* الرياض - حازم الشرقاوي: توقع تقرير اقتصادي صادر عن مجموعة سامبا المالية أن تكون ميزانية السعودية عام 2005 متوازنة من حيث المصروفات والإيرادات عند مستوى 280 بليون ريال (74.7 بليون دولار) ويمثل ذلك بصورة عامة ارتفاعاً يبلغ 40 بالمائة فوق مستوى ميزانية عام 2004 وهي زيادة بأعلى مما شهدنا في الأعوام الأخيرة مما يهيء لأوضاع محفزة لأداء اقتصادي قوي عام 2005 لكنها رغم ذلك تظل ميزانية تعتمد على تقديرات متحفظة فيما يتعلق بالإيرادات النفطية. وأشار التقرير إلى أنه إذا بلغ سعر النفط 25 دولاراً للبرميل عام 2005 وبلغ متوسط إنتاجه 8.8 ملايين برميل في اليوم فمن شأن ذلك أن يستوفي تقديرات الميزانية رغم أن هذه التقديرات متحفظة في ضوء احتمالات أوضاع أسواق النفط لعام 2005 والتي من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام النفط السعودي 30 دولاراً للبرميل وأن يبلغ إنتاجها حوالي 9 ملايين برميل في اليوم. أما أولويات الانفاق عام 2005 فستذهب إلى قطاعات تنمية الموارد البشرية (التعليم) والتنمية الاجتماعية (وتشمل الرعاية الصحية والاجتماعية وشؤون العمال) وقد شهدت مخصصات هذه القطاعات ارتفاعاً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية وسوف يستمر هذا النمط عام 2005م مما يعكس التركيز الموجه حالياً على الارتقاء بالتعليم وتنمية المهارات المهنية مما يأتي منسجماً مع الاتجاهات السكانية وحاجيات العمالة. وعادة ما تساهم الإيرادات الحكومية غير النفطية بحوالي 45 بليون ريال إلى موارد الميزانية أو حوالي 20 بالمائة من مصادر مثل الدخل الاستثماري والضرائب والرسوم الجمركية الأخرى، ولم تشهد مبالغ الايرادات غير النفطية ولا مصادرها تغيراً يذكر لعدة سنوات ولا يبدو أن ذلك سيحدث في ميزانية عام 2005 باستثناء احتمال تحقيق عائدات أعلى من طرح بعض مؤسسات الدولة في عمليات اكتتاب عام أولي هذا العام وليس من المرجح أن يكون هناك أثر يذكر لأي ضرائب جديدة على ميزانية عام 2005م. ويتوقع التقرير أن يشهد عام 2005 أداء متميزاً آخر حيث إن معظم أنشطة القطاع الخاص مثل مشاريع البنية التحتية وأسواق المال لا تزال في مرحلة مبكرة من حشد قواها إضافة من المرجح أن ينعكس أثر الإيرادات النفطية المرتفعة عام 2004م بصورة أكبر على الاقتصاد خلال عام 2005 في ضوء تزايد الانفاق الحكومي. أما تقديراتنا الأولية بأداء الناتج الاجمالي الفعلي في عام 2005 يشير التقرير إلى نمو بمعدل 4.25 بالمائة وتضم هذه النسبة في طياتها 2 بالمائة من النمو في القطاع النفطي الذي لا نتوقع له أن يشهد نمواً في الانتاج هذا العام بل نشاطاً كبيراً في مجال تطوير حقول النفط من أجل زيادة الطاقة الانتاجية ايضاً يتوقع ان ينمو القطاع الخاص بمعدل 6 بالمائة عام 2005 متأثراً بأداء عام 2004 ومن شأن الانفاق الحكومي الأعلى رفع نمو الإنتاج الحكومي بمعدل 4 بالمائة كما يتضح من النقاش التالي. وأوضح التقرير أن الاقتصاد السعودي تمتع بأفضل عام من الاداء المتوازن في تاريخه في عام 2004 في ظل زخم قوي للقطاع النفطي صاحبه نمو كبير في معظم شرائح القطاع الخاص غير النفطي ولا يزال هذا الزخم في بداياته في مجالات عديدة تشمل مشاريع توسعة طاقات القطاع النفطي ومشاريع البتروكيمائيات وتوليد الطاقة الكهربائية ومشاريع المياه والتكرير الكبيرة ونشاط أسواق المال. لذا من المتوقع استمرار وتواصل هذا الأداء الرائع خلال عام 2005م. وقال التقرير: ولا يزال النفط يمثل مرتكزاً ودعامة للاقتصاد السعودي حيث بلغت عائدات المملكة من صادراته 106 بلايين دولار عام 2004 وهو أعلى مستوى تحققه في تاريخها يفوق كثيراً عائدات النفط للأعوام الخمسة السابقة البالغ 69 بليون دولار في المتوسط السنوي وقد نتج عن ذلك تحقيق فائض في ميزان الحساب الجاري بلغ 51.5 بليون دولار وفائض آخر في الموازنة العامة بلغ 98 بليون ريال (26.1 بليون دولار). وكان الأساس الذي ارتكز عليه الأداء القوي لأسواق النفط عام 2004 هو النمو العالمي الاستثنائي في الطلب على النفط والتراجع في الطاقة الانتاجية العالمية اضافة إلى مجموعة من المخاوف الأمنية والانقطاع الامدادات في مناطق الانتاج الرئيسية. وذكر التقرير لقد لجأت السعودية في ظل تلك الأوضاع إلى رفع انتاجها لسد الثغرة في امدادات المناطق الأخرى منتفعة من الاسعار القوية وقد بلغ متوسط أسعار الخام السعودي 35 دولاراً للبرميل عام 2005 بينما وضعت الدولة تقديرات ميزانية عام 2004 على أساس سعر متوسط يبلغ 19 دولاراً للبرميل حسب تقديرات سامبا وكان المتوسط السعري لخام غرب تكساس القياسي قد بلغ 41.33 دولاراً للبرميل لمجمل العام. ويبشر التقرير استمرار الأداء القوي للاقتصاد العالمي خلال عام 2005 وبالتالي استمرار النمو في الطلب على سلعة النفط إضافة إلى استمرار التوتر في مناطق الانتاج الرئيسية مثل العراق وروسيا يبشر بعام جيد آخر للإيرادات النفطية السعودية ومن المتوقع أن تراوح أسعار النفط السعودي عند مستوى 30 دولاراً للبرميل في المتوسط العام وان ينخفض الانتاج بصورة طفيفة عن مستوى عام 2004 البالغ 9 ملايين برميل في اليوم في المتوسط مما سيؤدي إلى تحقيق ايرادات أقل من صادرات النفط السعودي عام 2005 يبلغ 90 بليون دولار لكنها تظل ايرادات جيدة. وسوف تفوق هذه الايرادات كثيراً المتحفظة المستخدمة في صياغة الموازنة العامة للمملكة لعام 2005 وهي وضعت على أساس سعر 25 دولاراً للبرميل وسوف يؤدي ذلك بالتالي إلى تحقيق فوائض في الموازنة العامة وميزان الحساب الجاري وإلى دعم جهود الدولة لخفض مديونيتها والاستمرار في تعزيز الموجودات الاجنبية للحكومة. وقال التقرير: رغم الأوضاع الجيدة التي شهدتها صناعة النفط إلا أن كثيراً من النشاط الذي حفل به الاقتصاد السعودي خلال عام 2004 لم يكن مرتبطاً بالنفط فقد سجل القطاع الخاص غير النفطي نمواً 5.7 بالمائة وهو أعلى معدل له منذ عام 1982 الذي شهد آخر أعوام (الطفرة النفطية) حيث بلغ نمو القطاع الخاص غير النفطي حينها 6.3 بالمائة وجاء أفضل اداء في قطاعات الاتصالات والتصنيع غير النفطي والبناء والتشييد أما العوامل التي الهبت النمو غير النفطي عام 2004 فقد جاءت كما يلي: * تدني أسعار الفائدة: حيث انخفضت كلفة الاقتراض للأفراد والشركات وقد اعلنت وزارة المالية ان القروض المصرفية قد ارتفعت بواقع 26.3 بالمائة حتى اكتوبر مما ساهم في النمو غير التضخمي للمعروض النقدي (3) السنوي بواقع 19 بالمائة حتى نوفمبر. * المشاريع الرئيسية: أطلقت الاصلاحات الهيكلية وأسواق البتروكيميائيات المنتعشة وتحوير (مبادرة الغاز) التي طال التفاوض حولها أطلقت في صيف عام 2003 عدداً من المشاريع العملاقة في مجالات المياه والطاقة الكهربائية والبتروكيميائيات وقد دخل العمل في هذه المشاريع حيز التنفيذ في صيف عام 2004 وسوف يتسارع خلال عام 2005 والأعوام التالية. * الاتصالات: تحرير قطاع الاتصالات الذي تم منذ فترة ليست بالقصيرة نجم عنه هذا العام دخول شركة اتحاد الاتصالات الاماراتية للسوق السعودي من أجل بناء وتشغيل شبكة ثانية للهواتف النقالة جي اس ام وسوف تربو منصرفات الشركة في المملكة على المدى القصير على 4 بلايين دولار. * أسواق المال: عمليات الاكتتاب الأولى الموفقة لأسهم شركتي صحارى للبتروكيميائيات واتحاد الاتصالات بالتضافر مع مشروع هيئة سوق المال الجديدة في ممارسة مهامها عملت على دفع فوزة نشاط سوق الأسهم السعودية عام 2004 للعام السادس على التوالي وقد ارتفع السوق بواقع 58 بالمائة خلال عام 2004 في اعقاب تحقيقه مكاسب بلغت 76 بالمائة عام 2003م. * ومن المرجح لهذه الأوضاع التي تشمل ارتفاع ايرادات النفط والسياسة المالية المحفزة للنمو وانتعاش القطاع الخاص غير النفطي واسعار الفائدة المنخفضة ان تتواصل خلال عام 2005 ورغم أن أسعار النفط ستشهد نوعاً من الاعتدال إلا أن قوة دفع القطاع الخاص سوف تتزايد وتوقع التقرير أن يحقق القطاع النفطي معدل نمو فعلي يبلغ 2 بالمائة وأن يحقق القطاع الخاص غير النفطي نمواً يبلغ 6 بالمائة وأن ينمو نشاط القطاع الحكومي بمعدل 3 بالمائة مما يؤدي إلى تحقيق معدل نمو شامل في الناتج الاجمايل الفعلي يبلغ 4.25 خلال عام 2005م. وأكد التقرير أن أداء الاقتصاد السعودي جاء متميزاً عام 2004 حيث ارتفع نشاط القطاع النفطي إلى مستويات تاريخية بالتضافر مع أعلى درجة نمو يشهدها القطاع الخاص غير النفطي على مدى الأعوام الاثنين والعشرين الماضية وبالنظر إلى درجة عمق وتوازن ذلك الأداء بتنا على قناعة أن العام 2004 كان الأفضل على الاطلاق في تاريخ الاقتصاد السعودي وبالمقارنة فقد كانت الطفرة النفطية خلال الفترة 1974 - 1982 احادية الجانب إلى حد ما حيث جاء النمو حينها في معظمه من الانفاق الحكومي للايرادات النفطية التي استخدمت في ارساء البنية التحتية ثم جاءت فترة النمو المرتفع الثانية خلال الاعوام 1990 - 1991 بسبب اقتصاد الحرب أما في العام 2004 فقد ارتفعت الايردات النفطية بصورة استثنائية بحيث نتج عنها فائض كبير في الموازنة العامة وفي ميزان الحساب الجاري وارتفع معدل النمو في الناتج الاجمالي وظل التضخم ساكناً وشهد سوق الأسهم ارتفاعاً كبيراً وتواصل أداء سوق العقار القوي بينما تمتع القطاع الخاص بعام طيب على كافة الأصعدة. أما العوامل التي حفزت النمو عام 2004 فقد كانت أكثر تعدداً مقارنة بفترات النمو السابقة حيث شملت قوة نمو الطلب على النفط الذي من المرجح استمراره وبالتالي زيادة شهية العالم على النفط السعودي بصورة مستدامة وعلى الصعد الداخلية فقد بدأت الاصلاحات التي اجريت على مدى الاعوام العديدة الماضية تنعكس الآن على القطاع الخاص غير النفطي في هيئة نمو أعلى وتعزز الطبيعة الهيكلية للنمو العالمي في عام 2004 من ثقتنا ان العام 2005 وربما الأعوام التالية ستشهد أداء اقتصاديا ًقوياً في المملكة. وذكر التقرير لقد ساهمت اسواق النفط القوية في تشكيل الملامح التجارية الجيدة للسعودية عام 2004 حيث تمتعت المملكة بفائض في الحساب الجاري للعام السادس على التوالي والأكبر في تاريخها بلغ 51.5 بليون دولار وعادة ما تستورد حوالي الثلث فقط من قيمة صادراتها فيما يتعلق بتجارتها السلعية وحسب البيانات الأولية لعام 2004 فقد بلغت صادرات المملكة 120 بليون دولار ونقدر أن قيمة الواردات من السلع بلغت حوالي 38 بليون دولار وتعمل التدفقات النقدية المعتادة إلى الخارج في هيئة تحويلات العمالة الاجنبية والسعوديين والتي نقدر انها بلغت 15 بليون دولار عام 2004 اضافة إلى المشتريات الحكومية من الخدمات من الخارج تعمل على خفض الفائض التجاري السلعي لحد ما. ويتوقع التقرير ان تخفض عوائد صادرات النفط والبتروكيميائيات لحد ما عام 2005 مما يؤدي إلى تراجع الميزان التجاري السلعي إلى 63 بليون دولار مقابل 82 بليون دولار عام 2004 وفي ضوء بقاء الخدمات والتحويلات عند نفس مستوياتها تقريباً عام 2005 نتوقع أن يحقق الحساب الجاري فائضاً يبلغ 30.7 بليون دولار. وقال التقرير لا تزال الولايات المتحدة تمثل أكبر مصدر للواردات السعودية تليها اليابان ثم المانيا وقد ارتفع حجم الواردات من الولايات المتحدة بواقع 5 بالمائة عام 2003 بعد تراجعها لعدد من السنوات وبما أن اجمالي الواردات السعودية قد ارتفع بمعدل 14.4 بالمائة فمعنى ذلك أن الولايات المتحدة استمرت في فقدان حصتها السوقية في المملكة وبالمثل شهدت اليابان والمملكة المتحدة زيادة في حجم صادراتهما إلى السعودية وخسارة في الحصة السوقية. ورغم الارتفاع الحاد في سعر صرف اليورو عام 2003 الذي من شأنه زيادة تكلفة استيراد السلع الأوروبية إلا ان الواردات السعودية من ألمانيا ارتفعت بمعدل 20.6 بالمائة. وأشار إلى أنه يظل التحول الرئيسي هو تحقيق الصين مكاسب قوية في الحصة السوقية، يحث انتقلت من مركز سابع أكبر مصدر للواردات السعودية عام 2000 إلى المركز الرابع عام 2003 (متعادلة مع المملكة المتحدة) بزيادة في حجم وارداتها بلغ 26.6 بالمائة بين 2002 و 2003 ونرجع استمرار هذا النمط عام 2004 مما يعزز مركز الصين كرابع أكبر مصدر للواردات السعودية وقد تكرر نفس النمط فيما يتعلق بصادرات السعودية إلى الصين خصوصاً في ضوء انفتاح شهيتها للنفط وبصورة كبيرة حيث اصبحت الصين الآن أحد أهم مشتري النفط السعودي ونتوقع أن تكون قد احتلت مركز خامس أكبر مستورد للنفط السعودي عام 2004 بعد الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية والهند. وعلى الرغم من عدم استيرادها أي نفط قبل عقد واحد فقط من الزمان تخطت الصين الآن اليابان وأضحت ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة.
|