منْ علَّم الطيْرَ أنَّ الوقْتَ قدْ حانا
لِكي يُردِّد أنْغاماً وألْحانا
منْ علَّم الرَّوضةَ الخضْراءَ بَسمتَها
منْ ألبسَ الرَّمْل يا قُوتا ومُرجانا
منْ جمَّعَ النَّاس مِنْ حضرٍ وباديةٍ
حتى تلاقَوا هُنا شِيباً وشُبانا
الحُبُّ والودُّ والإخلاصُ جمعَهمْ
يأيها الشيخُ تقْديراً وعِرفانا
لقدْ أتيْنا تُبارينا مشاعِرنا
قائِلةً مالَّذي ننْتظرُ الأنا
هيَّا هلُموا بأشْواقٍ مُعطرةٍ
وكَرِّموا شيْخنا المحبُوب عُثمانا
فَلِلمُربي وربِّي في جَوانِحنا
نهْرٌ مِن الحُبِّ يجري في حَنايَانا
أنْعمْ بِنجْمٍ علا عِلْماً ومعْرفةً
أكْرمْ بِشَيْخٍ سما فِكْراً ووجْدانا
مُعلِّمٌ عَلَمٌ في كفِّه قَلمٌ
يَنْسابُ كالجدْولِ الرَّقْراقِ ريَّانا
الصَّالحُ المُصْلِحُ المحْبوبُ منْ هتَفَتْ
لهُ القُلُوب فأحْياهَا وأحْيَانَا
إذا سألْناهُ عنْ شيءٍ تمَلّكَنا
حُسْنُ الجوابِ وإنْ يروْيهِ أشْجانا
سَحْبانُ وائِل أهْدى حُسْن مَنْطِقِه
لهُ وفَاخِرْ بِه في الشِّعْرِ حسَّانا
تُصْغي إليْه بإعْجابٍ جَوَارِحنا
ومَا حَسبْنا لِطُوْلِ الوقْتِ حُسْبانا
لكنهُ ما تخَلَّى عنْ تَواضُعِه
وإنْ أشدْنا بِهِ سِراً وإعْلانا
إنِّي أُحيِّيْكَ والأشْواقُ صَادِقةٌ
مُسْتلهِماً مِنْ (شروق الشوق) أوْزانا
وإنْ نَسِيتَ فَلنْ أنْسى مُقدِّمةً
سَوْفَ يَظلُّ بِها الدِّيوانُ مُزْدَانا
إذا سألْنا التَّلامِيذَ الذِيْنَ بِهمْ
يَعْتزُّ قالُوا: بِتَقْوى اللهِ أوْصَانا
ودَوْحةُ العِلْم مُنْذُ أنْ تَعَهدها
نَمتْ نُمواً يَفُوقُ الوَصْفَ تِبيانا
حتى إذا صَارَتِ الأغْصانُ مُزْهِرةً
تَضَوَّعَ العِطْرُ في أرْجاءِ دُنْيانا
لَقَد شَرِبْنا سِنِيناً مِنْ مَناهِلِه
عَذْباً وَمَا زالَ كأْسُ الحُبِّ مَلآنا
ذِكْراهُ في مَعْهدِ الأنْجال ماثِلةٌ
لِكُلِّ عيْنٍ حَباها اللهُ إنْسانا
قَلْبٌ كَبيرٌ وأفْقٌ لا حُدُودَ لهُ
وجَانِبٌ في سَبيل الحقِّ مَا لانا
خرَّجْتَ جِيلاً مِن الرُّوادِ فاحتَفَلتْ
مَسِيْرةُ الخير بالرُّوادِ فُرْسانا
تَسَلَّحوا بِسلاحِ العِلْم واتَّخذوا
معَ النُّجومِ التي في الجوِّ تِيْجانا
اتخذُوا فَوْقَ هامِ السُّحبِ أمْكنةً
وأصْبَحُوا لِلْعُلا والمجْدِ عنْوانا
حتَّى غَدَوا لِلْحِمى الغَالي وسَاكِنهِ
حَواجباً صَانَها البَاري وأجْفانَا
إنَّ المُربي إذا أدَّى رِسالتَهُ
أهْلٌ لِتكْريمنا شيْباً وشُبَّانا
إنَّ المُعلِّم إنْسانٌ سَما خُلُقاً
وجَلَّ قَدْراً وصَانَ العِلْم إيمانا
أكْرِم بِهِ مِشْعلاً أنْوارُهُ سَطَعتْ
مَرْحَى لهُ هَادياً أعْظمْ بِهِ شانا
عُصَارةُ الفِكْر لمْ يبْخَلْ بِها أبداً
وحَسْبُنا أنَّها أغْلى هدَايَانَا
حَيُّوا بَنِي وَطَني في السِّرِّ والعلَنِ
مَنْ رَفَعُوا لِصُروحِ العِلْم بُنْيَانا
قُولُوا مَعي بِلسانِ الحالِ تَهْنئةً
وَرَدِّدُوها زُرافاتٍ وَوِحْدانا
شُكْراً لِمَنْ يَبْذُلُ المجهُودَ مُحتَسباً
مَرْحَى لِمنْ يَجْعَلُ التَّعْليمَ مَجَّانا