمنا الكأس من أمير منطقة المدينة المنورة آنذاك الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز - رحمه الله - طبعاً كنت أصغر لاعب في تلك المباراة وأعتز كثيراً بذلك الإنجاز الذي خولني للمشاركة مع الفريق الأول بعد حصولنا عليه مباشرة وكان كابتن شباب أحد شقيقي محمد. «شرشر» حوّلني للدفاع في البداية لعبت في درجة الناشئين والشباب في خط الهجوم بحكم طولي ثم أعاد اكتشافي في خط الدفاع المدرب العربي محيي الدين شرشر بعد أن أشركني في لقاء أحد مع الوحدة في الدوري عام 90 - 1391هـ مدافعاً نظراً لإصابة أحد المدافعين وبرزت بشكل لافت للأنظار خاصة أن فريق الوحدة كان يضم في تلك الفترة مهاجمين على مستوى رفيع أمثال أحمد لمفو وسعيد لبان وصبحي، حيث نجحت في التألق أمام هذا المثلث الوحداوي مما عزَّز فرصة تمثيلي الفريق الأول بصورة مبكرة من عمري الرياضي.. ولا أنسى أيضاً المدرب السوداني (رحيمي سلامة) الذي استفدت منه كثيراً ومن قدراته التدريبية. جمعت المجدين في لعبتين! في تلك الحقبة كان النظام يسمح بمشاركة اللاعب في أكثر من لعبة طبعاً مثّلت النادي أيضاً في ألعاب القوى إلى جانب كرة القدم واخترت لتمثيل منتخب المملكة لألعاب القوى في المسافات الطويلة وأتذكر جيداً حينما حققت بطولة المملكة في مسافة 5000 متر على مستوى المدارس وتحديداً من بين 52 متسابقاً ثم اخترت مباشرة للمنتخب عام 92- 1393 هـ وأذكر من زملائي الذين شاركوا في تونس حميد الجمعان وبلال محمد استعداداً لأولمبياد ميونيخ. ذكريات الأخضر أتذكر بعد عودتنا من معسكر تونس مثلث أحد في الدوري أمام الوحدة لقاء ضمن لقاءات دوري المنطقة الغربية الذي انتهى بالتعادل، حيث اختارني مدرب منتخب المملكة للناشئين في كرة القدم إبراهيم توفيق وشاركنا عام 1393هـ في البطولة الآسيوية في إيران وحققنا مركزاً متقدماً وأذكر من زملائي اللاعبين الذين شاركوا في تلك البطولة محسن بخيت وعبد الله آل الشيخ وناجي عبد المطلوب وصالح خليفه والزوري. وأتذكر قبل انضمامي لمنتخب المملكة للناشئين أرسل خطاب للنادي للالتحاق به وتزامن إرسال الخطاب مع قيام اتحاد القوى بإرسال خطاب أيضاً لانضمامي لمنتخب ألعاب القوى ووقتها كنت في حيرة من أمري واخترت كرة القدم رغم حبي لألعاب القوى ذلك لأن كرة القدم تعتبر اللعبة الشعبية الأولى ومن تلك اللحظة تركت ألعاب القوى وتفرغت للقدم خاصة بعد اختياري أيضاً للمنتخب الأول بعد مشاركتي في بطولة إيران وذلك استعداداً لدورة كأس الخليج الثالثة بالكويت أوائل عام 1394هـ. السديري دعم أحد المدينة كان يترأس فريق أحد في تلك الفترة الشيخ سعد الناصر السديري وكيل إمارة منطقة المدينة المنورة، حيث كان يعد من أبرز الأسماء التي خدمت مسيرة الفريق ودعمه كثيراً وكان له بصمات لا يمكن أن ينساها الجميع.. أيضاً كان هناك أمين المدينة المنورة الأستاذ صدقة خاشقجي وأزهري صادق من الرجال الأوفياء الذين قدّموا للنادي الدعم كثيراً شأنهم في ذلك شأن الشيخ سعد السديري. أحد منبع النجوم في حقبة التسعينات الهجرية كانت هناك مجموعة بارزة من اللاعبين فقد كان (أحد) يضم أكثر من (5 لاعبين) مؤثِّرين على الأقل أمثال الحارس مهنا السبيل والمهاجم