Wednesday 23rd March,200511864العددالاربعاء 13 ,صفر 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

الوقف في الشريعة الإسلاميةالوقف في الشريعة الإسلامية
د. طارق الخويطر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فمن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أن جعل لهم أعمالاً تجري بعد موتهم ويصل إليهم ثوابها ومن ذلك الصدقات الجارية والأوقاف والعلم الشرعي ودعاء الأولاد يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. قال النووي قال العلماء معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها فإن الولد من كسبه وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنييف وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف ثم قال:
وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه وبيان فضيلة العلم والحث على الاستكثار منه والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف والإيضاح وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما.
ويدل على مشروعية الوقف حديث ابن عمر رضي الله عنها قال أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال يا رسول الله إن أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه تأمرني به قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه. متفق عليه.
قال النووي وفي هذا الحديث دليل على صحة أصل الوقف وأنه مخالف لشوائب الجاهلية وهذا مذهبنا ومذهب الجماهير ويدل عليه أيضاً إجماع المسلمين على صحة وقف المساجد والسقايات وفيه أن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث إنما يتبع فيه شرط الواقف وفيه صحة شروط الواقف وفيه فضيلة الوقف وهي الصدقة الجارية انتهى.
إن حياة الإنسان قد تعتريها غفلة أو إعراض أو انشغال عن الطاعات فكان الوقف بإذن الله تعويضاً لما مضى وزيادة لمن بذل في حياته، فالوقف من محاسن الإسلام الظاهرة فيبقى أصل الوقف وتصرف غلته بما ينفع المسلمين لأن حاجة المسلمين تتغير فتارة تكون في التعليم وتارة تكون في الإنفاق على الأيتام والأرامل وتارة تكون في بناء المساجد من المدارس والمستشفيات وتارة تكون في أمور أخرى فإذا أوقف المسلم له شيئاً وجعل غلته في منافع الناس كان ذلك بإذن الله أنفع له وأنفع للمجتمع المسلم، إذا قد يرى المتبرع بالمال في وقفه حاجة للمسلمين في أمر معين ثم تزول هذه الحاجة وتظهر حاجة أخرى للإنفاق فيها أنفع.
فالوقف من الصدقات الجارية التي تبقى بإذن الله قروناً بعد وفاة الواقف يستفيد الناس منه ويستفيد الواقف الأجر والثواب بعد وفاته بقرون كثيرة وكم رأينا من أوقاف استمرت قروناً انتفع بها الناس ونرجو الله تعالى أن يكون الواقف قد استفاد من أجرها الذي لا ينقطع، ولو اتجه الأغنياء وكل من لديه مال إلى الوقف وأوقفوا من أموالهم جزءاً معيناً وجعلوا له ما يشاؤون من الشروط والنظار والأوجه التي يريدون صرف الأموال فيها لو فعلوا ذلك لكانت غلة الأوقاف كثيرة جداً لا يحتاج المجتمع غيرها في سد حاجات الفقراءأ والمساكين والأرامل وكذلك المشاريع الخيرية.
وقد يحصل من المشاريع الخيرية الجديدة التي لم تخطر على بال المتبرع فيكون الوقف ممولاً لها نسأل الله القبول والتوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصبحه أجمعين.

معهد القرآن الكريم بالحرس الوطني

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved