قرأت كل تفاصيل مشروع عطاء الطلاب والذي نشرت عنه جريدة الجزيرة خلال الأيام الماضية، ولي تعليق على المشروع الذي استهواني بالمتابعة لكل تفاصيله ومعطياته الجميلة والكبيرة، ذلك المشروع الذي يهدف إلى تعميق قيم الإسلام لدى أبنائنا الطلاب (الكرم، العطاء، المساعدة، الصدقة، التكافل..)، والعبرة بما سينتهي إليه، وهي النتيجة والمحصلة النهائية للمشروع (وقف خيري مشترك لدعم الأطفال المعاقين)، المشروع أشهر من أن ألخص أهدافه، ولكني أقول بأنه قمة في التخطيط التفصيلي لحياة الطلاب. إن أبناءنا الطلاب يحتاجون إلى كثير من الأنشطة العلمية، والفكرية، والاجتماعية، والتقنية، والفنية، والمالية، والاجتماعية، والدينية، والرياضية، وغيرها، ولا شك في ذلك لدى الجميع، ولكن هذه الأنشطة الطلابية والشبابية بحاجة إلى من يخطط لها بكل أمانة وصدق وإخلاص. مشكلة الشباب أنهم أمام عدد هائل من القنوات والوسائل التي ينهل منها وهي بالضبط التي سوف تحدد مستقبله بكل تفاصيله كما هو معروف، ولو حاولنا قراءة واقع الأنشطة الشبابية والطلابية بعد تحديد كل نشاط بحد ذاته باعتبار متابعة التخطيط التفصيلي لحياة الشباب لوجدنا أننا بحاجة إلى مراجعة جادة وسريعة لغالب الأنشطة. دعونا نستطلع واقع (جائزة الإبداع العلمي) على سبيل المثال، كنشاط مخالف لواقع (برنامج عطاء الطلاب)، تلك الجائزة تمنح الشاب الفائز مبلغاً من المال، ولكنها في المقابل تنص على ملاحظة غريبة وهي أنها غير مسؤولة عن إصدار براءة اختراع للفائز على الرغم من تشددها في اشتراط أن لا تكون الفكرة مسبوقة، إن هذا الواقع يشكل صدمة قوية لكل شاب رغم المبلغ المالي والذي من المحتمل أن يحصل عليه!! والسؤال: هل تدخل جائزة الإبداع العلمي في خانة (الشك) أم في خانة (التخبط)؟ وهل هي من التخطيط السليم لحياة الشباب العلمية والمستقبلية؟. ولماذا لا تنفق أموالها في محاضن إبداعية تعنى بالتخطيط والتصنيع ثم الحصول على براءات الاختراع بسهولة، للقارئ الكريم أن يعيد النظر في واقع جائزة الإبداع العلمي وأن يحكم على ما سبق، وأحب قبل إنهاء نظرتي حول الجائزة أن أعيد السؤال: هل جائزة الإبداع العلمي مثال ناجح في التخطيط التفصيلي لحياة الشباب أم لا؟.. وأن أسأل بأسلوب آخر: هل الإفصاح عن الإبداع العلمي يعرض المبتكر للسرقة أم لا؟ ومتى يمنع عرض مبتكرات الطلاب على شاشة التلفزيون والصحف إلا بعد حصولهم على براءات؟ أو عند التأكد من أنها مجرد إبداع لا طائل مالي من ورائها. يقابل هذا الواقع برنامج (عطاء الطلاب) والذي تم التخطيط له بشكل مفصل ودقيق وبروح جميلة، وبكل إتقان وأمانة، ذلك لأنه من البرامج والأنشطة التي نتأمل فيها حماية الشباب ضد الأفكار، فالسخاء، والعطاء، والصدقة، والتكافل الاجتماعي، وتخصيص مورد مالي ثابت للمعاقين قيم جميلة ومثل كبيرة جدا، وبرنامج عطاء الطلاب يشارك في التأكيد عليها والتخطيط لإثبات وجودها، ونشرها لدى من لا يدرك أهميتها. إن (عطاء الطلاب) أحد البرامج الناجحة في تكوين الفكر والحركة الصحيحين لشبابنا. كما أن توجيه نشاط الشباب المالي في مجال الصدقة وتوجيهه بعيدا عن كل الشوائب مؤشر قوي على أن في المجتمع أناساً جديرين بالمشورة في شؤون الشباب وهم كل من خطط لعطاء الطلاب.
شاكر بن صالح السليم باحث في شئون النشاط الطلابي |