Saturday 19th March,200511860العددالسبت 9 ,صفر 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

الإصلاح.. الواقع والحقيقةالإصلاح.. الواقع والحقيقة
مندل بن عبد الله القباع

تزعم دولة الكبر وغطرسة القوة أنها تدعو للإصلاح وأظنها تدعو للإصلاح السياسي، وتنأى بصلفها عن ديمومة الإصلاح الشامل الذي يطال كافة المناحي الاجتماعية والاقتصادية تحت مظلة الثقافة الشرعية السائدة في كل مجتمع على حدة فهو أساس ما لديها من عقيدة راسخة تحدد مناحي الحياة فيها باعتبارها أساس التشريع والتعامل الإجرائي بين الأفراد بعضهم البعض وبين الأفراد ومنظمات المجتمع وأنساقه فهي أوسع مدى مما تظنه دولة الهيمنة.. فالإصلاح لديها منظومة لها أبعاد مختلفة نذكر منها زعامة العالم باعتبارها القوة ذات البعد الواحد، منها ما تدّعي من فرض الحرية والديمقراطية على كافة دول العالم، منها إقامة القواعد العسكرية لتطويق العالم لإمكانية السيطرة عليه وفرض قيادات موالية، منها القضاء على أسلحة الدمار الشامل من كافة أنحاء العالم فيما عدا حلفاؤها في الغرب والشرق فهم يخضعون لقاعدة الاستثناء، منها فرض نظرية المطاوعة الاجتماعية لإرادتها واقعاً وحقيقة.. والخارج عن إطار هذا الواقع يلقى الأهوال في الاعتقال فما حدث في سجن (أبي غريب وجوانتنامو) من تعذيب يوضح ما تدّعيه هذه الدولة من الإصلاح الذي لا يقف عند حدّ الإصلاح السياسي، بل يتعداه إلى الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وفي أحوال خاصة الإصلاح الديني بما يسمح بحرية العقيدة زاعمة أن الدين يُسر لأمر فيه.. فتارة يدَّعي أن المرأة لم تحصل على حريتها كاملة ولم تشارك ولو بقدر في إحراز التقدم الذي ينشده المجتمع، وأن وضعها الاجتماعي يتراجع في ظل اللا حرية واللا ديمقراطية مما جعلها لا تستفيد من خطوات الإصلاح، مع الوضع في الاعتبار أن الإصلاح حلقات متصلة في منظومة واحدة فهي على خط متصل واحد لا يمكن أن يتجزأ بحيث يكون هذا إصلاحاً اقتصادياً منفرداً وذاك إصلاحاً اجتماعياً، ومن ثم فإصلاح سياسي يشمل الإجراءات الانتخابية بدءاً من الجداول ثم الدوائر ثم الترشيح ثم الانتخاب ثم تكوين مجلس يضم المنتخبين بإرادة صادقة من قِبل الناخبين وبتمثيل حقيقي.
ونحن سائرون بجد في عمليات الإصلاح بدليل النجاح الذي لاقته انتخابات البلديات المطالبة بالعمل على تحسين الخدمات وتطوير المؤسسات المدنية والجمعيات الأهلية وتأهيلها المهاري للمشاركة الفاعلة في عملية صنع القرار السياسي وتمكين هذه المؤسسات والجمعيات من التعبير عن مصالح أعضائها سواء في القطاع الرجالي أو النسائي.. وهذا هو عين الديمقراطية والحرية، ويقيناً أننا نسعى بخطى واسعة في هذا الاتجاه، وقد أحرزنا تقدماً هائلاً نستبينه في حياتنا سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.. والجدير بالذكر أننا حققنا رصيداً كبيراً من النجاح، ونلتفت حولنا لنجد مجتمعنا يتمتع بجهاز تعليمي مرموق وبنسق صحي متميز وبمشروعات عقارية ممتازة وبأجهزة خدمية على أعلى مستوى وبدخول أكبر واقتصاد أقوى وبرخاء أوفر وبممارسة قيادية رشيدة وكريمة تقدم سياسات وبرامج سليمة وتسمح بحرية التعبير سواء في مواقعها الوظيفية أو حتى في الصحافة وغيرها من وسائل إعلامية.
إن عملية الإصلاح على هذه الوتيرة هو الذي يأمله المواطنون، فهو الواقع والحقيقة إذ بات الإصلاح نظام حياتنا وهو ركيزة التحضر والتقدم في مجتمعنا الإنساني، ويجسده واقع الممارسات في حياتنا اليومية وصار واقعاً في الشخصية السعودية وأصبح مهيمناً على سلوكيات الفرد والجماعة.
ويتبادر لنا سؤال لماذا نردد كلمة الإصلاح؟
وهذا شأننا في الواقع والحقيقة حيث صعدنا درج الإصلاح لا نقول إلى نهايته.. ولكن صعدنا إلى درجة تفوق إلى حد ما ما لدى غيرنا من دول المنطقة.. الواقع في حالة الإصلاح هو العمل أو فعل الإصلاح أما الحقيقة فهي مضمون الإصلاح كيفاً وتجديداً.
وإن كان ذلك كذلك فما الذي يريدونه منا؟
هل هو أن نردد في وسائل الإعلام بين فينة وأخرى أننا ها نحن سائرون بخطى ثابتة نحو الإصلاح المنشود.. مزيداً من الإصلاح مستفيدين في ذلك بما تحقق من ثورة معلوماتية وعلومانية، وهذه الثورة هي واحدة من منجزات العولمة التحديثية في المفاهيم ومعايير التقويم.. أم أن نردد دوماً أننا ونحن نرتقي في سلم الإصلاح يحدونا الفكر والمعرفة والعلوم الحديثة وإبهار الفضائيات ونحن ندرك أن وسيلة الدعم الإصلاحي هي تطوير النسق التعليمي مطلق التعليم بمراحله المختلفة وإزاء ذلك فالأمر يحتاج إلى نظرة فاحصة لمناهج التعليم والعمل على تغيير ما يلزم منها خاصة تلك التي لم تعد تتوافق مع العلوم الحديثة، وكم هي كثر التي تتفق مع مستجدات العصر والتي تحض على التغيير لإتاحة الفرصة للتجديد كما يحتاج الأمر إلى الاهتمام بالبحث العلمي ومؤسساته وبالعلماء وتكوينهم وتطوير البحوث المتخصصة التي تواكب عصر الاستنساخ وزرع الجينات البشرية وتكنولوجيا زراعة الأعضاء والحكومة الإلكترونية ولعل هذا يعزز مطلبنا الدائم بضرورة إجراء عاجل لإعادة تقييم المناهج الدراسية وطرق تدريسها وبالتالي تطوير البحوث في الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه وربطها بمطالب الوحدات الخدمية والاقتصادية والأمنية مما يدفع لتنمية روح الابتكار والمقدرة على حل مشكلات المجتمع في المجالات المختلفة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved