* نيويورك - طارق عبدالغفار - أ ش أ: بات العجز التجارى الامريكي الذي ارتفع الى أعلى مستوى له خلال 220 عاما /617.7 مليار دولار عام 2004 حجر عثرة أمام الجهود الرامية الى زيادة معدل الناتج المحلي الاجمالي الامريكي والعالمي العام الحالي. ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون ان ارتفاع العجز التجاري الأمريكي الى معدلات قياسية للعام الثالث على التوالي يقوض احتمالات تحقيق معدلات نمو ملحوظة العام الحالي رغم التراجع الحاد في قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى. وتشير الاحصائيات الى ان معدل العجز التجاري الامريكي زاد ال5.3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي العام الحالي. وبلغ أعلى عجز تجاري حققته الولايات المتحدة قبل حكم الرئيس جورج بوش 151.7 مليار دولار حوالي 3.1 في المائة - عام 1987وأوضحت وزارة التجارة الأمريكية أن العجز التجاري ارتفع العام الماضي مقارنة بالعام السابق عليه بنحو 24.4 في المائة العام الحالي نتيجة الارتفاع القياسي لأسعار النفط وزيادة العجز التجاري مع الصين بنسبة 30.5 في المائة ليصل الى 162 مليار دولار. وانخفض العجز التجاري في ديسمبر الماضي بنسبة 4.9 في المائة ليصل الى 56.4 مليار دولار مقابل 59.3 مليار دولار في نوفمبر الماضي. ويركز الديموقراطيون على العجز المتزايد في الميزان التجاري للتدليل على فشل سياسة الرئيس بوش المتعلقة بابرام المزيد من الاتفاقيات التجارية مع عدد كبير من دول العالم. ويرى الديموقراطيون ان الاتفاقيات التجارية التي وقعتها ادارة بوش مع العديد من دول العالم أدت الى خسارة سوق العمالة في الولايات المتحدة لنحو 2.7 مليون وظيفة خلال السنوات الاربع الماضية وهو ما يعكس الممارسات التجارية غير العادلة من جانب الصين وشركاء واشنطن التجاريين. وأشار السيناتور برون دورجان - ديموقراطي - الى ان الارتفاع القياسي للعجز التجاري العام الماضي يعتبر تدميرا للاقتصاد الأمريكي بينما قدم كل من السيناتور الديموقراطي هيلاري كلينتون والسيناتور بن كاردن تشريعا لمجلس الشيوخ يلزم الادارة الامريكية بتطبيق خطة طواريء في أي وقت يتجاوز فيه معدل العجز التجاري حاجز الخمسة في المائة من الناتج المحلي الاجمالي. ويبرر الجمهوريون الارتفاع الملحوظ في العجز التجاري الى ارتفاع اسعار النفط في السوق الدولية مشيرين الى ان العجز التجاري لا يعكس فقط الزيادة في كميات النفط المستوردة بل الارتفاع القياسي في أسعاره أيضا. وتشير الاحصائيات الى ان معدل الصادرات الامريكية ارتفع عام 2004 بنحو 12.3 في المائة ليصل الى 1.146 تريليون دولار - حجم الزيادة بلغت 125.6 مليار دولار - نتيجة انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى وهو ما وفر ميزة تنافسية للصادرات الامريكية في الاسواق الدولية. وارتفع معدل الواردات الامريكية العام الماضي بنسبة 16.3 في المائة ليصل الى 1.746 تريليون دولار. ويمثل تراجع الدولار الامريكي - الذي فقد حوالي 25 في المائة من قيمته أمام العملات الرئيسية الأخرى خلال السنوات الثلاث الماضية - مقابل اليورو والين الياباني فرصة مواتية لواشنطن لزيادة صادراتها وخفض معدلات العجز التجاري المتزايد فيها 0 ويرى محللون ان واشنطن لا تبدي حماسا كافيا بشأن الاستجابة للمطالب الاوروبية في ضوء استفادة صادراتها من تراجع الدولار. وقال المحلل الاقتصادي الامريكي بيتر موريتشي ان واشنطن لا تبذل جهودا كافية للسيطرة على العجز في الموازنة والميزان التجاري مما ينعكس سلبا على النمو في منطقة اليورو ودول جنوب شرق آسيا. وأشار معهد الدراسات الاقتصادية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له الى أن تخفيض معدلات العجز التجاري المتزايد في الولايات المتحدة يستلزم مزيدا من التخفيض لقيمة الدولار أمام عملات شركاء واشنطن التجاريين . وأوضح الاقتصادي فريد فرجشتين أن معدل الانخفاض الحالي للدولار سوف يدعم الصادرات الأمريكية بشكل جزئي الا انه لن يوفر زخما قويا للشركات الامريكية على المدى الطويل في حال عدم حدوث هبوط حاد في قيمة الدولار خلال الاشهر القادمة . وأضاف ان العجز التجاري المتزايد بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين يهدد نمو الناتج المحلي الاجمالي الأمريكي ويقلص معدل ثقة المستهلكين الامريكيين حيث يمثل الانفاق الاستهلاكي نحو ثلثي حجم الناتج المحلي الاجمالي الامريكي البالغ حجمه عشرة تريليونات دولار. ورغم تراجع أسعار النفط في السوق الدولية أثارت توقعات عدد كبير من المحللين والمؤسسات الاقتصادية الدولية المتعلقة باحتمال زيادة معدل الفائدة في الولايات المتحدة لتتراوح ما بين 3.5 الى 4 في المائة في نهاية عام 2005 المخاوف من تدني معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في العالم وتأثر أسواق المال الأمريكية والدولية بالتداعيات السلبية لرفع معدل الفائدة. ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون ان بنك الاحتياط الفيدرالي الامريكي الذي رفع معدل الفائدة بنحو ربع نقطة مئوية موخرا لتصل الى 2.5 في المائة لم يستبعد زيادة الفائدة مرات عديدة خلال اجتماعاته القادمة للسيطرة على معدلات التضخم وزيادة مستويات الادخار التي وصلت الى معدلات متدنية خلال العامين الماضيين نتيجة انخفاض معدلات الفائدة الى ادنى مستوياتها خلال السنوات الاربعين الماضية . وأوضح المحلل الاقتصادي دافيد بيرسون ان تحسن موشرات سوق العمل الامريكية والخوف من احتمال ارتفاع معدل التضخم سوف يدفعان بنك الاحتياط الفيدرالي الى زيادة معدل الفائدة أكثر من مرة خلال عام 2005 وتوقع المحلل الاقتصادي كين كيم ارتفاع معدل الفائدة في الولايات المتحدة الى ثلاثة في المائة في منتصف العام و3.5 في المائة في نهاية عام 2005 للسيطرة على معدلات التضخم0 وأشار الى أن مستويات الأسعار سوف تشهد ارتفاعا خلال العام الحالي حيث سيتؤدي الزيادة في معدلات النمو الى ارتفاع في الاسعار الا ان المنافسة الحادة بين الشركات سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها سوف تؤدي الى تقليص تلك الزيادة في الاسعار. ورغم الانخفاض الحاد في قيمة الدولار وتراجع ضغوط أسعار النفط تتزايد التوقعات بتباطؤ نمو الناتج المحلي الاجمالي الامريكي خلال عام 2005 ويري محللون أمريكيون ان رفع معدلات الفائدة والحاجة الى اجراء مزيد من التخفيضات الضريبية وتذبذب أسعار النفط سوف تبطيء من معدل نمو الاقتصاد الامريكي العام الحالي مقارنة بعام 2004 وأشار المحلل مارك زاندي الى أن المستهلك الأمريكي لم يشعر بالتحسن الاقتصادي رغم تحقيق معدل نمو بلغ نحو 4.5 في المائة عام 2004 الذي اتسم بتذبذب معدلات الانفاق الاستهلاكي بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وعدم توفر وظائف كافية في السوق الامريكية موضحا ان موشرات سوق العمل العام الحالي سوف تكون الافضل منذ عام 2000 وتوقع الاتحاد القومي للمحللين الاقتصاديين الامريكيين توفير نحو 2.2 مليون وظيفة عام 2005 وهو ما سوف يؤدي الى انخفاض معدل البطالة من 5.4 في المائة في نهاية عام 2004 إلى خمسة في المائة بحلول نهاية العام الحالي ط واضاف ان العاطلين الامريكيين خاصة الذين فقدوا الامل في الحصول على وظائف سوف يبحثون عن فرص عمل العام الجديد مدفوعين بالتقارير المتعلقة باحتمالات تقلص معدل البطالة الى 5 في المائة. وأشار الى ان عددا كبيرا من العاملين الامريكيين سوف يسعون الى الحصول على وظائف ذات أجور عالية. وأوضح محللون في مؤسسة جلوبال انسايت الامريكية ان الناتج المحلي الاجمالي الامريكي سوف ينمو بنحو 3.5 في المائة عام 2005 مقابل 4.5 في المائة العام الماضي. وتوقعوا تراجع معدلات الانفاق الاستهلاكي نتيجة تلاشي الزخم الذي وفرته التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس بوش خلال فترة ولايته الاولى التي بلغت حوالي 1.2 تريليون دولار علاوة على اتجاه بنك الاحتياط الى رفع معدل الفائدة ط الا انهم اشاروا في الوقت نفسه الى ان معدل النمو سوف يصل الى 3.4 في المائة عام 2006و 3.1 في المائة عام 2005 ومن ناحية أخرى توقعت موسسة جلوبال انسايت ثبات معدل التضخم عند حدود 2.1 في المائة عام 2005 حال استقرار اسعار النفط ط الا انها اشارت الى ان توقعاتها تلك ترتكز بصفة اساسية على عدم حدوث عمليات ارهابية في الدول المصدرة للنفط خاصة في الشرق الاوسط0 وأوضح المحلل الامريكي كارك تانينبم الى أن معدلات التضخم سوف تشهد ارتفاعا قياسيا حال زيادة اسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل مما سوف يؤدي الى نتائج سلبية تنعكس على الاقتصاد الامريكي في مقدمتها تراجع ملحوظ في معدلات الانفاق الاستهلاكي وارتفاع كبير في معدلات الفائدة لاحتواء الزيادة في معدل التضخم.
|