|
انت في
|
| ||||||||||||||||||
إننا لا نحتاج إلى زرقاء اليمامة كي تبصر لنا الحقيقة الواضحة، فالحياة لو علمت ما المحاورة لاشتكت، فهي تيارات عاتية.
ويبدو القلق واضحاً على الشاعر، لأنه يعيش غربته في توهج عاطفي، وحالة توتر نفسي، وها هو في قصيدة (لا تعجبي) تبدو الشكوى متوهجة حزينة.
وفي أكثر الأحيان تكون شكوى الشاعر من الغربة الروحية، ومن هنا بدأ يسأل نفسه هذا السؤال:
وقد صور تجربة حب مرتبطة بالغربة المكانية بقصيدة هاربة من الحياة إلى الشكوى المريرة:
ومن ثم راح يشكو لمحبوبة غربته، فأخذ يخاطبها ويشكو لها، حتى أعياه البحث وأضناه:
ب- الشكوى من الزمن لم تكن شكوى مقبل العيسى كغيره من الشعراء فقد كان يحس دائماً بالتحول من العيش الرغيد إلى حياة البؤس، وكلما عاش يومه في الصبر على المصائب انتظر الغد في غاية القلق، والشكوى عند مقبل العيسى تنطلق من الشكوى من الزمان بصفة عامة، فهو في نداء دائم وعتاب للزمن الذي سلب منه كل شيء، وهذا أنموذج شعري يبين شكواه من الزمن:
ومن نداء الزمن إلى مناجاة القلب في قصيدة (نجوى قلب) التي جاءت بنبضة قوية تصور الحياة ومتاعبها:
وقوله:
ونراه ينهج منهج القدامى في الشكوى من الشيب:
مقبل العيسى يمزج في كثير من الأحيان شكواه بالتأملات، فتارة يرتمي في أحضان الطبيعة ويجعلها وسيلة لشكوى الزمان وصخب الحياة، وتارة أخرى يشق جدران الحياة للبحث عن مأوى يهرب فيه من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. وكثيراً ما فر الشاعر إلى الخيال والأحلام، كي يخرج من حدود اليوم والأمس والغد، وأبعادها القاتمة. وهذه قصيدة يحكي فيها الشاعر عن الدنيا التي إن أضحكته لحظة من عمرها، سرعان ما أبكته سنين طويلة.
ثم يثبت قائماً مخاطباً الدنيا، لأنه عرف حقيقتها قائلاً:
ج- الشكوى من الحظ لقد تشبع مقبل العيسى من موضوع الشكوى، وتغلغل في أعماقه، فحين نقرأ أبياته الشاكية، سرعان ما نشعر بمدى النبرة الحزينة التي لونت حياته بلون أسود، فكثير من أبيات قصائده تحكي عن المقادير في الحياة وما آلت إليه من حياة مريرة، وطبيعة حظه الذي حرمه من نشوة الحياة وعبيرها، وجعله ينظر إلى كل شيء نظرة الشكوى، ها هو يناجي عصفوراً ويجعل من قفصه قيدا وسجنا:
وقوله:
ونبرة الشكوى واضحة حتى في غزلياته، كما في قوله:
وبذلك تولد عند الشاعر الحزن واليأس، وأصبحت الحياة لديه صدمات قاسية يعاني منها ويسجل المعاناة في شعره. وفي قصيدة أخرى ينادي الإنسان الشاكي، ويخفف من وطأة الشكوى لذلك الإنسان، ويبين طبيعة الحياة بهمومها التي حرمته حتى من الابتسام.
ومن ثم نراه يستسلم للحظ مرغماً:
وفي قصيدة أخرى نرى الشاعر كيف يعزف عن ملذات الحياة، ويستجيب للقدر، في قصيدته (قتل العبير): يا أيها.. الأسى.. عز الدواء.. فدعني.. إن.. لي قدراً ستستجيب له.. كالطفل.. أنفاسي..!! آمنت.. أن الذي يحيا إلى أجل لا ينتهي.. وله عودٌ إلى الكاس..!! (17) وتلاحقت الهموم وما زال مقبل العيسى يتجرع الآهات:
ويحاول الشاعر أن يزرع الأمل في نفسه، ويعلن الهوى الذي اكتوى به قلبه، ولكن الشكوى تلاحقه أنى اتجه، وسرعان ما يشرق كأس الهموم الذي أترع بالألم:
هذه صفحات الشاعر المشرفة في شعر الشكوى، فحريٌ بنا أن نضعها متناً جميلاً لكل من سخط من حظه وحياته، فهو ذلك الأديب المسلم الذي وإن أظهر الشكوى وتبرم، فهو لا يسخط من القدر بشعره، ولم نعهد ذلك في أبياته. رحمك الله - تعالى - من أديب قدم أدباً ضخماً نافح به عن قضايا شتى، وتغمدك الله - تعالى - بمغفرته، وأسدل على جسدك الطاهر الرحمة. الباحثة: نوير بنت عبد الله خلف العنزي الدراسات العليا - قسم الأدب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الهوامش
(1) ديوان غربة الروح، ص 31 (2) ديوان الهروب من حاضر، ص 30 (3) المصدر نفسه، ص 54 (4) المصدر نفسه، ص 78 (5) ديوان غربة الروح، ص 98 (6) المصدر نفسه، ص 54 (7) ديوان الهروب من حاضر، ص 29 (8) ديوان غربة الروح، ص 23 (9) المصدر نفسه، ص 146 (10) المصدر نفسه، ص 190 (11) المصدر نفسه، ص 191 (12) المصدر نفسه، ص 241 (13) المصدر نفسه، ص 25 (14) المصدر نفسه، ص 59 (15) المصدر نفسه، ص 68 (16) ديوان الهروب من حاضر، ص 34 (17) المصدر نفسه، ص 201 (18) المصدر نفسه، ص 40 (19) المصدر نفسه، ص 14 |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |