قد لا يعلم الكثير من الناس أن صحتهم ترتبط كثيراً بالمكان الذي يعيشون فيه، بل ان الظواهر العرضية للصحة النفسية ترتبط كثيراً بذلك فقد يصاب الإنسان باكتئاب أو أمراض نفسية عديدة ولا يجد لها حلاً وقد يتمثل أحد الحلول الرئيسة في الابتعاد عن مصدر المشكلة وقد تكون المشكلة هي البيئة العمرانية التي تحيط به أو بها وتتحكم كثيراً في حياته أو حياتها. وقد يفوت على الكثير من الناس أن الحي السكني هو الخلية التي تتكرر لتكون المدينة وان صلاح هذه الخلية يعني صلاح المدينة بأكملها والعكس صحيح تماماً. ومن هذا المنطلق يهتم الكثير من المدن المتقدمة بأحيائها السكنية لأنها تكاد تمثل احياناً الفرق بين الحياة الصحيحة والحياة المريضة ففي بعض الدول اشارت الدراسات إلى أن أمراض مثل: السكري والضغط تنتشر في الأحياء السكنية التي تكثر فيها الجرائم والسبب ان سكان تلك الأحياء يضطرون للبقاء في بيوتهم معظم الأوقات التي لا يعملون بها وهذا يعني انهم لا يقضون أي وقت في المشي والتريض داخل الحي خوفاً على سلامتهم ولم يكن الحل الاستراتيجي لهذه المشكلة هي زيارة الطبيب لعلاج المرضى بل تمثل الحل في علاج الحي لأن صحة الحي تعني صحة ساكنيه والمشي والتريض داخل الحي السكني لا يسهم فقط في الحفاظ على الصحة الجسدية بل انه يسهم ايضا بتحسين الصحة النفسية للساكن خاصة اذا كان من يراهم في شوارع الحي على مستوى عال من الحضارة والأخلاق. وهناك عناصر يجب ان تتوافر في الحي السكني حتى ينمو الإنسان بطريقة متكاملة ويصبح إنساناً يتصرف كإنسان متحضر في معظم الأوقات وقد يكون من الصعب تطور شخصية الإنسان بطريقة متكاملة في غيابها وهذه العناصر الأربعة هي: غذاء الروح وغذاء العقل وغذاء البدن وغذاء العلاقات الاجتماعية فغذاء الروح يعني ضرورة توافر مكان لساكن الحي لكي يتعبد الإنسان خالقه مثل المسجد لنا كمسلمين.. ففي عبادة الله راحة عظيمة قد لا ينالها إلا من وفقه الله لها وهذا افضل واعظم غذاء للروح. وغذاء العقل يعني ضرورة توافر مكان في الحي السكني يغذي الإنسان فيه عقله مثل المكتبة والمراكز الثقافية الأخرى.. أما غذاء البدن فهو يعني ضرورة توافر مكان يمارس الساكن فيه الرياضة وقد يكون الحي بأكمله افضل مكان لممارسة الرياضة خاصة اذا كانت اماكن المشاة ميسرة ومجتمع الحي يقدرها.. وقد يكون هنالك ناد رياضي اجتماعي داخل الحي لتوفير ذلك. أما غذاء العلاقة الاجتماعية فيعني أن الإنسان يحتاج إلى غيره والى التحادث مع الآخرين في الحي والتعرف عليهم وهذا يمثل الغذاء الاجتماعي للساكن. ان الحي الآمن الذي تتوافر فيه المعطيات اعلاه سيكون حيا صحيا سيساعد الكثير من الناس على الحياة الصحيحة.
|