إن الإسلام دين مؤثر بذاته، وهو الدين الذي ارتضاه الله لكافة الثقلين.. وإن من صور التشويه التي تطال الإسلام بين وقت وآخر ليست بيد أعداء الدين فحسب بل هناك من ينال من هذا الدين من أبناء جلدته والله المستعان. ولعل من أبرز العوامل التي ينشأ عنها تشويه صورة الإسلام عند أبنائه أولاً وعند الآخرين ثانيا هي تلك الممارسات غيرالمبررة من بعض المنتسبين له من عمليات العنف والإفساد. والمملكة ممثلة بحكومتها المسددة ترعى هذه الأيام مؤتمراً دولياً عن الإرهاب والموقف منه، وحتماً أنه ستناقش ضمن جلساته صور الإرهاب بأنواعه الفكري والمسلح مع بيان جذوره التأريخية وصنوف التطرف بصنفيه الغالي والجافي. وتبرز مع أهمية بيان الموقف الرسمي والشعبي من الإرهاب أهمية تقديم الإسلام بصورته النقية الواضحة كما جاء بها الصادق المصدوق- صلى الله عليه وآله وسلم- بعيداً عن صور العنف والتطرف، وخصوصاً أن هذا المؤتمر يتصف بالصفة الدولية، وسيحضره عدد من الوفود من شتى أقطار العالم وسيحظى قطعاً بتغطية إعلامية مميزة. يقول سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في أحد المؤتمرات: (العالم كله في أشد الحاجة إلى بيان دين الله وإظهار محاسنه وبيان حقيقته، والله لو عرفه العالم على حقيقته لدخلوا فيه أفواجاً اليوم كما دخلوا فيه أفواجاً بعدما فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام) (مجموع الفتاوى 3 - 338). وقد مضى على هذا القسم بالله تعالى قرابة ثمانية وعشرين عاماً!! فهو بهذا يقدم افتراضاً أن دخول الناس أفواجاً لهذا الدين والقناعة به مترتب على أمر مهم هو أن يبلغهم هذا الدين على حقيقته، وبمفهوم المخالفة أن سبب إعراض البعض من غير المسلمين عن الإسلام هو أن الصورة الذهنية التي تصلهم عن هذا الدين إما أن تكون ناقصة أو مشوشة، وفي حال معرفتهم الدين الإسلامي على حقيقته فإنهم سيدخلون فيه أفواجاً لأنه ليس دين العرب فحسب!! ونعلم جميعاً من خلال الاطلاع على كتب السير أن النبي- صلى الله عليه وسلم- وبعد صلح الحديبية - الذي كان فيه عدد المسلمين لا يتجاوز ألفا وأربع مائة من الصحابة! - قدم إلى مكة في حجة الوداع - في غضون سنتين - ومعه ما يربو على مائة ألف من المسلمين المستجيبين لدعوة الإسلام!! إنه المناخ الملائم لانتشار دين الاسلام مناخ الأمن والتفرغ للدعوة بالحسنى!! ولأجل هذا كم كان هذا الإمام يحمل من الهم لأجل هذا الدين، يحمله بالدعوة الصادقة والمنهج السليم مع بيان محاسن هذا الدين بصورته الجلية الواضحة وكان يحلم فألاً مشرقا لنصرة هذا الدين والتمكين له. رحم الله شيخنا ابن باز وأسبغ عليه شآبيب الرضوان، فقد تذكرت عندما قرأت مقالة هذا الإمام قول المصطفى الحبيب- صلى الله عليه وسلم-: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) الإمام البخاري 2595. ومع المسؤولية العظمى الملقاة على أصحاب القرار من حملة هذا الدين هناك المسؤولية الملقاة على الأفراد والجمعيات بشتى صنوفها، في بذل قصارى الجهد في بيان هذا النور والهدى بالأسلوب الحسن. نعم نحن نشهد واقعاً ملموساً بتأثر الكثير بهذا الدين والرغبة فيه عن قناعة. والمطلع يرى أن هناك جهوداً رسمية مثمرة مشكورة تبذل في هذا المجال تؤتي أكلها بين وقت وآخر، غير أن هناك جهودا أخرى مثمرة يقوم بها أفراد بصورة شخصية تحتاج إلى تقويم ومساندة يستفيدون في كل ذلك مما وفرته التقنية الحديثة من سهولة التواصل مع الآلاف بسرعة متناهية وكلفة ميسرة. إذن فمسؤوليتنا تتركز باستثمار هذا المؤتمر في بيان حقيقة الدين الإسلامي النقي مع التأكيد على الوقوف ضد الإرهاب في كافة صنوفه. إنها رسالتنا جميعاً على كافة الأصعدة في الحفاظ على أمن مجتمعاتنا وتوفير البيئة الصالحة التي استخلفنا الله بها لعمارتها على النحو المثمر الرشيد.
عضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية
|