يشهد الكيان الإسرائيلي حركة متنامية، تضم العديد من حاملي الجنسية الإسرائيلية من اليهود والعرب والدروز، ينادي أعضاؤها بتبني فكر جديد للكيان الإسرائيلي يطلقون عليه (ما بعد الصهيونية)، وهو توجُّه فكري أول من أطلقه وتبنَّاه عدد كبير من المفكرين اليهود الرافضين ليهودية إسرائيل، وجعلها دولة مقتصرة على اليهود تسير على مبادئ الحركة الصهيونية. أعضاء هذه الحركة أخذوا يتزايدون وباتوا يتظاهرون، وبأعداد كبيرة من أجل التبصير عن آرائهم، ويُعد المفكر والكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي من أهم دعاة هذه الحركة، وهو من الكتَّاب المنادين بالسلام مع العرب، ووقف معدلات الهجرة التي يقوم بها اليهود إلى الكيان الإسرائيلي. وأمام تنامي أفكار ما بعد الصهيونية التي أخذت تؤثر على المجتمع اليهودي سواء داخل الكيان الإسرائيلي، وخارجه مما أثَّر على معدلات هجرة اليهود، وتقلص وصول اليهود إلى إسرائيل، أخذ الكتَّاب الإسرائيليون المتعصبون للصهيونية يهاجمون هذه الحركة، ويركِّزون في هجماتهم على آراء ومقالات جدعون ليفي، وحتى الصحف الإسرائيلية المحسوبة على اليسار الإسرائيلي، بدأت تفرد مقالات لانتقاد الحركة ومفكرها جدعون، مثلما نشر في صحيفة هاآرتس التي نشرت مقالاً للكاتب الصهيوني جدعون ساميت، الذي يرى الآن أن الذين ينادون بالسلام، ويشككون في جوهر إسرائيل كدولة يهودية يُعد أمراً خطيراً للغاية، مع مساسه بالعديد من الأمور المهمة مثل التشجيع على الهجرة إلى إسرائيل. ويستشهد جدعون ساميت (الصهيوني) بمقالة مفكر رفض الدولة اليهودية جدعون ليفي نُشرت في نفس الصحيفة هاآرتس في الشهر الماضي والتي ضمَّنها ليفي العديد من الحقائق، التي تشكك في جوهر دولة إسرائيل، والأساس الذي أُقيمت من أجله ك (وطن قومي لليهود). ويقول الكاتب الصهيوني جدعون ساميت: حسب فكرة ما بعد الصهيونية التي على أساسها كتب ليفي المقال، بات من المفترض تغيير مكانة الدولة اليهودية الجديدة، ورفع شعار دولة كل مواطنيها، وهو الشعار الذي يرفعه العرب في إسرائيل، والمعارضون ليهودية إسرائيل، ولهذا فهناك ثمة حاجة للكف عن الانشغال بتشجيع الهجرة اليهودية. المستفز أن ليفي أكد أن إسرائيل ليست مكاناً آمناً لليهود بجانب أن أي مهاجر جديد يتحوَّل إلى عبء اقتصادي، ويأخذ من الكعكة الاقتصادية الموضوعة لمواطني إسرائيل. والراصد لما تشهده الصحافة الإسرائيلية من ردود حول هذه الفكرة أن الإسرائيليين قد بدؤوا يعيدون حساباتهم، ويراجعون الأسس والأفكار التي اعتنقوها، أو أطلقوها لإكساب (دويلتهم الشرعية) هذه الشرعية، التي أخذ الإسرائيليون أنفسهم يشككون في جدواها وحتى معناها من خلال رفض الصهيونية وأفكارها العنصرية.
|