لقب (المسلم) لقب عظيم، ممنوح من الله عز وجل لعباده الذين أسلموا إليه أمورهم، وآمنوا به، فهو لقب إلهي تتقاصر دونه كل الألقاب، وتتهاوى عنده كل الأسماء، وهو لقب العزة والافتخار، لكل من استحق أن يحمله بجدارة واقتدار، وهو أقدم الألقاب الممنوحة من الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين المؤمنين به، المنتصرين على أنفسهم وأهوائهم وأوهامهم، لأنه لقب مرتبط بالإسلام، والإسلام هو الدين الحق لجميع الأنبياء والرسل منذ آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام كما قال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}، ولأنه - أيضا - لقب ذو سمات خاصة، من أهمها: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، وهذه صفات عظيمة، تتحقق بها للإنسان قيمته الروحية والمعنوية ويسمو بها فكره، ويعلو بها قدره، وتستضيء بها بصيرته، وتصفو بها سريرته. نعم حينما يقال للإنسان (مسلم) فإنه يملك أغلى لقب في هذا الوجود وأعظمه، وأجله وأكرمه، فهو لقب الإنسان المستقيم، المستقر، الواعي، المسالم، الرحيم، العطوف، القوي في الحق، البعيد عن الاعتداء على غيره ظلما وعدوانا بأي صورة من صور الاعتداء، أي أنه (من سلم المسلمون من لسانه ويده) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وكفانا بهذا الوصف شمولية وشموخا.لقب المسلم لقب عريق في تاريخ البشرية كلها، يؤكد هذا قول الله تعالى في آخر آية من سورة الحج: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}يا له من لقب عظيم {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ}، ويا له من فخر لكل من حمله محققا لمقاصده ومعانيه! ولا شك أن من أهم ركائز استحقاق حمل هذا اللقب العظيم، الإيمان بالله عز وجل وبكتبه ورسله وملائكته، وشرعه إيمانا لا يقبل النقض، وتعظيم شعائر الله تعظيما قويا كاملا بحيث لا يعظم معها شيئا من شعائر البشر مهما كانت، فالله تعالى يقول: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } وهذه الصفة من أهم ركائز تحقيق معنى لقب (المسلم). ولأنه لقب عظيم فقد توجه الأنبياء الصالحون إلى ربهم أن يمن عليهم بأن يحملوا هذا اللقب، والقرآن يشير إلى دعاء نبيين من أنبيائه بقولهما: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}، لأنهما يعلمان أن لقب (المسلم) لقب عظيم. ونحن نقتدي برسولنا صلى الله عليه وسلم فنحمد الله دائما ونشكره عز وجل على أن جعلنا (مسلمين) وهدانا إلى دين (الإسلام العظيم)، ونسأله الثبات على منهجه حتى نلقاه. هنا أتساءل، وأنتم معي تتساءلون: ما بال بعض أبناء المسلمين رجالا ونساء يتيهون في أوهام هذا العصر، وظلماته، فيظهرون علينا من خلال شاشات الفضائيات، أو من خلال كتاباتهم الصحفية وغير الصحفية، ويعلنون تفاخرهم الزائف بألقاب زائفة رخيصة مثل (ليبرالي)، و(علماني) و(يساري)، وغيرها من ألقاب الانحراف الغربي الذي لا يخفى على أحد، بل إن بعضهم يعدو قدره، ويتجاوز حده فيسخر من لقب (إسلامي) أو (مسلم) بصورة توحي بأنهم قد هبطوا إلى أودية الضلال هبوطا مخيفا، عجبا لمن يهرب من لقب (مسلم) إلى تلك الألقاب التي تدل على انحراف في الفكر والمنهج! اللهم إنا نسألك الثبات. إشارة:
أنا مسلم للكون في خلدي معنى فلا يأس ولا وجل |
|