يفيد التعليم المستمر في إكساب المتعلمين المهارات والمعارف التي يحتاجون إليها لمواجهة الأنماط الجديدة في الحياة الاجتماعية التي يتحرَّكون داخلها ويمكِّنهم من الاستجابة المناسبة للتغيُّرات والأدوار الجديدة في الواقع.. كما يفيدهم كذلك في الاعتزاز بالثقافة الخاصة بمعرفة ماضي الأمة وحاضرها وتوقعات مستقبلها المبنية على دراسات علمية موضوعية، ويصل بعد ذلك إلى إطلاعهم على منجزات الثقافات والحضارات الإنسانية وإمكان الاستفادة من خبرات الآخرين وعلومهم بتفاعلها مع الثقافة الذاتية والمجتمعية.. أتى ذلك في سياق دراسة حول التعليم المستمر وتنمية المجتمع، وأشارت إلى أن سلاح التنافس الرئيسي في القرن الحادي والعشرين، هو قوة العمل الماهرة، لذلك فلا بد من تنمية المهارات الفنية والمهنية والإدارية بشكل قابل للتصعيد الدائم في ضوء التقدم العلمي والتقني، وأن مشاركة الكبار بفعالية أكبر في التطوير الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعهم المحلي لا تتم إلا من خلال تحسين مستوى خبراتهم ومعارفهم لأنهم الأقرب إلى ميادين العمل، واتخاذ القرار في مختلف المستويات وفي كافة الأعمال.. ومن خلال التعليم المستمر يطّلع الناس على مشكلات بلادهم المتنوِّعة الزراعية والصناعية والتجارية والثقافية والبيئية والسكانية، ويتدربون على التفكير في طرائق حل هذه المشكلات ويكتسبون القدرة على المشاركة في البحث والاكتشاف والتفكير.. وبالإضافة إلى أن التعليم المستمر في الفئات المحرومة يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية، فهو أمر ضروري أيضاً من منظور التنمية الاقتصادية إذ إن هذه الفئات التي توجد غالباً في الريف، أو في أماكن التجمعات الأقل حظاً اقتصادياً واجتماعياً يمكنها أن تسهم في التنمية الاقتصادية عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد المحلية وللوصول إلى العمالة الكاملة ورفع مستويات الكفاية الإنتاجية وترشيد أنماط الاستهلاك، حتى المعوقون والمهمشون في المجتمع يجب أن يستفيدوا من برامج تعليمية خاصة بهم تمكِّنهم من الاندماج في المجتمع بشكل أفضل، وتمكِّنهم من الإنتاج وتنمي شعورهم بالانتماء المجتمعي والوطني، وتؤكد الدراسة على أن برامج التعليم المستمر لا يمكن أن تؤتي أُكلها إذا لم يلتفت إلى ضرورة العناية الخاصة بالنساء، فتعليم المرأة يُعد العنصر الأساسي في تحقيق المساواة الاجتماعية وتحسين العادات الاجتماعية من حيث الصحة وتخفيض معدلات وفيات الأطفال وتنظيم الإنجاب.. ولتعليم الكبيرات من النساء دور كبير في تنمية الثقة بأنفسهن وفي القدرة على تربية الأطفال تربية صحيحة وفي تقليص الهوة بين الجيلين في الأسرة وفي الجرأة على اتخاذ القرار كما يساعدهن هذا التعليم على المشاركة في العمل المنتج، وهو حق طبيعي لهن ولكامل المجتمع الذي ترتفع نسبة إنتاجيته. وبعمل المرأة تنمو شخصيتها وتتحقق مكانتها وتصبح قادرة على المشاركة في اتخاذ القرارات في مجالات الحياة المختلفة، كما تلبي حاجات الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية، فالتحسين الدائم للمستوى المعرفي للمواطنين هو السبيل إلى تحسين حياة الأمة جمعاء وإلى تمكينها من اللحاق بقطار التطور العلمي والاقتصادي والعالمي مع الحفاظ على هويتها القومية والإسلامية، وبالتالي هو طريق التنمية البشرية العربية وعلى الله الاتكال.
|