عبد الإله النكش وعلي دقل والمهاجم محمد فودة وأنس سلامة وعوض شافي.. وبالمناسبة النكش كان يتميز بقدم قوية لا تخطئ الهدف وكان يعتبر أول لاعب من المدينة المنورة يحظى بشرف تمثيل منتخب المملكة في دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390هـ. القيادة لها مواصفات شارة القيادة تحتاج بالتأكيد إلى لاعب شديد يتكلم مع اللاعبين في الملعب ويوجههم إلى جوانب القصور أثناء المباراة، علاوة على مكانته الفنية داخل الملعب لذلك تجسدت تلك المواصفات في كابتن أحد آنذاك أنس سلامة ونجم خط وسطه الذي فرض احترامه على اللاعبين يدفعنا لهذا حبنا للنادي وغيرتنا على شعاره. تأثرت ب(عبد الرزاق)! بلا شك تأثّرت بنجم الاتحاد في الثمانينات عبد الرزاق بكر الذي كان يتميز بامتلاكه عقلية كروية غير عادية من قدرة على التحركات في أرجاء الملعب معتمداً على مجهوده الشخصي وبراعة في تمرير الكرات بكل دقة حتى إنه كان يطلق عليه لقب دكتور الكرة لإمكاناته الفنية العالية.. والجميل أنني تشرّفت بمعرفته بعد ترؤسه بعثة منتخب المملكة في تصفيات آسيا بإيران وكان قمة في المثالية والتعامل مع الجميع وهذا غير مستغرب على الدكتور عبد الرزاق بكر الذي عرف عنه الهدوء والأخلاق منذ أن كان لاعباً مع الاتحاد ثم اعتزل وواصل دراسة الأكاديمية حتى نال شهادة الدكتوراه. قصة لقب (العمدة)! لقب العمدة التصق بي وعمري (5 أعوام) ولهذا اللقب حكاية؛ ففي إحدى المناسبات العائلية في منزل والدي كان المجلس يكتظ بالأقارب وكنت صغيراً (وسميناً) وكنت لابساً العمامة والزي الخاص بالعمد أو شيخ الحي، فنادني أحد الأقارب وأنا داخل إلى المجلس وهو يردد يا عمدة .. عمدة.. فأصبح الكل يردد هذه الكلمة فالتصق بي هذا اللقب في المنزل والحارة ثم في النادي واشتهرت بهذا اللقب وعمري الآن 49 عاماً لا يعرفني الرياضيون إلا بلقب العمدة. الرطوبة تخذلنا أمام قطبي الغربية لقاءاتنا أمام الاتحاد والأهلي كنا نخسرها في جدة بسبب الرطوبة العالية على اعتبار أن لقاءات دوري المنطقة الغربية تقام في الصيف لكن عندما نلعب أمامهما في المدينة كان يصعب هزيمة أحد.. وأتذكر في لقاء أحد مع الأهلي عام 1391هـ في ملعب الصبان كانت الرطوبة عالية جداً والأهلي يضم أبرز مهاجمين هما سعيد غراب والكبش ومعروف عن الأخير قوته البدنية.. المهم لعبنا أمامهما وخسرنا بصعوبة بهدف وكانت المباراة أقرب للتعادل لولا الإرهاق وعامل الرطوبة الذي قاد الأهلي للفوز في الدقائق الأخيرة بهدف سجّله الكبش، ورغم خسارة المباراة إلا أنني كسبت نجوميتها وفتحت الأنظار علي من قطبي الغربية خاصة الأهلي.. الذي فاوضني بصورة جادة عن طريق رائد الرياضة. رائد الرياضة قدَّمني هدية للهلال عقب مشاركتي في تصفيات آسيا للناشئين والنتائج الجيدة التي قدّمناها وبروزي بصورة جذبت الأنظار إلي من الأندية الكبيرة أتذكر أن سمو الأمير عبد الله الفيصل (باني الأمجاد الأهلاوية) استدعاني في قصره وسافرت إلى جدة مع والدي، وقد تزامن ذلك مع تخرّجي من المتوسطة وتفكيري في الدراسة في معهد الخطوط السعودية بجدة أو معهد التربية الرياضية بالرياض، ففكرت في الأهلي أو الهلال طبعاً النظام كان يسمح بحصول اللاعب على تنازل من ناديه في حالة مواصلة دراسته في أحد المعاهد غير المتوفرة في منطقته.. المهم قابلت رائد الرياضة وطلب انضمامي للأهلي، وأذكر أنني جلست في قصره 14 يوماً بانتظار وصول التنازل من نادي أحد.. وفجأة غيّرت رأيي وفكّرت في الدراسة في معهد التربية الرياضية بالرياض وطلبت من سموه الموافقة على الانضمام للهلال ودراستي في معهد التربية واحترم - حفظه الله - رغبتي حتى إنه قال روح للرياض وسأقوم بالاتصال بإدارة الهلال وبالفعل اتصل على الأمير هذلول والأمير عبد الله بن ناصر وأخبرهما بأنه سيهدي الهلال لاعباً يقصدني بالطبع.. ورحب سموهما بذلك عندما سافرت إلى العاصمة استقبلني الهلال بكل ترحيب وانتقلت إلى الهلال أواخر عام 1393هـ أوائل عام 1394هـ والحقيقة لا يمكن أن أصف ما قدّمه الأمير عبد الله الفيصل لي؛ حتى عندما كنت أنجح في معهد التربية كنت أزوره ويقدِّم لي هدية النجاح في صورة تكشف شهامته وأصالته وطيبته المتناهية. ***** السيرة الذاتية للضيف *** * الاسم: عبد الله عواد فودة المعروف ب(العمدة). * تاريخ الميلاد: من مواليد المدينة المنورة في السبعينيات الهجرية. * المهنة: موظف في الرئاسة العامة لرعاية الشباب - إدارة النشاطات الرياضية. * الحالة الاجتماعية: متزوج وأب ل(بندر 22 سنة، ومشاري 14 سنة وبنتين). (السديري) دعم أحد المدينة والرطوبة تخذلنا أمام قطبي الغربية ***** خلال 45 عاماً توارثنا خدمة أحد المدينة ** عائلة الفودة.. عائلة رياضية ارتبط حبها بنادي أحد منذ أكثر من 45 عاماً.. شقيقي الأكبر علي مثَّل الفريق البني في خط الوسط أوائل الثمانينات. ثم اتجه للإدارة، ومحمد لعب في خط الهجوم جناحاً أيمن وبعد اعتزاله اتجه إلى التحكيم وتدرَّج حتى وصل رئيس لجنة الحكام. وعبد العزيز تألق في خط الدفاع ثم اتجه إلى التحكيم بعد تركه الكرة مبكراً ولم يستمر طويلاً في هذا المضمار.. وحقيقة نتشرَّف جميعاً بخدمة رياضة مملكتنا الحبيبة . ***** «خالد العبد الله» يجمعني به تنافس خاص ** تربطني بالأمير خالد العبد الله علاقة رياضية قوية؛ أتذكر عندما كان يقام مهرجان المدينة الرياضي كان الأمير خالد يزور المدينة ومعه مجموعة من اللاعبين من ناديي الأهلي وعكاظ فنكوِّن فريقاً وسموه يكوِّن له فريقاً ونلعب مناورة تحدي في ملعب أحد ولكن كنا نخسر هذا التحدي.. وبالمناسبة الأمير خالد العبد الله مثَّل الأهلي في الحقبة التسعينية في خط الوسط وتألق كثيراً نظراً لإمكاناته الفنية العالية وهدوئه في الملعب، حيث اشتهر بالتمريرات المتقنة والباصات المحكمة، علاوة على أخلاقه العالية وتواضعه الجم مع الجميع.. وما زلت أحتفظ بصداقة طيِّبة مع سموه الكريم. ***** «رواد رياضة» المدينة في ذاكرتي ** رواد الرياضة في المدينة المنورة أثروا الحركة الرياضية وهم الشيخ حسن الصيرفي ومحمد صلاح وعلي ودقاق رجال كان لهم دور ريادي في خدمة تاريخ نادي أحد. ومن حسن حظي أنني تشرّفت بمعرفة هؤلاء عندما سجّلت في كشوفات النادي أواخر عقد الثمانينات وهؤلاء بالطبع ضحوا من أجل ناديهم بالكثير ولهم أياد بيضاء سجلها لهم التاريخ الرياضي بالمدينة المنورة. وكان لهم دور واضح وبارز في مسيرتي الكروية خاصة العم محمد صلاح...!
|